“قمة السبع” تزيد من حدة الانشقاقات بين ضفتي الأطلسي

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

الخلافات مابين ضفتي الأطلسي مازالت قائمة، رغم  جولة ترامب الطويلة إلى أوروبا وحضوره قمة الناتو في بروكسل وكذلك قمة الدول السبع، التي ناقشت جملة قضايا هامة: الدفاع والتجارة ومكافحة الإرهاب والمناخ والهجرة.

انطلقت في جزيرة صقيلية الإيطالية يوم 26 مايو 2017، قمة الدول السبع بحضور الرئيس الأمريكي ترامب إلى جانب قادة الاقتصادات الكبرى في أول قمة لمجموعة الدول الصناعية السبع تُجرى في عهده.  وناقش الزعماء قضايا السياسة الخارجية والأمن، وخيم  على الاجتماعات تفجير مانشستر الإرهابي. وتضم مجموعة السبع الكبرى كلا من كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا والولايات المتحدة، مع حضور ممثل للاتحاد الأوروبي.

وكان ترامب هدد خلال حملته الانتخابية بفرض ضرائب جمركية ردا على وجود فائض تجاري هائل لألمانيا مع الولايات المتحدة، وقال إن برلين مدينة “بمبالغ مالية كبيرة” للولايات المتحدة والناتو.

أهم الموضوعات التي تناولتها القمة

ـ مكافحة الإرهاب: تصدر موضوع مكافحة الإرهاب أعمال قمة السبع مثلما تصدر أعمال قمة الناتو في بروكسل الذي عقد قبل هذه القمة بيومين فقط. خاصة أن القمة جائت في أعقاب تعرض بريطانيا، مدينة مانشستر إلى عمل إرهابي  بتفجير انتحاري عند قاعة “أرينا”. وكان هناك اتفاق على بيان حول مكافحة الإرهاب  شمل أمريكا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان.

ـ المناخ: فشل قادة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى G7 فى الاتفاق على بيان موحد حول تغير المناخ. وأكد ستة اعضاء فقط من قادة العالم التزامهم مجددا باتفاق باريس، والذي يعد أول اتفاقية شاملة في العالم تهدف إلى الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة. وكان ترامب قد هدد من قبل بالانسحاب من اتفاقية التغير المناخي، ورفض أيضا القبول بفكرة الاحتباس الحراري واعتبرها “خدعة”.وقال : ان الولايات المتحدة “بصدد مراجعة سياساتها حول تغير المناخ واتفاق باريس وبالتالي فهي ليست في وضع يسمح لها بالانضمام إلى التوافق حول هذه الموضوعات”.

ـ التجارة: كانت الدول السبع ان شددت من قبل في اجتماع اليابان وقمة باريس، على ضرورة تجنب الحمائية التجارية ومحاربتها، وبالتأكيد ذلك يشمل الملاذات الضريبية.

ـ الهجرة: شارك زعماء من تونس وكينيا وإثيوبيا والنيجر ونيجيريا فى المناقشات التى جرت فى بلدة تاورمينا الصقلية، وتحرص إيطاليا على تشجيع الدول الغنية على دعم الدول الأفريقية وتنمية اقتصاداتها، ما سيقلل عدد الشباب الذي قد يرغب في المخاطرة والهجرة إلى أوروبا.

النتائج:

ـ  من المتوقع ان تشهد الدول الست خلافا حادا مع ادارة ترامب، بالتخلي عن اتفاقات تجارية سابقة خاصة مع المانيا ودول اخرى، وهذا مايزيد حالة الانشقاق والفجوة بين ضفتي الاطلسي.

المشكلة تكمن في موضوع تراجع الولايات المتحدة عن موضوع اتفاقياتها التحارية، وهذا ما انعكس في تصريحات ضد المانيا، بقوله أن الألمان “سيئون للغاية” فيما يتعلق بصادرات السيارات إلى الولايات المتحدة. وقوله ما يعنيه الرئيس بتجارة حرة ومفتوحة هو أننا سنتعامل معكم بنفس الطريقة التي تتعاملون به معنا، أي أنه إذا لم تفرضوا حواجز على التجارة أو لن تفرضوا رسوما، فلن نفرض رسوما.

ـ ان حضور ترامب وتعليقاته داخل قمة السبع في صقلية، يعكس عدم اهتمامه بالعلاقة مع اوروبا، في الوقت الذي يطلب فيها ترامب مشاركة اوروبا بالانفاق العسكري، وهذا ما كرره داخل قمة السبع بعد قمة الناتو في بروكسل، فانه رفض مناقشة او طرح موضوع الهجرة غير الشرعية الى اوروبا خاصة عبر ليبيا،  بل ذهب ابعد من ذلك بانتقاد اوروبا في موضوعات اللاجئين والهجرة.

ـ الدول السبع ممكن ان تجتمع او تتوافق على موضوعات مكافحة الارهاب، كونه قاسم مشترك بين جميع الدول، اقليميا ودوليا، وهذا ماكان واضحا بجميع المحافل الدولية والاقليمية ابرزها، قمة  الناتو في بروكسل مايو 2017.  يذكر ان الاتحاد الأوروبي وامريكا وقعتا اتفاقية جديدة لحماية البيانات تعرف باسم “درع الخصوصية الأوروبية الأمريكية” خلال عام 2016، لتكون بديلا عن اتفاقية “الملاذ الآمن للبيانات”، التي قضت محكمة العدل الأوروبية ببطلانها عام 2015.

وتشارك امريكا اوروبا وخاصة دول الاتحاد الاوروبي، باجتماعات في المانيا من خلال اجتماعات متعددة الى مسؤولون في الاتحاد الاوروبي مع وزارة الدفاع الامريكية والمركز الوطني الامريكي لمكافحة الارهاب من خلال قيادة القوات الامريكية في المانيا. ويتبنى الاتحاد الأوروبي تعاونا امنيا مع  الولايات المتحدة لتبادل المعلومات  حول المسافرين جوا.

ـ تبقى مشكلة المناخ و انبعاثات غازات الدفيئة ، هي المشكلة الاخرى التي لم تحسم خلال قمة السبع، فالدول الست واجهت رفض ترامب، الى درجة بان ادارة ترامب، لم تحسم موقفها من هذه القضية، والتي بقيت معلقة بحجة المراجعة.

جوانب الخلاف والاختلافات مابين ادارة ترامب والدول الست في قمة السبع سوف تظهر اكثر، خاصة مع المانيا وفرنسا وايطاليا، وهذا يعني ان الدول الاوروبية، ربما سوف لا تعول كثيرا على ادارة ترامب والاتفاقات مع الولايات المتحدة، وهذا ممكن ان ينزع اهمية انعقاد مثل هذا النوع من الاجتماع وفرط عقد التحالفات الدولية مع امريكا، خلال حكم ترامب، في موضوعات التجارة والمناخ وبدون شكل ممكن ان ينسحب ذلك لاحقا حول قضايا مكافحة الارهاب.

*باحث في قضايا افرهاب والاستخبارات
 
 

ربما يعجبك أيضا