بعد ثلاثة أعوام من التستر.. تقرير “جارسيا” يفضح مونديال قطر

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان WebResource

أجبر الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” على إزاحة الستار عن تقرير “جارسيا” الخاص بملابسات منح تنظيم مونديالي 2018 و2022 إلى روسيا وقطر على التوالي، وذلك بعد تسريبات صحفية نشرتها “بيلد” الألمانية الاثنين الماضي، وتضمنت فقرات كاملة من التقرير مع وعد بنشر المزيد خلال الأيام المقبلة.

التقرير الذي سلمه المدعى العام الأمريكي السابق مايكل جارسيا إلى “فيفا” في سبتمبر 2014، شغل الوسط الكروي بشكل غير مسبوق وأثار الشكوك يمينا ويسارا منذ اللحظة الأولى لكتابته، حتى أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لم يسلم منه، إذ تحدث التقرير عن حفل عشاء دعا إليه في 23 نوفمبر 2010 عندما كان رئيسا لفرنسا،  وشارك فيه رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم وقتها الفرنسي ميشال بلاتيني وتميم بن حمد آل ثاني الذي كان وليا للعهد في قطر، مرجحا أن تكون القيادة القطرية استغلت هذا الحفل لإبرام صفقة مشبوهة مع بلاتيني لضمان تنظيم المونديال.

شكوك وفضائح

هذا التقرير أعده جارسيا بعد أجراء تحقيق داخلي في الفيفا، حول استضافة البطولتين من قبل قطر وروسيا، وخلص إلى أن سلوكاً مشبوهاً ساد عملية الترشح والتصويت لاستضافة مونديال 2018، بينما كان الوضع أكثر وضوحاً في الترشح لمونديال 2022، حيث طغى الفساد على حملة قطر من أجل الحصول على تنظيم المونديال، بحسب تسريبات صحيفة “بيلد”.

وقال الاتحاد الدولي بالأمس عبر موقعه الرسمي، بما أن الوثيقة تم تسريبها بطريقة غير مشروعة لصحيفة ألمانية، فإن الرئيسين الجديدين للجنة العدل الداخلية لفيفا قررا النشر الفوري للتقرير بالكامل لتفادي نشر أي معلومات غير صحيحة، هذا دون أن يذكر سببا لعدم نشر التقرير كاملا في العام 2014 كما أوصى جارسيا والذي استقال في ديسمبر 2014 احتجاجاً على قرار عدم النشر.

من جانبها كشفت الصحيفة الألمانية أن جوزيف بلاتر الرئيس السابق لـ”فيفا” والذي خرج من منصبه بفضيحة فساد كبرى، عقد اتفاقاً مع القيادة القطرية، أدى إلى سحب ترشيح القطري محمد بن همام من رئاسة فيفا، مقابل أن يحمي بلاتر ملف قطر 2022، من أي شيء، ونجح بلاتر حينها في التلاعب بتقرير جارسيا، لينشر أجزاء مبتورة منه ويوظفها لصالح الملف القطري.

وأَضافت أن تقرير جارسيا تحدث عن سفر ثلاثة أعضاء من اللجنة التنفيذية بـ”الفيفا” لديهم حق التصويت لحضور حفل في ريو على متن طائرة خاصة بالاتحاد القطري لكرة القدم وذلك قبل التصويت على استضافة المونديال، كما أكد أن عضو سابق في اللجنة التنفيذية هنأ مباشرة بعد فوز قطر بالاستضافة أعضاء في الاتحاد القطري وشكرهم عبر بريده الإلكتروني على تحويل مبلغ بمئات الآلاف من اليورو.

وتابعت هناك مليونا دولار ورد ذكرها بالتقرير أودعت من قبل مصدر مجهول في حساب لابنة أحد أعضاء الفيفا في العاشرة من عمرها، لكن التقرير المنشور من قبل الاتحاد تحدث عن أن العملة هي الجنيه الاسترليني، مشيرا إلى عدم وجود أي دليل يربط قطر 2022 بتحويل 2 مليون جنيه أسترليني إلى ابنة احد أعضاء اللجنة التنفيذية للفيفا.

هدايا مشبوهة

 كما ورد ذكر “أكاديمية أسباير” القطرية في التقرير المسرب، كطرف ضالع بشكل حاسم في توريط أعضاء الفيفا الذين يحق لهم التصويت في ملف مونديال 2022، ففي مخاطبة بريدية بين رئيس لجنة التفتيش التابعة لـ”الفيفا” هارولد مايني نيكولس والمدير الرياضي في أسباير، طلب الأول إيجاد فرص تدريبية ووظيفة لبعض أقاربه في الوقت الذي كان مكلفاً فيه بالتفتيش على ملاعب ومنشآت الدول التي تقدمت بملف ترشيحها لاستضافة مونديالي 2018 و2022، خاتماً الرسالة “حسبما تم الاتفاق من قبل”.

ووجه جارسيا أيضا أصابع الاتهام إلى رأس القيادة القطرية، عندما تحدث في تقريره عن رسالة أرسلت إلى قادة اتحاد أمريكا اللاتينية لكرة القدم “كونميبول” في الرابع من يناير 2010 تدعوهم إلى لقاء أمير قطر بعد نحو أسبوعين من ذلك، مشيرة بوضوح أن الهدايا المنتظرة ستكون كما هو متفق عليه مسبقاً، وألا تغير في هذا الأمر.

وقال في تقريره، لا نستطيع الجزم حول ماهية هذه الهدايا، إذ التزم الجميع الصمت حولها وفضّل قادة اتحاد “كونميبول” الاستقالة من مناصبهم ومغادرة الفيفا والامتناع عن الحديث إلينا، بدلاً عن الكشف عن “ما هي هذه الهدايا”، هذا الواقع الذي تعاملنا معه.

واستطرد المؤكد أن أمير قطر اجتمع بالأعضاء اللاتينيين في المكتب التنفيذي للفيفا خلال زيارة قام بها إلى البرازيل، حيث التقى بنيكولاس ليوز وخوليو جرناندونا وتكسيرا، لكن لا يمكن الجزم بما جرى خلال هذا الاجتماع، ويبدو لنا أنه يأتي في إطار الدعم الحكومي لملف استضافة المونديال، وهو أمر معتاد، لكن علينا أن نكون أكثر حذراً حول مثل هذه الاجتماعات.

وتابع جارسيا في تقريره المثير للجدل، بناء على معلومات توفرت لدينا تأكد أن اللقاءات تم تنظيمها بواسطة الرئيس الأسبق لنادي برشلونة الإسباني ساندرو روسيل، الذي كان يعمل مستشاراً للملف القطري على الرغم من أن ذلك يمكن أن يشير إلى شبهة تنظيم تبادل أصوات مع الملف الإسباني المترشح لمونديال 2018.

رد الدوحة

وأمام كل هذه الشبهات التي ترقى إلى حد الاتهام الصريح والمدعوم بالأدلة رحبت اللجنة العليا للارث والمشاريع القطرية فجر اليوم الأربعاء، بنشر تقرير جارسيا كاملا، وقالت في بيان مقتضب،  رغم تشكيكنا باختيار هذا التوقيت بالذات لتسريب تقرير جارسيا، إلا أننا نرحب بنشر النص الكامل للتقرير، في إشارة غير مباشرة إلى أزمتها الأخيرة مع بعض دول الخليج ومصر، إذ أعلنت 7 دول تتقدمها البحرين والسعودية مطلع الشهر الجاري مقاطعة الدوحة، متهمة أياها بدعم الإرهاب في المنطقة.

وقال الامين العام للجنة العليا للمشاريع القطرية حسن الذوادي في مقابلة تلفزيونية فجر اليوم، تقرير جارسيا اثبت مثل التحقيقات التي سبقته، نزاهة ملف قطر 2022، وهو الأمر الذي أكدناه منذ البداية، موضحا أن بلاده تعاونت مع لجنة التحقيق بشكل كامل لثقتها بنزاهة ملفها.
وأضاف لم يكن التحقيق الذي قام به جارسيا خاصاً بملف قطر فقط، بل شمل جميع الملفات المتقدمة بطلبات الاستضافة لنسختي 2018 و2022 من كأس العالم، ولقد أعطي جارسيا كافة الصلاحيات كما لو أنه يمتلك سلطة قضائية، وهذا نتيجة لثقتنا بموقفنا ونزاهة ملفنا.

وختم ردنا على المشككين دائماً يكون بمزيد من العمل على أرض الواقع، افتتحنا مؤخراً أول ملاعب البطولة، استاد خليفة الدولي، والعمل ما زال مستمراً في سائر الملاعب، نحن مستمرون في عملنا للتحضير لاستضافة أول بطولة لكأس العالم في الشرق الأوسط.

على الرغم من أن خبراء في الشؤون الرياضية توقعوا في وقت سابق أن تؤدي الأزمة الخليجية إلى انعكاسات سلبية على استضافة قطر للمونديال، إلا أنه من المبكر الجزم بذلك، إذ قد تقرر القيادة القطرية خلال الأيام المقبلة العودة إلى الصف الخليجي وينتهي كل شيء كما لم يكن.

ربما يعجبك أيضا