“القاهرة الخديوية”.. “باريس الشرق” الزاخرة بالتراث

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة –  قبل 150 عامًا، لقبت القاهرة “بباريس الشرق” لما تحويه من كنوز معمارية كانت خليطا فريدا من الطراز الكلاسيكي والنهضة المستحدثة وطالباروك والروكوكو والطراز القوطي الجديد صممها أفضل مصممي العالم، لتتحول بركها ومستنقعاتها إلى تحف متراصة تزين شوارعها.

“الخديوي إسماعيل”

ارتبط اسم الخديوي إسماعيل بـ”القاهرة الخديوية”، فبعد توليه الحكم عام 1863 بأربع سنوات وخلال زياراته لباريس طلب من الإمبراطور نابليون الثالث أن يعمل الفرنسي “هاوسمان” الذي خطط باريس على تخطيط “القاهرة الخديوية”، وخلال مقابلة التكليف بين إسماعيل وهاوسمان، طلب منه أن يحضر معه إلى القاهرة كل بستاني وفنان مطلوب لتحقيق خططه، وقال عبارته الشهيرة: “من يشرب من ماء النيل، فسيعود له المرة تلو المرة”.

وقبل قرار الخديوي إسماعيل كانت مدينة القاهرة الممتدة من منطقة القلعة شرقا إلى ميدان العتبة غربا ويغلب عليها الانهيار العمراني، كما أنه يفصلها عن شاطئ نهر النيل “البرك والمستنقعات والتلال والمقابر”، ويعد والي مصر محمد علي باشا صاحب البداية قرارا عام 1831 بتعمير الخرائب وتحديد مساحتها، وإنشائه في عام 1843م مجلساً لتجميل القاهرة وإنشاء القصور.

وخلال سنوات قليلة تحولت القاهرة المنكوبة إلى “باريس الشرق” كما أطلق عليها الغربيون حينها، بفضل العمارة الخديوية التي بدأت في التشييد عام 1869 بعد افتتاح قناة السويس، لتصير تحفة معمارية تنافس أجمل مدن العالم.

“باريس الشرق”

وضمت القاهرة الخديوية العديد من القصور والمرافق والعمارات، أبرزها دار الأوبر القديمة وكوبري قصر النيل وسراي القبة وقصر عابدين وحديقة الأندلس.

بدأت من كوبري قصر النيل حتى منطقة العتبة، وافتتح الخديو إسماعيل في عام 1872 شارع محمد علي بالقلعة بطول 2.5 كيلومتر، فيما بين باب الحديد والقلعة على خط مستقيم، وزانه على الجانبين بما يعرف بالبواكي.. وفي العام نفسه افتتح كوبري قصر النيل على نهر النيل بطول 406 أمتار، وكان يعد آنذاك من أجمل قناطر العالم، حيث زُيّن بتماثيل برونزية لأربعة من الأسود نحتت خصيصًا في إيطاليا.

وافتتح إسماعيل أيضًا كوبري أبو العلا على النيل على بعد كيلو متر تقريبًا من الجسر الأول، والذي صممه المهندس الفرنسي الشهير “جوستاف إيفل”، صاحب تصميم برج إيفل بباريس، وتمثال الحرية بنيويورك.. وتم رفع هذا الجسر منذ عدة سنوات لعدم قدرته على تحمل الضغط المروري الكثيف بين أحياء القاهرة والجيزة.

وتابع ذلك شق شارع كلوت بك، وافتتاح دار الأوبرا المصرية عام 1875، ثم أنشأ السكة الحديد وخطوط الترام لربط أحياء العتبة والعباسية وشبرا، وتم ردم البرك والمستنقعات للتغيير من حدود المدينة، وتحويل مجرى النيل، حيث كان يمر ببولاق الدكرور وبمحاذاة شارع الدقي حاليًا.

وتزامن ذلك مع تنفيذ شبكة المياه والصرف الصحي، والإنارة، ورصف شوارع القاهرة بالبلاط، وعمل أرصفة، وأفاريز للمشاة، وتخطيط الحدائق التي جلبت أشجارها من الصين، والهند، والسودان، وأمريكا.

كما شيد إسماعيل القصور الملكية الفخمة الموقعة بأسماء مصممين معماريين من إيطاليا وفرنسا، مشترطاً عليهم أن يعلم كل خبير هندسي منهم 4 مصريين فنون العمارة والتشييد، وكان في مقدمة تلك القصور قصر محمد علي باشا بحي شبرا الذي تم تجديده من قبل وزارة الثقافة منذ عدة سنوات وقصر الجوهرة في قلعة صلاح الدين الأيوبي وقصر النيل وقصر القبة.

ربما يعجبك أيضا