وداعًا «هيلموت كول».. محطات في حياة موحّد شطري ألمانيا

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

فارق المستشار الألماني الأسبق “هيلموت كول” الحياة يوم الجمعة ( 16 يونيو 2017 ) عن عمر يناهز 87 عاما بمنزله بمسقط رأسه، مدينة لودفيغشافن جنوب غربي ألمانيا.

وبوفاته يترك “كول” صاحب أطول فترة في منصب المستشارية الألمانية، إرثا ضخما تكلله النجاح في توحيد شطري ألمانيا وأحد مؤسسي وحدة أوروبا الحالية.

مستشار ألمانيا الأول

أصبح هيلموت كول مستشارا لألمانيا في أول أكتوبر 1982، وبقي في منصبه 16 عاما، وهي أطول مدة لمستشار ألماني. وخسر الانتخابات عام 1998، فاستقال من رئاسة حزبه. وليس انتخاب هيلموت كول أربع مرات مستشارا لألمانيا إلا دليلا على مقدرة فذة في الحياة السياسية.

وبدون هيلموت كول، كان سيصعب تصور النجاح الحالي للمستشارة أنجيلا ميركل، فقد كان مرشدا لها، وعين ميركل القادمة من الشرق وزيرة للأسرة ثم بعدها وزيرة للبيئة.

العمل السياسي

بدأ ظهور كول على الساحة السياسية في عهد المستشار آديناور. فانضم لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي عام 1947، ودرس القانون أولا ثم التاريخ وعلم نظم الدولة.

في عام 1966 أصبح رئيسًا لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في ولاية راينلاند بفالتس وبعدها بعامين حل محل رئيس وزراء الولاية ثم حصل لحزبه على الأغلبية المطلقة في انتخابات 1971. وفي يونيو 1973 انتخب رئيسا للحزب الديمقراطي المسيحي، وبقي في هذا المنصب 25 عاما.

في 1982 حدث خلاف بين شركاء الحكم، الحزب الاشتراكي والحزب الليبرالي. وتحالف الليبراليون مع المسيحيين فأسقطوا المستشار هيلموت شميت، الذي توجه لتهنئة خليفته هيلموت كول.

توحيد ألمانيا

بعد سقوط جدار برلين في 1989 نجح كول في إعادة توحيد ألمانيا في 3 أكتوبر 1990. وفي أكبر لحظاته السياسية يلوح كول وزوجته آنذاك هانيلورا إلى الجماهير من شرفة مبنى البرلمان المحلي في برلين.

في التسعينات كان كول يستقبل بحماس أسطوري في شرق ألمانيا، كصانع للوحدة. لكنه بعد ذلك لاقي انتقادات عديدة بسبب عدم تنفيذ وعده بأن يجعل من “شرق ألمانيا” أرضا مزدهرة من جديد.

كول يودع منصبه

في سبتمبر 1998 خسر المسيحيون بقيادة كول الانتخابات البرلمانية، تاركا السلطة لأول حكومة من الخضر والاشتراكيين بزعامة غيرهارد شرودر، ليودع كول منصبه باستعراض عسكري كبير.

وأثرت فضيحة تبرعات داخل الحزب عام 2000 على كول بشدة. وتعرض الحزب بسببها لغرامة قدرها 40 مليون مارك. ووقع خلاف داخله، فتخلى كول عن رئاسته الشرفيه للحزب.

وفي عام 2001 انتحرت زوجته هانيلورا كول التي كانت تعاني من مرض شدة الحساسية تجاه الضوء. دام زواجهما 41 عاما أسفر عن ولدين هما فالتر وبيتر اللذين أحاطا بوالدهما أثناء الجنازة.

وبعد أربع سنوات من موت هانيلورا وجد كول شريكة حياة جديدة هي مايكه ريشتر التي تصغره بـ 34 عاما. وتزوجا عام 2008 خلال إقامة كول في مستشفى للتأهيل الصحي.

تكريم هيلموت كول

في زيارته لألمانيا في سبتمبر 2012 كان البابا السابق بنديكت السادس عشر يريد زيارة شخص واحد في ألمانيا هو مستشار الوحدة هيلموت كول. والتقى الرجلان ومعهما مايكه كول.

لأجل جهوده لصالح ألمانيا وأوروبا تم تكريم هيلموت كول عام 2012 بإصدر طابع بريدي يحمل صورته. شرف كبير، فأشخاص قليلون جدا هم من أصدرت طوابع بصورهم وهم على قيد الحياة.

قالوا عنه

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قالت إن كول “غير حياتها بشكل حاسم” عبر الدور الذي أداه في إعادة توحيد ألمانيا. وأضافت “نحن الألمان كنا محظوظين” بكول الذي كان مستشارا بين 1982 و1998.

واعتبر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أن كول كان “جوهر أوروبا في ذاتها”، وقال “وفاة هلموت كول تؤلمني كثيرا.. إنه صديقي وجوهر أوروبا في ذاتها. سنفتقده كثيرا”.

وعلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر تويتر بالقول “مع هيلموت كول نخسر أوروبيا عظيما جدا.. كان أحد الرجال العظام في أوروبا والعالم الحر”.

بدوره، وجه الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش تحية إلى هيلموت كول معتبرا في بيان أنه “صديق حقيقي للحرية وأحد أكبر قادة أوروبا في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية”.

ربما يعجبك أيضا