صيف ساخن ينتظر ماكرون وحكومته لإصلاح قانون العمل

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

باريس – صيف ساخن ينتظر حكومة “إدوار فيليب” التي قدمت مشروع إصلاح قانون العمل خلال المجلس الحكومي. قانون لطالما وعد به الرئيس إيمانويل ماكرون، وإصلاح يعتبره الكثيرون أول اختبار في ولاية ماكرون لتطبيق وعوده الانتخابية.

الإصلاح الذي يفترض أن يدخل حيز التنفيذ الخريف المقبل وتعارضه النقابات وشريحة واسعة من الفرنسيين بشدة يسعى بحسب الحكومة إلى إضفاء مزيد من الليونة على سوق العمل عبر فرض سقف على تعويضات الصرف التعسفي وتعميم عقد عمل من نوع جديد والسماح للموظفين بالحصول على إعانات البطالة عند الاستقالة.

هي المرحلة الأولى لإصلاح أثار حوله ضجة كبيرة في فرنسا، “مشروع قانون” قد يغير مسار قانون العمل في البلاد، ومن شأنه أن يجلب الاستثمارات ويقلص من نسبة البطالة البالغة 9.6% فهل ولى عهد الـ 35 ساعة؟ وهل هذه الإجراءات يمكن فعلا أن تسمح بتقليص البطالة في فرنسا؟ وما تأثيرها على الأجور؟ وماذا عن قوانين العمل في باقي الدول الأوروبية؟

ملامح القانون الجديد

القانون الجديد الذي تضمن 52 مادة، أبرزها منح الشركات مرونة في تنظيم العمل وفق أنشطتها الاقتصادية والمنافسة. وحق صاحب العمل في فرض مدة ساعات الدوام اليومي والأسبوعي وكذلك فرض الإجازات والعطل المدفوعة. كما يعطى القانون الجديد أولوية لعقود العمل على عقود المؤسسات.

ورغم عدم تغيير مدة العمل الأسبوعية المحدودة بـ 35 ساعة، فإنها ستصبح أكثر مرونة، إذ من الممكن العمل 48 ساعة (وحتى 60 في حالات استثنائية)، لكن عشر ساعات في الأسبوع الذي يليه، بحيث يبقى معدل العمل الأسبوعي 37.5 ساعة على مدى ثلاثة أشهر.

قسم كبير من الشركات يطبق في فرنسا زيادة 25 % بالنسبة للثماني ساعات الإضافية الأولى، و50 % لما زاد عن ذلك. وهي النسب التي يحددها القانون. لكن، من الممكن حالياً توقيع اتفاق لتحديد هذه الزيادة بـ 20 بالمائة، بالنسبة لقطاع معين من الشركات. الشرط الوحيد هو ألا تكون أقل من 10 بالمائة.

موضوع الأجور من أكثر المواضيع المختلف عليها، حيث بإمكان الشركة تغيير قانون العمل، دون تغيير أجر الموظف. وبذلك قد يعمل أكثر دون أن يكسب أكثر، ولا يوجد ضمانات بألا يخضع الموظف لضغوط ليقبل بتغيير عقده.

مفاوضات مع النقابات

المفاوضات مع النقابات ستبدأ الشهر المقبل، وفي هذا السياق تقول وزيرة العمل الفرنسية، ميريال بينيكو، إن الحكومة ستتخذ مقاربات تمّكن من احترام الديمقراطية الاجتماعية والسياسية. الديمقراطية السياسية برأيها تتمثل في مشروع قانون ستطرأ عليه تعديلات وسيناقش داخل البرلمان، مشيرة إلى أنه ليس شيكاً على بياض. مضيفة “ثم إن هناك الديمقراطية الاجتماعية لأننا اخترنا طريقة غير مسبوقة بالتركيز على النقاش مع النقابات العمالية والمقاولات على كل موضوع”.

إجراءات سيتم التشاور بشأنها مع الشركاء الاجتماعيين “طريقة” رحبت بها بعض النقابات. حيث أكد  “لوران بيرجي” الكاتب العام لنقابة (CFDT) أنه لن يتم الحكم على القانون قبل أن يطرح على طاولة النقاش وهذا لن يحدث قبل بداية سبتمبر حينها ستقرر النقابات موقفها.

أصوات معارضة

في المقابل تخشى النقابات من أن يؤدي تطبيق هذا القانون إلى إضعاف حقوق العمال الاجتماعية وتعريضهم إلى ابتزاز من أصحاب العمل، كما أنه قد يفتح الباب لأرباب العمل بتسريح العمال بحجة تراجع الأوضاع الاقتصادية.

من جهته دعا الاتحاد العام للعمل في البلاد إلى إضراب في سبتمبر/ أيلول المقبل. ورفضت حركة “فرنسا الآبية” على لسان زعيمها “جان لوك ميلونشون” مشروع القانون داخل البرلمان وخارجه، داعياً المواطنين إلى الحشد لرفض مشروع القانون.

وفي نهاية تموز/ يوليو سيتم التصويت على مشروع القانون في البرلمان فيما ستتواصل النقاشات مع الشركاء الاجتماعيين إلى غاية الـ 20 من سبتمبر أيلول وستحدد مراسيم الحكومة إلى أي مدى سيتم الإصلاح في قانون العمل في فرنسا.

 المساس بقانون العمل في فرنسا ليس أمراً سهلاً، إذ أنه ومنذ الإعلان عن إطلاق المشروع، من قبل وزيرة العمل السابقة ميريام الخُمري، في سبتمبر الماضي، أبدى الفرنسيون معارضتهم له ومن الصعب عليهم تقبل مشروع إصلاح قانون العمل بهذه الطريقة، ففي فرنسا، مكتسبات اجتماعية عملت عليها النقابات وبعض الحكومات عبر التاريخ، لتصبح ثوابت من الصعب تغييرها.

ربما يعجبك أيضا