30 يونيو ثورة للتاريخ وخطايا إخوانية لا تغتفر

عاطف عبداللطيف

رؤية – عاطف عبد اللطيف

كان أكبر تجمع فاق الـ30 مليون مصري في الميادين والشوارع والمحافظات المختلفة على هدف واحد وهو إسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين والمطالبة برحيل محمد مرسي باعتباره رئيسًا لا ينحاز لمصر بقدر ما يعمل لتكريس مصالح الجماعة وإنفاذ مخططاتها العدائية ضد الدولة المصرية..

لقد سادت مخططات التقسيم وضرب النسيج الوطني بهدف إضعاف الدولة وسهولة السيطرة عليها ولم يتحمل المصريون الفشل الاقتصادي والسياسي والوعود “الفنكوش” التي وعدهم إياها محمد مرسي وجماعته في انتخابات الرئاسة 2012 ليسقطهم المصريين في 30 يونيو 2013 في ثورة شعبية لم يرى التاريخ مثلها، إنها ثورة كبيرة حماها جيش عظيم، وهذه أهم أسبابها..

فشل خارجي

فشل حكم جماعة الإخوان– آنذاك- في استقدام تكنولوجيا متطورة، أو خبرات لقطاعات الإنتاج تعين الدولة على الخروج من كبوتها وتصحيح مسارها الاقتصادي، بل على العكس اصطحب محمد مرسي معه في زياراته الخارجية رجال أعمال قاموا بعقد صفقات تجارية استنزفت جزء من الاحتياطي النقدي المصري.

وفشلت الزيارات المتعددة التي قام بها “مرسي” شرقًا وغربًا في فتح آفاق التعاون البناء بين مصر ودولاً عديدة في العالم، وبات واضحًا أن علاقات مصر الخارجية تقزمت في دول بعينها تدعم حكم الإخوان في مصر مثل “قطر”، و”تركيا”، فضلاً عن “الولايات المتحدة”، وبالتالي “إسرائيل”، وفي المقابل تراجعت علاقات مصر بدول محورية عديدة خاصة في العالم العربي.

مياه النيل

باء حكم الإخوان بقيادة محمد مرسي في معالجة سلبية خطيرة للغاية لمباشرة إثيوبيا بناء سد النهضة، وكشفت عن افتقاد الجماعة الراديكالية لأسس التعاطي مع الأزمات الممتدة منها أو الناشئة، فضلاً عن سوء إدارة الحوار مع القوي السياسية وبثه على الهواء بما ساهم في توتر العلاقات مع الجانب الإثيوبي وأجهض أسس الحوار السياسي معه.

تمزيق النسيج الوطني

رسخ حكم الإخوان في وجود محمد مرسي رئيسًا لمصر على مدار عام حالة من الاستقطاب الحاد، وقسم المجتمع بين مؤيد للمشروع الإسلامي دون أن يقدموا دليلاً واحدًا على هذا المشروع، وبين مناهض له يوصف في أغلب الأحيان بـ”العلماني”.

وبدلاً من أن يتفرغ المصريين للعمل والإنتاج، اتجهوا إلى التناحر والعراك بين التأييد والرفض، وعمل حكم مرسي وبسرعة كبيرة على ترسيخ الأخونة ونشر هذا الفكر رغم تنامي الشعور المعادي له من يوم لآخر.

الدفاع والأمن

افتعال الأزمات الرامية إلى تشتيت جهود الأمن والحد من اكتمال البناء الأمني، وكانت أبرز المشاهد إحياء ذكرى أحداث محمد محمود، وإستاد بورسعيد، وإحداث قلاقل أمنية من آنِ لآخرِ في العديد من المحافظات خاصة بورسعيد والسويس، وإصدار العديد من القرارات والإعلانات الدستورية التي تسببت في زيادة الضغط الشعبي على الجهاز الأمني.

والإفراج عن سجناء جهاديين من ذوي الفكر المتطرف استوطنوا سيناء المصرية وسعوا إلى تكوين إمارة إسلامية متطرفة تستمد العون من أنفاق التهريب مع قطاع غزة التي حظيت بكل الدعم والحماية من محمد مرسي وجماعته، فيما نفذت هذه الجماعات فعلاً خسيسًا بالإجهاز على 16 شهيدًا من الأمن وقت الإفطار في شهر رمضان.

الأمن الغذائي والخدمي

استمرت الأزمات الغذائية، والارتفاع المتواصل في أسعار السلع والخدمات دون تدخل حكومي يسعي لوقف جشع التجار، رغم سعي الحكم إلى تحسين منظومة توزيع الخبر، وأسطوانات البوتاجاز، وتكررت وبشكل متواصل أزمات البنزين والسولار، بما أثر على الحركة الحياتية للمواطن، وانعكس ذلك سلبًا على الانقطاع المتكرر للكهرباء، وبدا واضحًا اتجاه النظام المصري الإخواني لاستخدام المنظومة التموينية لخدمة أغراضه الانتخابية، ومحاولة كسب شعبية عبر التلاعب بالحصص التموينية.

الفنون والآداب

كان هناك اتجاهًا واضحًا نحو تغيير هوية مصر الثقافية، والعمل على ارتدادها لحساب توجهات رجعية متخلفة، بدءًا من منع عروض الباليه بدار الأوبرا المصرية، مرورًا بإقصاء قيادات الثقافة والفنون والآداب، مقابل إحلال قيادات تدين بالولاء للجماعة الداعمة للحكم.

الإعلام والصحافة

ناصب الحكم – الإعلام – العداء لدوره السريع في كشف السلبيات أمام الرأي العام، وبات  الإعلام الذي لعب دورًا جوهريًا في تعريف المرشح الرئاسي محمد مرسي، وجماعته للرأي العام المحلي هدفًا مباشرًا لتحجيمه، بل وإقصاء رموزه والسعي بكل قوة لأخونة مؤسسات الدولة الصحفية والإعلامية، في محاولة واضحة لتأسيس الفكر الإخواني من جهة، والحد من تأثير الإعلام المضاد من جهة ثانية.

القضاء والحريات

افتعال أزمات متتالية مع القضاء بدءًا من إقصاء النائب العام، إلى محاصرة المحكمة الدستورية العليا من قبل أنصار “مرسي”، ثم محاولة تحجيم دورها في دستور ديسمبر 2012، فإصدار إعلانات دستورية وقرارات تمس بالسلب القضاء والحريات العامة ومؤسسات الدولة، تسببت في إثارة  غضب الرأي العام، الذي عبر عن ضيقه بإحراق مقار لحزب الحرية والعدالة وقتئذ، فعاد محمد مرسي عن بعض إعلاناته وقراراته، ومضي في أخرى ما تسبب في زيادة الحنق الشعبي عليه وعلى جماعته.

واستمرت الأزمات بين القضاء والرئاسة، حيث قضت محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ قرار تنظيم الانتخابات البرلمانية، فكان أن رفعت جماعة الإخوان شعار تطهير القضاء، والعمل على سن تشريع يقضي بتخفيض سن التقاعد للقضاة ليقصي عدة آلاف منهم ليحل بدلاً منهم أنصار الحكم.

وكانت الضربة الأخيرة التي سددها القضاء لـ”مرسي” هي الإشارة إليه بالاسم وعدد كبير من قيادات جماعته بالتعاون مع حماس وحزب الله اللبناني في واقعة اقتحام سجن وادي النطرون.

النقل والمواصلات

تعهد مرسي بحل مشكلة المواصلات ضمن خمس مشاكل تعهد بحلها خلال المائة يوم الأولى من حكمه، فاستفحلت مشكلة المواصلات خلال العام الذي شهد كوارث يومية للطرق أبرزها حادث مصرع 50 طفلاً على مزلقان بأسيوط.

ولم يشهد عام الحكم الإخواني اليتيم تشييد أي من الطرق الجديدة، أو إصلاح الطرق القائمة، فضلاً عن تراجع أداء مرفق السكك الحديدية أو مشاريع تحقق ما روجوا له في حلم “النهضة”.

الاقتصاد والمال

الهدف الأساسي لحكم محمد مرسي كان الاقتراض من الخارج، ومع تراجع الناتج القومي جراء عدم الاستقرار السياسي والأمني، ارتفع حجم العجز بالموازنة، ومن ثم ارتفاع حجم الدين الداخلي الذي شكلت خدمة الدين بسببه عنصرًا ضاغطًا إضافيًا على الموازنة.

فضلاً عن استهلاك رصيد الاحتياطي من النقد الأجنبي، وارتفاع قيمة الدين الخارجي بنسبة 30%، وارتبك الحكم في مواجهة كافة المشكلات الاقتصادية، فارتفع عدد المصانع المتعثرة، وازداد معدل البطالة بين فئات قطاعات التشغيل كافة، وتراجعت معدلات السياحة إلى مستوى متدن، وجاءت المعالجة السلبية لسعر صرف الجنيه لتزيد من الضغوط الحياتية على المواطنين.

ربما يعجبك أيضا