الصراع في شمال سوريا.. الأكراد في مواجهة مع أنقرة

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

الصراع الكردي التركي له جذور تمتد لسنوات طويلة ، ولكن منذ عام 1973 زادت وتيرة الصراع بعد أن أصدرت مجموعة بقيادة عبد الله أوجلان إعلان عن الهوية الكردية في تركياوبعدها بعام قررت المجموعة التى تطلق على نفسها “توريي كردستان” بدء حملة من أجل حقوق الأكراد و المطالبة بالانفصال عن تركيا وتكوين دولة كردية مستقلة أو الحصول على حكم ذاتي بالإضافة إلى الحصول على المزيد من الحقوق السياسية والثقافية للأكراد داخل الجمهورية وبالرغم من أن الأكراد قاموا بهجمات مختلفة في عدة مناطق في تركيا،إلا أن النشاط الأساسي للأكراد هو في الجانب الجنوبي الشرقي من تركيا.

سيناريوهات تتحقق

منذ عامين بدأ القضاء التركي سلسلة من الملاحقات ضد قادة مؤيدون للأكراد ومعارضون لحزب العدالة والتنمية بتهمة “الترويج لمجموعة إرهابية” في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني، الأمر الذي فتح باب العنف داخل الأراضي التركية.
ويري بعض المحللين السياسيين إن العديد من السيناريوهات تنتظرها تركيا إذا ما استمرت السياسات الحالية بحق السياسيين الأكراد، مشيرا إلى إمكانية حظر حزب الشعوب ومنعه من ممارسة السياسة أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة الأمر الذي يغلق باب المفاوضات على ليكون الحل العسكري هو البديل ،” الأمر الذي يتحقق الأن “.

إعلان الحرب

ويري قائد وحدات حماية الشعب الكردية السورية إن الانتشار العسكرى التركي قرب مناطق يسيطر عليها الأكراد فى شمال غرب سوريا يصل إلى “مستوى إعلان حرب” وهو ما يمكن أن يؤدى لاندلاع اشتباكات خلال أيام ، وبطبيعة الحال لن نقف مكتوفي الأيدى أمام هذا العدوان المحتمل”.

الأمر الذي أجبر نائب رئيس الوزراء التركى نعمان قورتولموش على الرد قائلا:” إن بلاده لا تعلن الحرب لكن قواتها سترد على أى تحرك عدائى من وحدات حماية الشعب الكردية التى وصفها بأنها جيش صغير شكلته الولايات المتحدة”.

وقد تفتح التوترات المتزايدة بين الطرفين الحليفين للولايات المتحدة فى شمال غرب سوريا جبهة جديدة فى الصراع السوري متعدد الأطراف الذى تلعب فيه القوى الخارجية دورا كبيرا.

فمنذ عام انتشرت القوات التركية في شمال سوريا دعما لجماعات من الجيش السوري الحر في حملة طردت خلالها تنظيم الدولة من مناطق الحدود ليس هذا فقط بل فصلت أيضا الأراضي التى تسيطر عليها وحدات حماية الشعب ، وفي الأسابيع القليلة الماضية أرسلت تركيا تعزيزات إلى المنطقة الواقعة شمالي حلب معللة بأن وحدات حماية الشعب تمثل خطرا أمنيا عليها وتراها امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يشن تمردا على الدولة التركية منذ عقود ، على الرغم من نفي الوحدات أى علاقة لها بحزب العمال.

سيف الفرات

عمليات إنزال جوي يساندها سلاح الجو التركي هو مايراه محللون عسكريون أتراك أمر محتمل، بعد أن تم إعلان عن مشاركة 20 ألف مقاتل من “الجيش السوري الحر” في العملية العسكرية المنتظرة التي ستطلقها تركيا للسيطرة على مدينة “عفرين” التابعة “حزب الاتحاد الديمقراطي” الذي تعتبره أنقرة الامتداد السوري لـ”حزب العمال الكردستاني”، العملية ستستمر 70 يوماً، إذ ستشمل إلى جانب “عفرين”، مدينة تل رفعت ومطار منغ العسكري.

كل هذا في الوقت الذي أمر الجيش التركي وحداته العسكرية وفصائل “الجيش السوري الحر” في المنطقة بالتأهب لعملية عسكرية وشيكة، من المنتظر أن تسمَّى “سيف الفرات”، موضحة أن الأسلحة والعتاد التي حشدت للعملية الجديدة تبلغ ضعفي حجم الأسلحة والعتاد التي استخدمت في عملية “درع الفرات”، وأن الجيش التركي أرسل موخرًا نحو 7 آلاف عسكري من الوحدات الخاصة إلى المنطقة.

هواجس

الجيش التركي ثاني أقوي جيوش حلف الناتو الأمر الذي يجعله مؤهل للتعامل مع جميع التطورات في حالة توجيه الأكراد السوريين أسلحتهم ناحية الحدود التركية، وهذا قد لا يحدث لأن الأكراد مشغولون بالصراع الداخلي السوري وبترتيب أوضاعهم داخل سوريا ما يقلق تركيا هو التطلعات السياسية للأكراد السوريين والتي من المؤكد أن يكون لها انعكاس سلبي على الداخل التركي بسبب وجود تكتل كردي داخلها ، لذلك تعلم جيدا أن ظهور وإقامة دولة عرقية لن يتوقف عند حدود العراق خاصة مع إصرار زعيم الإقليم “مسعود البرزاني” على استفتاء “الاستقلال عن الوطن الأم”، بل إن عدواه سوف تنتقل إلى الدول المجاورة حيث تعيش أقليات كردية، أكبرها عددا في تركيا، وهذه العدوى العراقية ربما تنتقل أولا إلى سوريا وهي تعيش أضعف مراحلها.

العدوى العراقية إذا ما انتقلت فعلا إلى أكراد سوريا، والذين لم يعلنوا حتى الآن عن نيتهم مجاراة أشقائهم العراقيين سياسيا، لذلك لن تسلم تركيا لن تسلم من هذه العدوى ، فالحدود التركية السورية شبه متداخلة سكانيا، ناهيك عن استمرار المشاكل السياسية والأمنية العسكرية بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني التركي والذي يحظى بحضور قوي في أوساط الأكراد الأتراك، الأمر الذي من شأنه أن يصعب من المشاكل الداخلية في تركيا.

هل تخذل أمريكا تركيا ؟

يري بعض المراقبون إن واشنطن ستمنع أنقرة من دخول الشمال السوري ، بينما يري آخرون أن منهج واشنطن هو “اللعب على الحبلين” فتسليح الأكراد يمكن أن يؤدي في المستقبل إلى تحويل السلاح الأمريكي من محاربه داعش إلى إعلان الحرب على تركيا الأمر الذي سوف يحسم قريبا.

ربما يعجبك أيضا