فنزويلا.. بين فكي الانقلاب والعقوبات الأمريكية

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

أزمات اقتصادية طاحنة دفعت بالألاف من الشعب الفنزويلي للخروج والتظاهر مُطالبين بإجراء انتخابات عامة وتنحي الرئيس نيكولاس مادورو، ليقابله بالرفض والتمسك بالسلطة عبر سعيه لصياغة دستور جديد لم يسهم إلا في تفاقم الأزمة التي أسفرت عن مقتل العشرات وإصابة المئات ،وسط اتهامات لواشنطن بدعم المعارضة لإحداث انقلاب في البلاد وقلق دولي من تنامي الاحتجاجات .. لتقع فنزويلا ما بين الانقلاب على النظام الحالي ، وما بين العقوبات الأمريكية التي قد تشكل إما تصعيدًا للضغط على حكم مادورو أو خناقًا على الشعب الفنزويلي .

احتجاجات فنزويلا

عقب الأزمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد 2014، خرجت العديد من المظاهرات والاحتجاجات ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو مطالبين إياه بحكومة جديدة وهو ما عارضه ليزداد المشهد تأزمًا ضد الرئيس المتهم بالتشبث بالسلطة.

ومع استمرار الأزمة السياسية والاقتصادية وتجاهل السلطة لها، خرجت الألاف للتظاهر والاحتجاج مطالبين بانتخابات عامة وتنحي مادورو عن الحكم ، إلى أن صوتت الجمعية الوطنية (البرلمان)، التي تسيطر عليها المعارضة، في يناير الماضي لصالح بدء عملية إقصاء الرئيس نيكولاس مادورو عن منصبه.
بدوره اتهم مادورو المعارضة بمحاولة تنفيذ “انقلاب برلماني”، وفي وقت لاحق أعلنت المحكمة العليا أن جميع قرارات الجمعية العامة الأخيرة تعتبر باطلة.

وبعد ذلك أصدر الرئيس الفنزويلي قرارًا بنقل الصلاحيات التشريعية من البرلمان إلى المحكمة العليا، ما أسفر عن موجة جديدة من احتجاجات عنيفة، تحولت إلى اشتباكات للمتظاهرين مع الشرطة، وعلى الرغم من تراجع مادورو، عن قراره، لا تزال الاحتجاجات والاضطرابات مستمرة، حيث قتل في المواجهات منذ 4 أبريل الماضي، حوالي 60 شخصًا.

عقوبات أمريكية

ومع تأزم المشهد في فنزويلا ، بدأت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في دراسة العقوبات المحتملة على قطاع النفط بفنزويلا لتشمل شركة النفط الوطنية “بي.دي.في.إس.آيه”، بحسب ما صرح مسؤولون كبار في البيت الأبيض.

وفي المقابل ، فإن مثل هذه الخطوة الغير مسبوقة ، قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في فنزويلا، حيث يعاني الملايين من نقض الغذاء وارتفاع معدل التضخم، يضاف لذلك التأثير المحتمل على شحنات النفط المتجهة إلى الولايات المتحدة، حيث تعد فنزويلا ثالث أكبر مورد لأمريكا بعد كندا والسعودية.

كانت الخزانة الأمريكية – في وقت سابق – قد فرضت عقوبات على أكبر قاض في فنزويلا وسبعة أخرين من أعضاء المحكمة الفنزويلية العليا لحلها البرلمان الذي تقوده المعارضة، فضلًا عن عقوبات أخرى تم فرضها على نائب الرئيس الفنزويلي طارق العيسمي وبعض الشركات الفنزويلية .

وتهدف العقوبات الجديدة إلى تصعيد الضغط على حكومة الرئيس نيكولاس مادورو اليسارية وحلفائه وسط قلق متنام حيال قمع الاحتجاجات ومساعيه لإحكام قبضته على الحكم.

انقلاب وشيك

في الوقت الذي تسعى فيه المعارضة الفنزويلية ، لإجراء استفتاء وتأجيل الانتخابات العامة ورفض تقديم موعد انتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها في 2018 ، يتهم مادورو خصومه بالسعي لانقلاب بتشجيع من الولايات المتحدة .

يأتي اتهام مادورو للولايات المتحدة عقب محاولات الأخيرة لطرح الأزمة الفنزويلية في الأمم المتحدة وهو ما اعتبرته فنزويلا تدخلًا في الشؤون الداخلية للبلاد ، يضاف إلى ذلك اتهامات لواشنطن بدعم عمليات التمرد داخل فنزويلا.

من جانبه، اتهم الرئيس البوليفي إيفو موراليس، المعارضة الفنزويلية بالتحضير لانقلاب بدعم الولايات المتحدة من أجل السيطرة على احتياطي النفط في البلاد.

وأضاف موراليس، وهو أحد حلفاء مادورو الدوليين المتبقين، إن تدخل الولايات المتحدة ولويس ألماجرو الأمين العام لمنظمة الدول الأمريكية يتعارض مع كل المبادئ الديمقراطية.

بدوره، قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعمه لنظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو، مُشددًا على حق الشعب الفنزويلي في اختيار مصيره بدون تدخل من الخارج.

على الجانب الأخر، وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأزمة السياسية في فنزويلا بأنها عار على الإنسانية، معتبرًا أن الوضع في هذا البلد الذي يشهد موجة من التظاهرات والعنف هو الأسوأ منذ عقود.

وما بين الرفض الأمريكي لسياسات مادورو والدعم الروسي ، تبقى الأزمة الفنزويلية بين فكي الانقلاب على سياسات الرئيس الفنزويلي وإخضاعه لحل الأزمة عبر إجراء انتخابات مُبكرة وتنحيه عن منصبه ، وبين العقوبات الأمريكية التي بدأت ولا زالت في محاولة لتصعيد الضغط على نظام مادورو، والتي ربما تُزيد من الأوضاع الاقتصادية التي تعانيها البلاد منذ نتيجة لانهيار اقتصادها منذ 2014 بحسب المراقبين.
   

ربما يعجبك أيضا