دحلان يضيء غزة

دعاء عبدالنبي

رؤية

القدس المحتلة – قال آفي يسسخاروف، محلل شؤون الشرق الأوسط في موقع “تايمز أوف إسرائيل”، إن أزمة الكهرباء في غزة تقترب من نهايتها، ومع عودة الأضواء، مع نجاح القيادي الفلسطيني محمد دحلان عضو المجلس التشريعي، في إبرام اتفاق بين مصر وحماس في هذا الصدد.

وفي مقال له تحت عنوان “دحلان يضيء غزة”، أشار إلى أنه من المتوقع أن تبدأ مصر ،الثلاثاء القادم، بإرسال عشرات الشاحنات المحملة بالوقود إلى قطاع غزة، الذي تسيطر عليه حركة حماس، لإستئناف عمل محطة الكهرباء في غزة وتزويد سكان القطاع بالكهرباء.

وأضاف الكاتب أن دحلان قد لعب دوراً رئيسيًا في صفقة الكهرباء، لتمهيد طريقه نحو مصالحة مع الإسلاميين في غزة من خلال إدارة المحادثات تحت رعاية مصرية، وإقناع مصر بإرسال مئات الأطنان من الديزل الصناعي، تعويضًا عن التقليص في تزويد إسرائيل للكهرباء الذي بدأت فيه هذا الأسبوع بطلب من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، مشيراً إلى أن بإحضاره الوقود إلى غزة، لم يمنح دحلان سكان القطاع الكهرباء الثمينة فحسب، بل نزع فتيل وضع كارثي محتمل ووجه ضربة لخصمه وخصم حماس، محمود عباس.

وكان عباس هو من قرر قطع الوقود عن غزة، وكان هو أيضا من قرر تخفيض رواتب الموظفين الحكوميين في القطاع.

نتيجة لذلك، يُعتبر عباس الآن الشخص الذي ألحق الضرر بالوحدة الفلسطينية ورفاه سكان غزة. وتوقع “يسسخاروف” تلاشي فكرة الحرب مع إسرائيل خلال الأسابيع المقبلة، بالنظر إلى تصريح المسؤول في حماس خليل الحية بأن الحركة لا تعتزم دخول حرب مع إسرائيل، فهي غير معنية في الوقت الحالي بتصعيد التوتر.

ويشير الكاتب إلى أن ما يحدث الأن يهدف إلى إعادة تنظيم القوى في غزة، مع دور كبير لمصر وعودة دحلان إلى المنصة الرئيسية، مما سيكون له آثار كبيرة على مستقبل القطاع، فمن من خلال ترتيب موافقة مصر على إرسال الوقود، يُنظر إلى دحلان الآن، على النقيض من أبومازن، على أنه الشخص القادر على حل مشاكل غزة – وربما حتى إنقاذ الفلسطينيين من مشاكلهم الأكبر، وبات تهديداً سياسياً حقيقياً على أبومازن، الذي عمل بجد لعزله من فتح ومن الضفة الغربية.

وفي السياق ذاته يضيف الكاتب أنه بفضل القاهرة ودحلان، سيتم تخفيف أزمة ذات تأثير على حماس، وتعزز من مكانتها ومن مكانة دحلان، الذي أصبح بحكم الأمر الواقع وزير خارجية غزة – في حين أن مكانة عباس آخذة بالتآكل، وتدرك السلطة الفلسطينية برئاسة أبومازن جيدًا أنه إذا تم تطبيق عملية المصالحة بين دحلان وحماس، فإن حلما تشاركه حماس مع بعض قطاعات اليمين الإسرائيلية سيصبح حقيقة وهو ظهور دولة فلسطينية بحكم الأمر الواقع في غزة، في حين تواصل إسرائيل الإبقاء على وجودها في الضفة الغربية.

وبحسب مصادر فلسطينية، تشمل التفاهمات بين دحلان/مصر وحماس اتفاقا يضمن بقاء الحركة صاحبة المسؤولية على الأمن الداخلي والخارجي لقطاع غزة – ما يمكنها من الحكم من دون عائق.

ويسرد “يسسخاروف” تفاهمات دحلان مع القاهرة – وفقاً لتقارير وردت في هذا الإطار – على انها شملت خطوات إنسانية فقط كمرحلة اولى: فتح معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة لفترات أطول. تزويد غزة بالديزل (كما يبدو بتمويل من الإمارات حليفة دحلان).

دخول وخروج الفلسطينيين في غزة من وإلى وجهات في الخارج. وقد تشمل المرحلة الثانية – إذا تقدم الإتفاق بالصورة المتوقعة – بان تصبح غزة نوعاً من الكيان السياسي المنفصل عن الضفة الغربية.

وفي المقابل ستلتزم حماس بموجب الإتفاق مع القاهرة، بالعمل بإجتهاد أكبر ضد عناصر الجهاد العالمي، من بينها تنظيم “داعش” – داخل غزة وعلى الحدود بين غزة وشبه جزيرة سيناء.

وستسمح كذلك بعودة المقربين من دحلان إلى غزة – أولئك الذين نجحوا في الهروب من القطاع قبل عقد من الزمن خلال إنقلاب حماس.

وطرح الكاتب تساؤلاً حول أسباب موافقة مصر على لعب هذا الدور موجهة ضربة لأبومازن من خلال إبطال محاولته تكثيف الضغط على حماس – وعبر أحد إعدائه الرئيسيين، في حين ان أسباب رغبة كلا من “حماس” و”دحلان” في إلغاء عباس ليست لغزا، وهو ما جعل السلطة الفلسطينية في وضعية الهجوم على مصر من جانب مسؤولين في حركة “فتح” لتدخلها الصارخ في الشؤون الفلسطينية الداخلية.

ويوضح الكاتب أن مصر احتضنت اللقاءات بين معسكر دحلان وقادة حماس في مصر خلال الأيام الأخيرة برعاية مدير المخابرات المصرية خالد فوزي، صاحب الدور الرئيسي في هذا الاتفاق، وفي إبطال جهود عباس، مضيفاً أن الأخير يحتقر “أبومازن” بشدة ، ويعتبره عقبة أمام عملية سياسية في المنطقة تسعى مصر إلى الدفع بها. وفي المجموع، تم عقد أربعة إجتماعات في الأيام الأخيرة بين قائد حركة حماس في غزة، يحيى السنوار، وروحي مشتهى، عضو المكتب السياسي لحماس، ومسؤولين آخرين في حماس في غزة من جهة، والمقربين من دحلان من جهة أخرى، من بينهم سمير مشهراوي، وبلغت هذه اللقاءات ذروتها في اجتماع بين دحلان والقائد الجديد لحماس في غزة، السنوار، والذي استمر لساعتين.

ويختتم “يسسخاروف” مقاله بأن هنالك فجوة هائلة بين دحلان – الساعي للمتعة مع موارد غير محدودة، والذي كان مسؤولا عن التنسيق الأمني مع إسرائيل في غزة عندما كان رئيسا لجهاز الأمن الوقائي هناك في سنوات التسعينات – وبين السنوار، الذي قضى 22 عاما في السجن، ويواصل قيادة الجناح الصقوري في حركة حماس، على الرغم من أن كلا الرجلين يعرف أحدهما الآخر منذ الطفولة، فلقد نشآ معا في مخيم خان يونس، ودرسا معا في الجامعة الإسلامية، وتنافسا على رئاسة رابطة الطلاب، خلال تجمع سياسي في بداية سنوات الثمانينات، ألقى كلاهما بخطابين في إطار الترشح للمنصب، لكنهما في الوقت الحالي يعملان معا على التسبب بضرر بالغ لمحمود عباس.

ربما يعجبك أيضا