عودة “الأخضر” .. تجدد مخاوف الإصلاحيين من التزوير

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

الحقيقة، أن المرشد يجسد مؤسسة النظام الحاكم في إيران، لكنه لا يتحكم في نتيجة الإنتخابات الإيرانية، وإن كانت هناك قاعدة عريضة من المجذوبين يراقبون إشاراته ومواقفه، وهو ما لا يظهره المرشد صراحة، وإنما يعبر عنه عبر وكلاء وإشارات.

وبذلك لا يمكن التنبؤ بشكل قاطع بمن يفوز في الإنتخابات الرئاسية في إيران، وإلا كنا نقول على طول الخط بأن الفائز هو الشخص المقرب من المرشد، وإلا أيضًا انتهت مهمة مجلس صيانة الدستور الذي هو عين الرقيب على المرشحين.

الانقلاب على الأخضر

تظل انتخابات الرئاسة الإيرانية في العام 2009م، تخيم بظلالها على وجوه الإيرانيين. في تلك الإنتخابات لم يكن يتوقع أحد أن ينجح الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد بالفوز بولاية ثانية، كانت الاتجاهات تقول أن الفوز في صالح زعيم تيار الحركة الخضراء الإصلاحية مير حسين موسوي المدعوم من الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي.

كانت خسارة موسوي صدمة للتيار الإصلاحي في إيران، وبعدها خرجت التظاهرات العارمة باسم الحركة الخضراء، وتشكلت حركة “أين صوتي؟”، واتهم النظام موسوي وأنصاره بالمخربين وبتيار الفتنة، وتذرع النظام بأن أجهزة استخبارات غربية تلاعبت بالإصلاحيين عبر الفضاء الإليكتروني وعبر وسائل الإتصال والقنوات الموجهة.

ومنذ ذلك اليوم، ومازال النظام في كل أجنحته يكرر كلمة “تيار الفتنة”، ومازال مير حسين موسوي يقبع بين جدران الإقامة الجبرية، وداعمه محمد خاتمي محرم عليه الظهور في الإعلام. وبدأت الأنظار تتجه للحرس الثوري الذي بات يتحكم في إدارة مقاليد الحكم إلى جانب المرشد الأعلى، حيث بات الحرس يتمتع بصلاحيات وقدرات عسكرية وإقتصادية هائلة، لعبت الصراعات الخارجية في المنطقة العربية دورًا في تضخم هذا الوحش.

تجدد المخاوف

واليوم، تنتاب الناخب الإيراني المخاوف من تكرار أحداث إنتخابات العام 2009م، فاستطلاعات الرأي تشير إلى تقدم الرئيس المعتدل حسن روحاني (زعيم تيار الأمل ورئيس إيران) على منافسه الأبرز والمحافظ إبراهيم رئيسي (سادن الروضة الرضوية والمرشح لخلافة المرشد خامنئي) بنسبة 65% لصالح روحاني، فعملية التصويت خارج إيران تشير إلى تقدم روحاني.

وفي الداخل الإيراني، يقوم تيار روحاني الذي يرفع شعار بنفسج الأمل وهو ما تفتح من الحركة الأخضراء بالحذر من تكرار إنتخابات 2009م، فيقومون بالتواجد بشكل مكثف في الميادين وفي لجان الإقتراع للتأكيد على حجم التأييد الكبير الذي يحظى به روحاني.

بل وصل الأمر إلى أن عقد روحاني لقاءه الجماهيري الأخير في نفس بلدة منافسه إبراهيم رئيسي ليظهر للشعب الإيراني الدعم الكبير الذي يجده في المدينة الدينية “مشهد” التي هي عقر دار رئيسي. كما أن الشعب الإيراني يتمتع بقاعدة كبيرة من عدد الشباب الداعم للتغيير. والأقليات بكافة أطيافها العرقية والدينية تدعم روحاني بقوة خشية من صعود وجه متشدد يضر بمكاسبهم في ظل حكومة روحاني.

إذن، لماذا الخوف من تكرار الأزمة؟

يخاف الإيرانيون من قيام النظام بعملية تزوير تقضى على التيار الإصلاحي بعد المكاسب التي حققها في ظل حكومة روحاني خلال ولايته الأولى، والتي أقلقت المحافظين على سلطاتهم.

كما يقلقون من الحرس الثوري الذي يقلق من سياسة روحاني الاقتصادية التي تهدد أملاكهم وبسط يديهم على قطاعات اقتصادية واسعة في ظل توجه روحاني لدعم الاقتصاد المنفتح والخصخصة.

ويقلق الإصلاحيون أيضًا من المرشح رئيسي الذي يدغدغ مشاعر الفقراء وسكان المناطق المحرومة في القرى والمناطق النائية بخطاب شعبوي يتحدث عن الدعم والإسكان والبطالة، ويتحدث أمام المحافظين والحرس الثوري عن سلبيات الإتفاق النووي وعدم تأثيره بالشكل الكبير على الإقتصاد الإيراني، ويظهر قلقه على مكانة إيران والمخاطر التي تهدد مصالحها القومية في ظل صعود التيار الشعبوي في أمريكا والغرب والخطاب الناري المتصاعد من إسرائيل والمنطقة العربية تجاه إيران.

فالمرشح رئيسي يستخدم نفس شعارات حكومة احمدي نجاد التي استطاعت بالفعل أن تحافظ على قاعدة جماهيرية كبيرة من خلال الخطاب الشعبوي الذي يرسم صورة الرئيس الشعبي الخادم للشعب.

رغم أن المحافظين منقسمين على أنفسهم على عكس الإصلاحيين، وهو ما تظهره الصحافة الإيرانية كأهم أداة تدل على هذا المشهد، إلا أن غياب شخصية معتدلة ومقربة من المرشد مثل شخصية هاشمي رفسنجاني الأب الروحي للمعتدلين وللرئيس الحالي حسن روحاني، وعودة ظهور الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي كأب روحي لتيار البنفسج وكذلك عودة تردد اسم التيار الأخضر في الحياة السياسية يُقلق الإصلاحيين من غدر المحافظين، وإن كانت الصورة الآن تبدو في صالح مرشحهم حسن روحاني.

ربما يعجبك أيضا