بعد قوائم الإرهاب.. القطاع المصرفي القطري في عزلة

حسام عيد – محلل اقتصادي

يبدو أن قطر لم تنتبه للمخاطر الجمة التي ستلحق بها جراء قطع العلاقات معها على الصعيد الخليجي والعربي، وواصلت خطابها الإرهابي بأنها لن تتراجع عن سياساتها وتوجهاتها، الأمر الذي دفع السعودية والإمارات والبحرين ومصر إلى تغليظ العقوبات من خلال إصدار قائمة بتصنيف 59 فرداً و12 كياناً في قوائم الإرهاب المحظورة لديها والتي تمولها وتدعمها قطر بالمال والسلاح.

قرار سيزيد من الضغوط الاقتصادية على قطر، خاصة أن العقوبات ذات نسق تصاعدي، ومن الممكن أن تتطور إلى عقوبات مالية قد تشمل تجميد الحسابات المالية للأفراد والكيانات المدرجة على قوائم الإرهاب.

ولم يتوان المصرف المركزي الإماراتي عن تعضيد القرار، وأصدر تعميمين للبنوك العاملة في الدولة للبحث عن أي حسابات أو ودائع أو استثمارات عائدة لأي من الأشخاص والكيانات الواردة في قوائم الإرهاب وتجميدها.

كما علقت بعض البنوك التجارية في السعودية والإمارات تنفيذ معاملات مع البنوك القطرية، مثل خطابات الاعتماد، وهو ما يشير إلى إمكانية توسيع هذه الإجراءات الاقتصادية من قبل مصر والسعودية والإمارات والبحرين ضد قطر والتي من شأنها إلحاق خسائر كبيرة بالقطاع المصرفي القطري.

عزل القطاع المصرفي

البنوك الخليجية ترتبط مع بعضها بروابط مالية قوية تساعدها في تقديم خدماتها المالية بسلاسة ودعم اقتصاداتها ومواجهة الأزمات المفاجئة ويدعمها في ذلك البنوك المركزية التي تعتمد أيضاً على قاعدة مالية تضمن لها الاستقرار المالي ومواجهة الأزمات المفاجئة.

ويعني وقف التعامل مع البنوك القطرية قطع قنوات التحويل والتمويل من أكبر أسواق الشرق الأوسط وهي السوق السعودية والإماراتية ما سينعكس سلبًا عليها.

إضافة إلى ذلك فإن العلاقة بين البنوك المركزية ستواجه المصير نفسه، ومن هنا فالتدخل لتوفير الدعم البيني بين البنك المركزي القطري والبنوك المركزية الخليجية المقاطعة لن يكون متاحًا في حل الأزمات، وستتوقف التدفقات المالية من وإلى قطر، ما سيُلقي بظلاله السلبية على الاقتصاد القطري.

قطع التعامل مع القطاع المصرفي القطري سيدخل النظام المالي في عزلة مع الدول الكبرى في محيطه الجغرافي.

ومن المتوقع أن يتعرض الريال القطري لمضاربات محمومة ومراهنة على انخفاضه، وبخاصة مع تضخم الديون السيادية القطرية، التي وصلت إلى 150% من الناتج الإجمالي المحلي.

أزمة سيولة

تعاني البنوك القطرية، مثلها مثل معظم مؤسسات الدولة، التي ما زالت تصر على السلوك في طريق اختارتها بإرادتها.

وإقدام 4 دول عربية على إدراج عشرات الشخصيات المرتبطة بدولة قطر على قوائم الإرهاب قد يضغط على السيولة في البنوك القطرية التي تحصل على قدر كبير من تمويلها من المنطقة.

ولدى البنوك القطرية نحو 60 مليار ريال (16 مليار دولار) في صورة ودائع عملاء وودائع بين البنوك من دول خليجية أخرى.

وتبلغ القيمة الإجمالية لكل أنواع الودائع البنكية في قطر نحو 753 مليار ريال في نهاية شهر مارس.

ومن المتوقع أن تؤدي الضغوط إلى تقلص حجم الأموال التي يمكن للبنوك القطرية أن تتحصل عليها من السعودية والإمارات والبحرين، الأمر الذي سيدفعها إلى دفع علاوة لتوفير التمويل من أماكن أخرى خارج هذه الدول الأربع.

وتتعرض البنوك القطرية لضغوط بفعل انخفاض أسعار النفط، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف التمويل وزيادة القروض المتعثرة.

وبلغت قيمة الديون المحلية نحو 425.5 مليار ريال بنهاية شهر أبريل من العام الجاري وتشكل نحو 79% من إجمالي ديون الحكومة الداخلية والخارجية، أما الدين الخارجي فقد بلغت قيمته 116.2 مليار ريال، تشكل نحو 21% من إجمالي ديون حكومة قطر.

وتتوزع الديون الحكومية الداخلية إلى قسمين “التسهيلات الائتمانية” المقدمة من قبل المصارف التجارية بقطر وبلغت قيمتها 305.1 مليار ريال قطري بنهاية شهر أبريل من العام الجاري، يشكل نحو 56% من إجمالي ديون حكومة قطر، أما 22% منها بقيمة 120.4 مليار ريال قطري “صكوك وسندات وأذونات خزينة”.

وفي السنوات الأخيرة توسعت بعض البنوك خارج السوق القطرية المحلية الصغيرة من أجل تنمية أعمالها، وحافظ بنك قطر الوطني على وجوده في عدة بلدان، من بينها مصر وتركيا ونيجيريا والإمارات، إما مباشرة أو من خلال مؤسسات تابعة له.

ومن جانبها، ستجد البنوك الإماراتية سهولة نسبية في الامتثال للقواعد الجديدة، إذ إن كثيراً منها استثمر في السنوات الأخيرة في تحسين أنظمة الاستجابة للمستجدات وامتثل بالفعل لعقوبات فرضت على مجموعة من الكيانات والأفراد.

خفض التصنيفات الائتمانية

خفضت وكالة ستاندرد آند بورز تصنيف بنك قطر الوطني “QNB” وهو أكبر بنوك البلاد، ووضعته مع بنك قطر التجاري وبنك الدوحة وقطر الإسلامي، على قائمة المراقبة للمزيد من التخفيض السلبي.

يأتي هذا التخفيض بعد قرار الوكالة خفض التصنيف السيادي لقطر إلى AA- إثر قرار عدد من الدول العربية قطع علاقاتها مع الدوحة.

وأشارت ستاندرد آند بورز إلى أن القطاع المصرفي القطري يعتمد بشكل ملحوظ على التمويل الخارجي، ما يشكل مصدراً للمخاطر في حال جفافه بشكل مفاجئ.

وأكدت الوكالة أن وضع البنوك الأربعة تحت المراقبة السلبية يعكس رأيها أن تمويل البنوك القطرية وسيولتها قد يتعرضان لمزيد من الضعف نتيجة التطورات الأخيرة.

ربما يعجبك أيضا