أبناء القارة السمراء : رمضان في «مصر المحروسة» يعوضنا افتقاد الأهل

نرمين توفيق

رؤية – نرمين توفيق
لرمضان في القارة السمراء مذاق مختلف يعكسه بساطة وطيبة مسلميها الذين لم تصل إليهم الجيوش في مرحلة الفتح الإسلامي وبالرغم من ذلك دخل ملايين من أهلها في الإسلام بسبب حسن معاملة التجار المسلمين معهم، يعتبرون رمضان شهرا مميزا عن باقي أيام العام.. ولمعرفة عاداتهم عن قرب في هذا الشهر تواصلنا بعدد من الأفارقة المقيمين بالقاهرة وكان لنا هذا الحديث..

يقول سيلا علاسان من ساحل العاج (كوت ديفوار) والذي يعيش في مصر منذ ما يزيد عن العشر سنوات إن مظاهر رمضان في كوت ديفوار كغيرها من الدول الأفريقية جنوب الصحراء تتميز بالكرم والعطاء ومساعدة الفقراء، حيث تتسابق الأسر المسلمة والمعارف إلى تقديم المساعدات والأطعمة إلى المحتاجين.. وهو شهر العبادة فكثير من المسلمين يتوبون فيه إلى الله سبحانه وتعالى ويتسابق الناس إلى صلاة التراويح وقيام الليل وصلاة التهجد، وتظهر أيضا أشكال العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين فالمسلم الصائم يقدم الوجبات إلى جاره المسيحي مما يكون له وقع كبير في نفوسهم ويؤدي ببعضهم إلى إعتناق الإسلام.. أما عن أجواء الشهر الكريم في مصر الحبيبة فله طعم آخر، حيث الأنوار والأزهر الشريف ومشاهير قراء القرآن الكريم والمساجد الكبرى في مصر مثل الحسين والسيدة زينب ومسجد السلطان حسن ومسجد الحصري ومسجد مصطفى محمود وغيرها الكثير والكثير مما يعطي تميّزا آخر للرمضان في مصر قد لاتجده في بلد آخر، ودعا الله أن يحفظ مصرنا الحبيبة من كل شر.

أما سعيدة عمر من جيبوتي والتي عادت إلى بلادها بعد إنهاء دراستها في القاهرة فقالت إن شهر رمضان يمتاز بخصوصية بالغة وله طقوسه الخاصة لأن معظم شعب جيبوتي من المسلمين، فرمضان شهر القرآن والتقرب من الله سبحانه وتعالى هو أيضاً مناسبة هامة لتعزيز صلة الرحم والتجمع العائلي في موائد الإفطار في جيبوتي.. ومن أبرز ما يميز الشهر الفضيل إقامة صلاة التراويح في ساحات عامة في بعض المناطق لتجمع أكبر عدد ممكن من المصلين في مكان واحد وهذا ما يجعل الكثير يمشون بالأرجل لمسافات للوصول إلى هذه الساحات الكبيرة لصلاة فيها وهو ما يعكس صورة في غاية الجمال عن المسلمين في جيبوتي، بالإضافة إلى كثرة وتنوع إنتاج القصائد الدينية بهذا الشهر، فغالبا ماتسمعها في كل شارع وتنقل إلى البلاد المجاورة كالصومال وإثيوبيا.

ومأكولات شهر رمضان تكون مختلفة عن باقي السنة فالإفطار لابد أن يكون خفيفا يتكون من السمبوسك والفطائر، أما الوجبات الرئيسية فنتناولها بعد صلاة التراويح، ومن ثم السحور الذي هو في الغالب عبارة عن أرز وذرة مع حبوب أخرى وتخلط باللبن.
وتضيف: عندما كنت في مصر خلال شهر رمضان كان أفتقد بطبيعة الحال للأهل وتجمع الأسري في الإفطار، إلا أن الطقوس الإيمانية للشهر الفضيل في مصر كانت مثلها كما في جيبوتي بل تفوقها أحيانا كتعليق الزينة والفوانيس أمام العمارات، كما كنت أجتمع مع كثير من الطلبة الجيبوتيين والأفارقة في مصر حيث لا تتاح لنا الفرصة كثيرا على التجمع واللقاء خلال العام الدراسي.

وبهذا يمكنني القول أن مصر لم تكن يوما دار غربة لي بل عشت فيها في جميع المناسبات كأنها وطني الثاني وهو ما أشعرني بها أهلها دائماً، وعندما أصوم رمضان في جيبوتي أحِن الى الأجواء الرمضانية في مصر وأتمنى ان أعود إليها العام المقبل وهي تنعم بالأمن والاستقرار كما عهدناها دائما.

وبالنسبة لمادي كانتي من مالي والمقيم بمصر للدراسة والعمل فأشار إلى أنهم يستعدون في بلده لاستقبال رمضان قبل قدومه من خلال شراء جميع الاحتياجات، بالإضافة إلى إنهاء كل الأعمال الشاقة، ومن أهم ما يميزهم في الشهر هو الإفطار والسحور الجماعي (مجموعة للرجال ومجموعة للنساء)، حيث نتناول التمر عند الإفطار ونشرب معه بعض المشروبات الباردة مثل الكركديه، ونياماكو Niamako ثم نصلي المغرب ثم نأكل وجبة خفيفة ساخنة غالبا ما تكون سومبي  Sombi وهو أكل يشبه اللسان العصفور، أما الوجبة الأساسية فتكون بعد التراويح حوالي الساعة 8 أو 9 وتكون غالبا الأرز باللحم أو بالسمك مع الخبز.

وبخصوص قضاء الشهر الكريم في مصر فلا شك أني أفتقد أسرتي لكن الأجواء الموجودة من حولي في الشوارع تعوضني هذا الأمر، وما يميز مصر انتشار موائد الرحمن التي هي قليلة جدا في مالي بسبب اختلاف الأوضاع.

أما رحاب فرح عبدالله من السودان والتي تدرس في مصر فتقول أهم ما يميز رمضان عندنا هو خروج الرجال للإفطار في الشوارع ويقومون بدعوة كل من يمر بهم في الشارع أثناء الإفطار لتناول الطعام، وتتبادل نساء العائلات الزيارات ويجلسن أمام التلفزيون عند الإفطار للاستماع إلى الدراما والكاميرا الخفية وهم يشربون البلح باللبن الذي يعد من المشروبات الرئيسية في رمضان بالإضافة إلى العصيدة.
وأوضحت أن الأطفال يحبون شهر رمضان ويبدأون في التعود على الصيام من سن 9 سنوات وببلوغ سن 14 يكون لديهم القدرة على صيام الشهر كاملا، وقالت إن الفارق الرئيسي بين رمضان في السودان ورمضان في مصر المظاهر الاحتفالية الموجودة في الشوارع مثل الزينة والفوانيس والتي لا توجد لدينا.

ربما يعجبك أيضا