محمد الراوي.. مفكر حالم بالوحدة العربية

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

بوجهه السمح وأراءه الحازمة كان يطل علينا الدكتور محمد الراوي، عبر الشاشة الفضية، طيلة سنوات، حتى وافته المنيه صباح اليوم عن عمر يناهز الـ 89 عامًا.

شائعات كثيرة ارتبطت بوفاته، بعد تراجع ظهوره في وسائل الإعلام، كان آخرها نهاية نوفمبر من العام الماضي، إلا أن هيئة كبار العلماء نفت ذلك وأكدت أنه بصحة جيدة.

وأعلن الأزهر الشريف صباح اليوم، وفاته، وتقدَّم بخالص العزاء والمُواساة للعالم الإسلامي، ولأسرة الراحل، سائلًا الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان. “إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ”.

وأكد الأزهر أن التاريخ سيظل يذكر فقيد الأزهر والأمة بعلمه وفكره الوسطي في بيان سماحة الإسلام، وجهوده الدعوية على كافة المستويات، ومصنفاته ومحاضراته التي أفاد منها طلاب العلم.

ولد الراوي في قرية ريفا بمحافظة أسيوط غرة فبراير 1928، ودرس وتخرج من جامعة الأزهر الشريف، كما عين رئيسًا لقسم التفسير بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.

تم اختياره عضوا بهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، بسبب كثرة مؤلفاته التي أثرت المكتبة الدينية في مصر والعالم، وكان حلمه توحيد الأمة العربية والبعد عن الفرقة والشتات، ودعاها إلى ذلك عبر حلقات تليفزيونية مسجلة.

 

حياته العلمية

حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة في القرية، حيث كانت المعاهد الأزهرية لا تقبل الطالب في السنة الأولى إلا بحفظ القرآن الكريم كله.

وبعد الانتهاء من الدارسة في معهد أسيوط تقدم إلى كلية أصول الدين بالقاهرة وحصل منها على الشهادة العالية عام 1954م، كما حصل على الشهادة العالمية مع تخصص التدريس من كلية اللغة العربية – جامعة الأزهر عام 1956م.

عمل بعد تخرجه بقسم الدعوة في وزارة الأوقاف، ثم أصبح مفتشا عاما في مراقبة الشؤون الدينية بعد مسابقة عامة لجميع المفتشين كان ترتيبه الأول على الناجحين، ونقل بعدها إلى مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة وعمل بالمكتب الفني بالمجمع.

ابتعث من قبل الأزهر الشريف إلى نيجيريا لتدريس اللغة العربية وعلوم القرآن، كما طلب لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وانتقل إليها بداية من العام الدراسي 1390* 1391هـ واستمر بها مدة تزيد على خمس وعشرين سنة عمل.

ساهم في قيام كلية أصول الدين – وعمل بها أستاذا للقرآن وعلومه ورئيسا لقسم القرآن أكثر من ثلاثة عشر عامًا، كما ساهم في إنشاء المعهد العالي للدعوة الإسلامية وقام بإلقاء المحاضرات فيه وأشرف على بعض رسائل الماجستير للذين أكملوا الدراسة فيه، كما أشرف على كثير من الرسائل العلمية ما بين ماجستير ودكتوراة في كلية أصول الدين وغيرها من كليات الجامعة.

اشترك في مناقشة كثير من الرسائل العلمية في جامعة الإمام محمد بن سعود وجامعة أم القرى بمكة المكرمة، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وجامعة الملك سعود.

مؤلفاته

الدعوة الإسلامية دعوة عالمية، كلمة الحق في القرآن الكريم، حديث القرآن عن القرآن، القرآن الكريم والحضارة المعاصرة، القرآن والإنسان، الرسول في القرآن الكريم، الرضا، منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله، كان خلقه القرآن، المرأة في القرآن الكريم.

 

جهوده في خدمة الإسلام

تعددت وتنوعت المحاضرات التي ألقاها الراوي في عدد كبير من الدول العربية، فضلا عن إلقاء المحاضرات العامة في بيان هداية القرآن الكريم ومقاصده لمدة خمس سنوات في نيجيريا.

ومن المحاضرات التي سجلت واحتفظ بها كثير من طلاب العلم: “وحدة المسلمين في مواجهة الأخطار، القرآن الكريم بين الدراسة والتطبيق، مكانة الآمة الإسلامية في تحقيق السلام العالمي، المسلمون بين ثبات القرآن ووثبات المدنية، قضية السلام في ميزان الإسلام”.

كما شرف الراوي الاشتراك في التوعية الإسلامية في الحج لمدة خمسة عشر عاما لنشر التوعية بين حجاج المسلمين بإشراف رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية مع صفوة من علماء المملكة وعلى رأسهم الشيخ عبد العزيز بن باز.

كما قدم الراوي البرامج الدينية لسنوات طويلة في إذاعة وتلفزيون المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ودولة قطر، ودولة الكويت وغيرها.

عمل مقدمة للمصحف الوثائقي الذي جمعته إذاعة القرآن بالقاهرة، فجمع بين القراء القدامى ووصل بينهم في مصحف متكامل بلا انقطاع، وقد طُلب منه عمل مقدمة لما يتلى في كل صباح من إذاعة القرآن الكريم بالقاهرة، وقد تم ذلك حيث اكتمل تسجيل 392 حلقة تذاع يوميًا قبل تلاوة القرآن في إذاعة القرآن بالقاهرة بصورة دائمة.

ربما يعجبك أيضا