لماذا تتخذ جماعة “الإخوان” المحظورة من بريطانيا مقرًا لإدارة أنشطتها؟

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

جائت حادثة مدينة مانشستر شمالي بريطانيا يوم 22 مايو 2017، لتفتح بريطانيا من جديد ملفات الجماعات المتطرفة على أراضيها بينها ملف مراجعة تصنيف الإخوان ضمن الجماعات الإرهابية من عدمه، ذلك في عقب تصريحات  تيريزا ماي، رئيسة الحكومة البريطانية باتخاذ اجراءات أكثر صرامة في تحقيقات جرائم الإرهاب والجنائية، جائت تصريحاتها فقط قبل يومين من عقد الانتخابات العامة البريطانية يوم 8 يونيو 2017 ، اليوم، والتي لم تحصل فيها على الأغلبية المطلقة ونتج عنها برلمان معلقا.
 
سبق ان اعلنت الحكومة البريطانية خلال شهر ابريل عام 2014، بفتح ملف جماعة الاخوان المسلمين على اراضيها، بهدف الوصول الى قرار لحظر الجماعة في اعقاب حظرها في مصر وفي دول اخرى، لكن من المفارقات بان الحكومة البريطانية لم تكشف عن ملف التحقيقات حتى بعد مضي اكثر من ثلاث سنوات! وهذا مايثير الكثير من التسائولات حول جدية وهدف الحكومة البريطانية من اعلانها هذا.
 
تنشط جماعة الاخوان في بريطانيا، ربما اكثر من بقية فروعها في العالم والتي تصل الى  تسعين فرعا. واختارت جماعة الاخوان وقياداتها من الخط الاول والثاني بريطانيا الى جانب المانيا وسويسرا والنمسا، باعتبارها من اكثر الدول التي تساهلت بالتعامل مع التنظيمات المتطرفة. يذكر ان حركة الاخوان ارتبطت، إتباطا وثيقا بألسلفية وألسلفية “إلجهادية” منذ الخمسينيات من ألقرن ألماضي، بحكم حربهم المشتركة على الإنظمة العلمانية، حتى احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، حيث اعتبر تنظيم القاعدة من نتاج الإخوان .
 
ونشرت صحيفة الغارديان في تقريرا لها  لكبير مراسليها السياسيين “نيكولاس وات” يقول فيه  بأن جهاز الأمن الداخلي البريطاني “إم آي 5″سيعكف هو الآخر على وضع لائحة بأسماء قادة الاخوان المسلمين، الذين انتقلوا للإقامة في بريطانيا عقب  30 يونيو 2013.  فرغم ذلك، مازالت بريطانيا تحتفظ بقيادات الاخوان منها :
 
منير ابراهيم : أحد قيادات الجماعة في لندن، حيث تولى إبراهيم منير، أمين عام التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا، مسئولية مكتب الجماعة في لندن منذ أكثر من 20 عامًا، وحصل منير على الجنسية البريطانية، كما تعتمد عليه جماعة الإخوان فى التواصل مع المسئولين البريطانيين.
 
عبدالله عصام الحداد : هو ثاني أخطر تلك القيادات، عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان، ويشغل منصب المتحدث باسم الإخوان من لندن، وكان يشغل منصب مساعد الرئيس للشئون الخارجية، قبل أن يتم القبض عليه برفقة  المخلوع مرسي.
 
سندس عاصم :  تعتبر واحدة من أشهر قيادات الجماعة التي تعيش في بريطانيا بعد 30 يونيو 2015، وهي معنية في تحرير موقع الجماعة الرسمي.
 
عزام التميمي : أحد أبرز قيادات الإخوان يعمل كرئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير “قناة الحوار التليفزيونية” التي يملكها الإخوان وتبث من بريطانيا باللغة العربية، وقد ساهم في تيسير أعمال الإخوان الهاربين من مصر إلى بريطانيا في 2013، والترويج لهم في الإعلام البريطاني والأمريكي واستضافة مؤتمراتهم.
 
وتوصف العاصمة البريطانية لندن، بانها موطن الإخوان خارج مصر، وكانت قد اسست بها المكتب الرئيسى لموقع الإخوان باللغة الإنجليزية عام 2005 ،الى جانب وجود الأمانة العامة وألمسؤول المالي في اوروبا.
 
الإخوان جذور القاعدة
 

وتعود العلاقة مابين القاعدة وألجماعة إلى المراحل الإولى لتشكيل القاعدة وألحرب ضد السوفيات في افغانستان 1989. وتستخدم إلإخوان في بيعتها السرية ذات العبارة عند القاعدة  وهي  (أبايعك علي السمع والطاعة في اليسر والعسر، وفي المنشط وألمكره‏ ‏والله علي ما أقول وكيل) . فالجماعة كانت النواة الأساسية لتنظيم القاعدة‏، حيث جري الإتفاق الشهير بين مهدي عاكف مسئول لجنة إلاتصال بالعالم الخارجي‏ وبين اطراف دولية‏ في تنفيذ اهدافها في افغانستان‏، بالمساهمة في إخراج السوفييت‏  من افغانستان، مقابل ذلك تحصل الجماعة على إنشاء مراكز في بريطانيا ودول اوروبا‏.
 
هياكل تنظيمة للإخوان داخل بريطانيا
 
أنشأت الإخوان، هياكل واسعة لها داخل المملكة المتحدة، وبادرت بجمع الأموال، ونشر مختلف المؤلفات، وتنظيم الأحداث، والضغط، والقيام بمجموعة واسعة من الأنشطة . فقد ركز ت الجماعة على توجيه خطابها الى الجاليات المسلمة في يرطانيا، تحت اسم “الدعوة” واتخذت من الجمعيات والمنظمات الانسانية غطاء لعملها، لتتحول الجماعة الى “كارتل” مالي.. بجمع الثروات وادارتها من داخل بريطانيا لتمويل عملياتها الارهابية في مصر وفي دول اخرى  وتعتبر (رابطة المسلمين في بريطانيا) واحدة من ابرز الجمعيات والواجهات للجماعة.
 
وفي سياق متصل، كشف رئيس الوكالة الحكومية للجمعيات الخيرية في بريطانيا  منتصف ابريل 2014 إن التطرف الإسلامي بات المشكلة “الأشد فتكا” بهذه الجمعيات، معتبرا بأن من “المستغرب” أن المدانين بالارهاب أو غسيل الاموال لا يتم منعهم تلقائيا من تأسيس الجمعيات أو تمتعهم بعضوية مجالس إداراتها.
ويشير ذلك إلى الغطاء الذي تمنحه بعض” الجمعيات الخيرية” البريطانية للمتشددين في وقت تحقق الحكومة البريطانية بقضية علاقة الاخوان بالارهاب والتحريض على العنف وعن دور المدارس الاسلامية في زرع العنف في نفوس المهاجرين الشباب.
 
المجموعات المتطرفة في دول المنطقة، تدير مصادر تمويلها من خارج معاقلها، وتعتبر بريطانيا ودول اوروبية اخرى، واحدة من ابرز مقرات سيطرة الجماعة المحظورة في ادارت واجهات عملها وشبكاتها التجارية والمالية وذلك من خلال شركات الصيرفة والبنوك وتحويل الاموال.
 
أكدت الدراسات والبحوث  المعنية في الشأن الأمني وظاهرة الإسلام السياسي في الغرب، بأن الحكومة البريطانية تتجه إلى مراقبة شاملة  لكل أنشطة حركة الإخوان المسلمين في بريطانيا رغم عدم اصدار القرار بعد من قبل الفريق المتخصص، بأنها حركة إرهابية. وتتحدث التقارير عن، الأجواء البريطانية المتساهلة خصوصا في اللجوء السياسي للاسلامويين  والتي أسهمت في تثبيت أعضاء  جماعة الإخوان المسلمين في منطقة الشرق الأوسط  وفي بريطانيا، على مدى الخمسة عقود الأخيرة، الأمر الذي جعلهم يشكلون مجموعات لجمع الأموال ونشر المؤلفات، وتنظيم الفعاليات، والضغط، والقيام بمجموعة واسعة من الأنشطة التي تتعارض مع وجودهم في بريطانيا. وقامت الكيانات المتعددة، التي أنشأها نشطاء الإخوان المسلمين على مدى السنوات العشرين الماضية، بتعزيز هذه الجهود منابر الدعاية والتعبئة والجمعيات والقنوات التلفزيونية والعديد من أشكال النشاط السياسي الأخرى.
 
وفي اعقاب هجوم لندن نهاية شهر مارس 2017، خلصت الحكومة البريطانية الى تقرير، الى ضرورة معالجة منابع الارهاب والتطرف، وتأخذ هذه الأوساط على الحكومة البريطانية عدم أخذها بخلاصات التقرير وعدم البناء عليها للذهاب إلى القطع مع أحد المنابع الأساسية العقيدية للإرهاب الذي تعتمده الجماعات الإرهابية. وعلى سبيل المثال كشف التقرير بأن “الإخوان المسلمين” منظمة عابرة للحدود وليست تنظيما محليا وهدفها إقامة الخلافة الإسلامية، واعتبرها خطر على الانظمة الديمقراطية، لكن للاسف لم تاخذ الحكومة البريطانية تلك الاجراءات الكافية لمواجهة مصادر ومنابع التطرف.
المشكلة إن الحكومة البريطانية مازالت لم تدرك حجم مخاطر جماعة الإخوان وأهدافها، كونها تعتمد في قراراتها على اراء بعض اعضاء جماعة الاخوان او المقربين منهم. القرارات البريطانية لم تكن بعيدا عن الفساد وتورط مؤسسات بريطانية مالية وتجارية بعلاقات مالية مع واجهات الاخوان.
 
ماتحتاجه بريطانيا في الوقت الحاضر، هو اعادة النظر بسياساتها المتعلقة بمنح اللجوء الى الاسلامويين وجماعة “الاخوان الجهاديين” على اراضيها، هذه الجماعات تمتعت بحق اللجؤ امام رفض طلبات حق اللجؤ لمن يستحقها من المهاجرين او طالبي اللجوء. لقد استقطبت بريطانيا مشايخ “الجهاد” الاسلاموية بمختلف درجات تطرفها خلال العقود السابقة، هذه الجماعات ترعرت وشكلت مجموعات عمل وضغط على الحكومة البريطانية وقراراتها، حتلا وصلت الان الى حد التهديد.
 
*باحث في قضايا الارهاب والاستخبارات

ربما يعجبك أيضا