جريمة “الحرم”.. الإرهاب لا يستثني المقدسات

رؤية

بعد أن فجع العالم الإسلامي بجريمة محاولة استهداف المصلين في المسجد الحرم في شهر رمضان المبارك، باتت المقدسات الإسلامية هدفا للعناصر الإرهابية دون مراعاة لحرمة المكان أو الشهر الفضيل.

وأعلنت وزارة الداخلية السعودية أنها ألقت القبض على 5 من المتهمين، بينهم امرأة، حيث تمركزت خلية إرهابية في 3 مواقع، أحدها في محافظة جدة، والآخران في حي العسيلة بمكة وحي أجياد المصافي الواقع داخل محيط المنطقة المركزية للمسجد الحرام.

وتأتي محاولة استهداف المسجد الحرام، التي أحبطتها قوات الأمن السعودية، أحدث محاولات العناصر الإرهابية في استهداف الحرمين الشريفين.

التوقيت ودوافع الإرهاب

فتح توقيت جريمة استهداف المسجد الحرام من جانب العناصر الإرهابية التساؤلات بشأن اختيار الإرهابيين لأحداث دينية تشهد تجمعات كبيرة من المصلين.

فالإرهابيين اختاروا ذروة تواجد المصلين في الحرم الشريف، حيث يتوافد الملايين للتعبد في ليلتي القدر وختم القرآن.

وشهدت ليلة 29 من رمضان لختم القرآن الكريم في المسجد الحرام، تواجد أكثر من 3 ملايين مصل، ما يقارب أعداد الحجاج في ذروة موسم الحج.

وهذه الليلة تأتي بعد ليلة 27 من رمضان، والمعروفة بليلة القدر، التي تشهد أيضا تواجدا كبيرا للمصلين في ساحات المسجد الحرام والمسجد النبوي.

ويقول الخبير العسكري السعودي محمد القبيبان حسب ما نقلت “سكاي نيوز عربية” إن “اختيار توقيت ختم القرآن في المسجد الحرام لتنفيذ عملية إرهابية تستهدف الحرم المكي، يعني أن الجماعات الإرهابية لا تعمل وحدها”.

وأكد أن “الذئاب المنفردة” التي تعمل لحساب الجماعات الإرهابية تستغل مثل هذه التجمعات والتغييرات السياسية في المنطقة، لتنفيذ “عمل إجرامي وخسيس”.

وأضاف أن “استمرار بعض الدول في دعم الإرهاب قد يعرض السعودية لعمليات إرهابية في المستقبل، في محاولة لزعزعة أمنها”، فيما  أشاد بالضربات الاستباقية التي نفذتها وزارة الداخلية لإحباط الهجوم.

من جانبها، ذكرت وزارة الداخلية أن “الإرهابيين تجاوزوا كل الحرمات، باستهدافهم أمن المسجد الحرام، وطاوعتهم نفوسهم الخبيثة، خدمة لمخططات خارجية”.

إذ لم تسلم المدينة المنورة في وقت سابق من هجمات المتطرفين، ففي يوليو الماضي نفذ شاب هجوما انتحاريا قرب المسجد النبوي، مما أسفر عن مقتل 4 من رجال الشرطة السعودية.

استنكار إسلامي واسع 

استنكرت الدول الإسلامية والعربية والأزهر الشريف ومنظمة العالم الإسلامي الجريمة الإرهابية التي أحبطتها قوات الأمن السعودية قبل استهداف الحرم المكي الشريف، مساء الجمعة.

ودانت الإمارات الجريمة الإرهابية، مؤكدة تضامنها التام مع السعودية، وقال وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد: “جريمة استهداف الحرم المكي تبين حجم الإرهاب والتوحش الذي وصلت إليه هذه الجماعات الإرهابية والتي لا يمكن لأي عاقل تبريرها”.

ودانت البحرين بأشد العبارات وأقصاها المخطط الإرهابي الآثم، الذي كان يستهدف أمن المسجد الحرام ومرتاديه من المعتمرين والمصلين، مؤكدة أن هذا العمل الإرهابي الدنيء يتنافى مع كل القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية.

وأصدرت الخارجية المصرية بيانا نددت فيه بالجريمة الإرهابية، داعية المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله.

من جانبها، أكدت الحكومة الأردنية وقوفها إلى جانب المملكة العربية السعودية الشقيقة في مواجهتها للإرهاب، وحيت جهودها في التصدي للإرهابيين، الذين حاولوا تدنيس أطهر بقاع الأرض بمحاولتهم استهداف حشود المعتمرين في الحرم المكي الشريف.

وفي السياق، اتصل شيخ الأزهر، أحمد الطيب، بولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، مدينا محاولة استهداف الحرم المكي، فيما نددت منظمة التعاون الإسلامي بشدة بالمخطط الإرهابي الذي استهدف مكة المكرمة وجدة.

أما هيئة كبار العلماء بالسعودية فقد نددت في بيان بالجريمة الإرهابية قائلة إن “‏هؤلاء الخوارج قد تجاوزوا كل الحرمات، فلا يرعون حرما ولا حرمة، وليس لهم دين ولا ذمة، ولا أدل على ذلك من قصدهم مكة المكرمة بإجرامهم وإرهابهم”.

وأحبطت وزارة الداخلية السعودية عملية إرهابية كانت تستهدف المسجد الحرام، فجر الجمعة، في مدينة مكة المكرمة، بعد ضربات استباقية لقوات الأمن، والقبض على 5 أشخاص، بينهم امرأة، فيما فجر أحد المطلوبين نفسه.

   
هجمات على الحرم المكي

على مدار العقود الماضية، شهدت مقدسات إسلامية عدة هجمات واعتداءات نفذها متطرفون، على رأسها مكة المكرمة أكثر الأماكن قدسية في الدين الإسلامي، والمدينة المنورة حيث مسجد وقبر الرسول.

ويسجل التاريخ الحديث هجمات عدة شهدتها منطقة الحرم المكي، منها الهجوم المسلح الذي قاده جهيمان العتيبي عام 1979 مع نحو 200 من أتباعه، الذين حاصروا المصلين في المسجد الحرام.

وفي وقت لاحق تمكنت قوات الأمن السعودية من تحرير المحاصرين والقبض على العشرات من المهاجمين، وحكم عليهم بالإعدام، ومن بينهم العتيبي.

وفي عام 1987، كشف رجال الأمن في السعودية عن كمية من المواد الخطرة شديدة الانفجار، وجدت داخل حقائب حجاج إيرانيين قدموا إلى المملكة عبر جدة، على متن طائرة إيرانية كانت تقل 110 ركاب لأداء مناسك الحج.

وأقر حينها أصحاب الحقائب في اعترافات بثها التلفزيون السعودي، بحمل هذه المواد بأمر من النظام الإيراني، بغية تفجير الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، التي وصل إليها في ذلك العام أكثر من مليوني حاج وحاجة.

وخلال موسم حج عام 1989، قامت مجموعة من الكويتيين الموالين للنظام الإيراني، بتفجيرات في مكة بعد تسليم المواد المتفجرة لهم من قبل مسؤول في السفارة الإيرانية في الكويت يدعى محمد رضا غلوم، ونتج عن ذلك قتل وجرح عدد من الحجاج.

وفي 1990، قام أفراد من ما يسمى “حزب الله الكويتي” بإيعاز من إيران، بإطلاق الغاز السام في نفق المعيصم قرب المسجد الحرام في مكة وبداخله آلاف الحجاج، مما أدى إلى مقتل أكثر من ألف حاج وحاجة وإصابة العديد.

ربما يعجبك أيضا