محادثات الغرفة “14”.. ملفات شائكة ونتائج ملغومة

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

في الغرفة رقم 14 بمقر انعقاد قمة العشرين في هامبورج بإلمانيا انعقد أول لقاء بين رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين لمدة تجاوزت الساعاتين، في لقاء أكد البيت الأبيض قبيله أن الفراغ الزمني المخصص له لن يتجاوز الـ30 دقيقة، فيما توقعت موسكو ألا يتجاوز الساعة، لكن يبدو أن الرجلين كان لديهما الكثير من القضايا العالقة التي تحتاج إلى تسوية.

قبيل بدء الاجتماع قال ترامب لبوتين “إنه لشرف أن ألتقيك”، ليرد قائلا “أنا مسرور للقائك، وآمل أن يثمر هذا اللقاء عن نتيجة إيجابية”، وأكد بوتين للصحفيين أنه تحدث عدة مرات عبر الهاتف مع ترامب، “لكن المحادثات الهاتفية لم تكن كافية، فمن أجل حل القضايا يجب أن تكون هناك لقاءات مباشرة” على حد تعبيره.

ملفات شائكة


بهذه الروح بدأ الرجلان اجتماعهما في حضور وزيري خارجية البلدين، ولعل أبرز هذه القضايا التي تصدرت طاولة الاجتماع ملف التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية الأخيرة، كما أوضح تيلرسون للصحفيين، “الرئيس دونالد ترامب بدأ اجتماعه بالرئيس الروسي بالإعراب عن قلق الشعب الأمريكي بشأن التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة العام الماضي”، مشيرا إلى أن بوتين نفى مثل هذا التورط وطالب بأدلة قوية، ليتفق الزعيمان في النهاية على عقد لقاءات بالمستقبل لمتابعة هذا الملف والأهم التعاون في مجال مكافحة جرائم القرصنة الإلكترونية.

وإذا كان البيت الأبيض يقبل “الخلاف المستعصي” مع روسيا بشأن التدخل في انتخابات 2016، كما أبلغ تيلرسون الإعلام، فهذا لن يكون إلا بثمن ما، وبالفعل بوتين دخل إلى الغرفة 14 ومعه الثمن متمثلا في إعلان وقف إطلاق النار في جنوب غرب سوريا، وهو عنوان عريض كما قالت الصحافة العالمية يمكن أن  يستخدمه ترامب لإظهار أن فكرته عن العمل بشكل أوثق مع حكومة بوتين بدأت تؤتي ثمارها، ولتسجيل نقطة في أول محاولة له لإحلال السلام بالعالم.

وفي هذا الصدد قال وزير خارجية ترامب “أعتقد أن هذه هي أول إشارة إلى أن الولايات المتحدة وروسيا بمقدورهما العمل معا في سوريا، وهي خطوة لترتيب أكبر، مشيرا إلى الاتفاق يتضمن تأمين وصول المساعدات الإنسانية وإقامة اتصالات بين المعارضة في المنطقة ومركز مراقبة يجري إنشاؤه في العاصمة الأردنية”، لكن لا ننسى أن حكومة الأسد دأبت على خرق أي هدنة، كما أن الاتفاق الأمريكي الروسي هنا قد يكون ملغوما، نظرا لتعارض المصالح بينهما في النزاع السوري، فموسكو تدعم الأسد وتسانده، فيما لا ترى واشنطن أي دور لعائلة الأسد في مستقبل سوريا.

إلى ذلك اتفق الطرفان على إقامة قناة اتصال لتعزيز تسوية الوضع في أوكرانيا، وقال لافروف للصحفيين  قناة الاتصال بين ممثلي روسيا وأمريكيا ضرورية من أجل المضي قدما نحو حل النزاع الأوكراني على أساس اتفاقيات مينسك ودعم الجهود التي تبذلها مجموعة الاتصال بصيغة النورماندي، حول الأزمة الأوكرانية.
وكانت “نيويورك تايمز”  تحدثت في فبراير الماضي عن خطة سرية لإحلال السلام في أوكرانيا، يبدو أن الهدف منها تحقيق نجاحا دبلوماسيا لترامب في بداية عهده وعدم إغضاب روسيا، إلا أنه من الصعب في كييف القبول بالمساومة، إذ يعتبر الرئيس الأوكراني روسيا دولة عدو محتلة لأراضيه، فمنذ 3 سنوات وأوكرانيا تشهد  نزاعاً بين القوات الحكومية والمتمردين الانفصاليين الموالين لروسيا المدعومين عسكرياً من موسكو، وأسفر هذا النزاع عن سقوط نحو 10 آلاف قتيل.

فشل بطعم النجاح

ورغم إيجابية أجواء اللقاء بين ترامب وبوتين إلا أن تحفظ الرجلين واختلاف أهدافهما في بعض الملفات الحساسة تجعل تلك الاتفاقات هشة وقابلة للأنهيار في أي وقت، فكما قال سفير أوباما السابق لدى روسيا مايكل ماكفول الاجتماع لا يمثل لحظة انتصارية لترامب بسبب الافتقار إلى الانجازات بعد وقف اطلاق النار في سوريا، ومن المتوقع أن يسرع الديمقراطيون في الدعوة إلى فشله، لاسيما وأنه تجاوز ملف التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، وهي مسألة من الصعب غض الطرف عنها، كونها تتعلق بسيادة الولايات المتحدة، على حد تعبيره.

كانت الصحف الأمريكية حذرت ترامب كثيرا وكذلك الأوساط السياسية من اللقاء الأول مع بوتين، وطالبته بعدم إبداء الارتياح الكامل خلال اللقاء ومحاولة الضغط على موسكو للخروج بمكاسب حقيقية في ملفات مثل سوريا والتدخل الروسي في الانتخابات، إلا أن هذا لن يحدث نظرا لحداثة عهد ترامب في عالم السياسة الكبرى، فهو رجل أعمال يفتقر للخبرة السياسية لاسيما فيما يتعلق بالملفات الدولية، وفي المقابل بوتين رئيس يتمتع بخبرة واسعة ولاعب مراوغ منذ زمن في العديد ملفات السياسة الدولية، ومن الطبيعي أن يهيمن على اللقاء ويراوغ لحماية مصالح بلاده.

يبدو أن ترامب في حاجة لما هو أكبر من وقف إطلاق نار “هش” في جنوب غرب سوريا، ليجبر الداخل الأمريكي قبل الخارج بالاعتراف بوجوده داخل اللعبة السياسية كلاعب محترف وليس مجرد لاعب مبتدئ قادم من عالم المال.

ربما يعجبك أيضا