لماذا لم تناقش قمة العشرين أزمة قطر ضمن قضايا مكافحة الإرهاب ؟

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد
 
انعقدت قمة العشرين في هامبورج  يوم 07 يوليو2017 مع تصاعد أزمة قطر، وكانت الأنظار تتوجه إلى هذه القمة، بأنها سوف لا تتجاوز أزمة قطر، طالما أن قضية مكافحة الإرهاب، كانت تتصدر أجندة عمل القمة. انتهت القمة ولم يتم مناقشة أزمة قطر، رغم لقاء وزير خارجية المملكة العربية السعودية الجبير مع وزير الخارجية الأمريكي تيلرسون، وهذا ما اثار الكثير من التساؤلات.
 
ركزت قضية مكافحة الارهاب على مسألة خةادم الانترنيت  فقط، وقالت المستشارة الألمانية ميركل ، إن ممثلي كبرى القوى الاقتصادية بالعالم سيجرون مباحثات مع مزودي الخدمات لمواقع الإنترنت، في إشارة منها إلى مكافحة الإرهاب والترويج له على الشبكة العنكبوتية وتنفيذ الحذف السريع لمواد التطرف. وأضافت المستشارة أن رؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين يعتزمون توثيق التعاون في إطار الأمم المتحدة من أجل مكافحة الإرهاب، وأكدت على ضرورة تكثيف تبادل المعلومات بشكل كبير أيضا، لافتة إلى ضرورة تجفيف مصادر تمويل الإرهابيين أيضا.
 
وخلال ايام انعقاد القمة، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أن بيان قمة مجموعة العشرين الذي صدر عقب انتهاء الاجتماع في ألمانيا، شدد على أهمية مكافحة الإرهاب ووقف تمويله. وأوضح أن التدخلات الإيرانية في المنطقة وملف قطر كانتا أيضا ضمن المباحثات مع وزير الخارجية الأمريكي.
 
وعلى هامش قمة العشرين عقد الرئيسان الروسي والأمريكي أول لقاء شخصي مباشر بينهما، واتفقا على هدنة في جنوبي سوريا. كما ناقشا الأزمة الأوكرانية والتدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
 
قرارات أممية لمكافحة الإرهاب
 
تسعى لجنة مكافحة الإرهاب، وفقا الى قراري مجلس الأمن 1373 لعام 2001 و1624 لعام 2005، إلى تعزيز قدرة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على منع وقوع أعمال إرهابية داخل حدودها وفي المناطق التي تقع فيها على حد سواء. وتحصل لجنة مكافحة الإرهاب على مساعدة من المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب، التي تتولى تنفيذ قرارات اللجنة المتعلقة بالسياسات، وتجري تقييمات فنية لكل دولة عضو بواسطة خبراء، وتيسر تقديم المساعدة التقنية إلى البلدان في مجال مكافحة الإرهاب.
 
وتعمل اللجنة على تجريم مساعدة الإرهابيين مساعدة فعلية أو سلبية في القوانين المحلية وتقديم مخالفيها للعدالة ويدعو القرار 1624 لعام 2005، المتعلق بالتحريض على إرتكاب أعمال الإرهاب، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى أن تحظر بنص القانون التحريض، وأن تمنع مثل هذا التصرف وأن تحرم من الملاذ الآمن أي أشخاص “توجد بشأنهم معلومات موثوقة وذات صلة تشكل أسبابا جدية تدعو إلى إعتبارهم مرتكبين لذلك التصرف”.  القرار يعمل على توفير لمحة شاملة عن حالة مكافحة الإرهاب في كل بلد، وتعد وسيلة للحوار بين اللجنة والدول الأعضاء.
 
واعتمد مجلس الأمن الدولي ، القرار رقم 2253 بالإجماع حول مكافحة تمويل الإرهاب الذي يوصي العمل بشكل وثيق مع القطاعات الخاصة والخيرية لتحديد المعاملات المشتبه بهم والاستثمار في النظم التنظيمية ذات المصداقية والتي يمكن التحكم فيها لتجميد أموال الإرهابيين.
 
وصدر القرار برقم 2354  في 25 مايو  2017  المواجهة الشاملة اللازمة للإرهاب تستلزم التعامل مع كل المنظمات الإرهابية دون استثناء، والتصدي لمن يقدم لهم يد المساعدة سواء بالتمويل، أو التسليح، أو بتقديم الدعم السياسي والأيديولوجي والإعلامي. 
 
ومن بين تلك القرارات الاممية، كان القرار رقم 2178 الصادر في شهر سبتمبر 2015، والذي يقضي بمنع تدفق المقاتلين الأجانب إلى كلّ من سوريا والعراق عبر الأراضي التركية، والقرار رقم 2170 الخاص بتجفيف منابع الدعم والتمويل المادي والعسكري واللوجيستي للمتطرفين وخاصة داعش وجبهة النصرة. وقد أثبت تعطل تفعيل تلك القرارات على أرض الواقع أنّ الحكمة لا تكمن في إصدار القرارات بقدر ما تكمن في التعاطي الإيجابي مع آليات تنفيذها من قبل الدول.
 
وفي سياق التقارير الاستخبارية، اتهم المدير السابق للاستخبارات الالمانية أوغست هاننغ قطر بتمويل مساجد المتطرفين في أوروبا وخاصة في بلده ألمانيا، مما أدى إلى أعمال إرهابية أودت بحياة العشرات في ألمانيا، وأوربا، مشيرا إلى خطورة الدور القطري، ودور تنظيم الإخوان الإرهابي في هذا الشأن، ذاكرا قطر وتركيا بالاسم. وتناولت التقارير التي تناقلتها عدد من وســائل الإعلام أن قطــر قامت بتزويــد قيادات اخوانيــة مرتبطة بتنظيــم القاعــدة أضيفــت ضمن العقوبات الأمريكيــة لتورطها في دعم وتمويل أنشطة الجماعات الإرهابية في المنطقة.
 
النتائج
 
ـ ان ماصدر من اجماع خلال قمة العشرين حول مكافحة الارهاب، والذي تضمنه البيان الختامي، لم ياتي بجديد، كون الاجراءات المقترحة التي ركزت على اجراء مباحثات مع خوادم الانترنيت، لم تكن جديدة ومنذ سنوات تبنت خاصة المفوضية الاوروبية، ربما قمة العشرين اضافت عنوان جديد وهو تشديد الاجراءات المتخذة وسرعة حذف محتويات التطرف. التقارير كشفت بأن خوادم الانترنيت عليها ان تحذف مواد التطرف خلال 24 ساعة، وهذا بحد ذاته يعتبر اجراء بطيء، ويقدم خدمة للجماعات المتطرفة.
 
ـ ابرز الانتقادات التي يفترض ان توجه الى قمة العشرين هي : عدم مناقشتها ازمة قطر، ضمن بند مكافحة الارهاب، ولم يتم عقد الاجتماعات على هامش القمة ماعدا اجتماع وزير خارجية المملكة السعودية مع تيلرسون وزير الخارجية الامريكية. كان يفترض ان تتخذ قمة العشرين اجراءات فاعلة على الارض، بعدم اطالة ازمة قطر، والاشارة الى قطر بالاسم كونها راعية وداعمة وحاضنة للجماعات المتطرفة واعتبار الدوحة، مصدر لجمع الاموال الداعمة للارهاب.
 
ـ القرارات الدولية تحرم ان توفر الدول ملاذات للاشخاص والى الاموال الداعمة للارهاب، كذلك اكد القرارات الاممية ابرزها  القرار 1624 لعام 2005 والقرار 2354 في 25 مايو 2017، على تقييم جهود الدول الاعضاء في الامم المتحدة حول تنفيذها قرارات مجلس الامن، ذلك من خلال تقاطع تقارير الخبراء في لجنة مكافحة الارهاب وبما لديهم من معلومات ووثائق، مع جهود الدول الاعضاء. ماعدا ذلك ان الامم المنحدة اتبعت سياسة خلال عام 2016 وخلال عام 2017، ان تقدم الدول الاعضاء تقارير عن جهودها في رصد ومتابعة حركة الاموال وغسيل الاموال على اراضيها.
 
القرار 2253 اكد على العمل بشكل وثيق مع القطاعات الخاصة و “الجمعيات الخيرية” لتحديد معاملات المشتبه بهم من اموال واشخاص، وقطر مازالت توفر الملاذات الامنة الى اشخاص ومؤسسات مالية وضعت في وقت سابق على القائمة السوداء التابعة للامم المتحدة او تحت قائمة الخزانة الامريكية المعنية بغسيل الامول وتمويل الجماعات الارهابية.
 
التوصيات
 
ماينبغي على الحكومات خاصة  دول اوروبا،مراجعة تقاريرها الاستخباراتية حول تورط دولة قطر في دعم وتمويل الجماعات الارهابية، وربما يتوجب التحرك على البرلمانات خاصة احزاب المعارضة، للكشف عن تلك التقارير، التي عادة تبقى سرية ولم يتم الكشف عنها لاغراض مصالح سياسية، وهذا ربما مايحصل في اوروبا اكثر من غيرها من الدول.
 
القرارات الاممية خلال عام 2016 والعام الجاري 2017، ركزت على موضوع الاشارة الى الحكومات والمؤسسات بالاسم عند وجود معلومات حول تورطها في دعم وتمويل الارهاب، وفرض عقوبات على تلك الدول. وهذا يعني مايحتاجه المجتمع الدولي، تفعيل تلك القرارات، من داخل الامم المتحدة، لجنة مكافحة الارهاب وتجاوز الحديث عن التهم. ان مطاولة ازمة قطر، دون وضع التدابير القانونية لايقافها، سوف يؤثر كثيرا على مصداقية مكافحة الارهاب دوليا ويضر في امن المنطقة.
 
*باحث في قضايا الارهاب والاستخبارات

ربما يعجبك أيضا