نتنياهو في فرنسا.. زيارة اختبار النوايا بشأن إسرائيل

كتب – حسام عيد

أخذت العلاقات الإسرائيلية الأوروبية منحنى مغايرا وصعبا منذ انتخاب بنيامين نتنياهو رئيسا للوزراء في عام 2009، فسياسته أدت إلى تفاقم الأزمات مع العديد من القادة الأوروبيين.

علاقات توصف بالمعقدة أثرت سلبا على مكانة إسرائيل في أوروبا، فهي اليوم في أسوأ أحوالها، لكن العلاقات الاقتصادية والأمنية لا تزال قوية، حيث يخشى القادة الأوروبيون من التطرف الإسلامي، ويتقاسمونه مع إسرائيل.

وفي مساعي حثيثة منه، شدد نتنياهو على أن إدارته ترى أهمية تعزيز العلاقات بين إسرائيل والدول الأوروبية.

وجاءت فرنسا كأولى محطات نتنياهو الأوروبية، لإعادة إحياء العلاقات الثنائية، ومحاولة إقناعها بالعدول عن المبادرة التي ترعاها لتحقيق السلام.

واليوم، يحمل إيمانويل ماكرون آمال تحسن العلاقات الفرنسية-الإسرائيلية، التي وصلت إلى أدنى مستوى لها في عهد فرنسوا هولاند، كما يرى الإسرائيليون.

ويُعد ماكرون مؤيدًا لإسرائيل؛ حيث يُعارض الاعتراف أًحادي الجانب بإقامة دولة فلسطينية ويؤيد حل الدولتين، اعتقادًا منه أنه لن يصب في صالح كلا الطرفين.

إزدواجية نتنياهو

غادر نتنياهو إسرائيل في أوج توتر بعد هجوم أدى إلى مقتل شرطيين إسرائيليين في البلدة القديمة من القدس وإلى اغلاق باحة المسجد الأقصى.

وتثير زيارته إلى فرنسا لإحياء الذكرى الخامسة والسبعين لحملة فيل ديف التي تعد من اسوأ فصول التاريخ المعاصر لفرنسا، استياء البعض الذين يرون في ذلك “خلطا في الأمور” أو استخداما لليهود الفرنسيين “كأدوات”.

وقال “الاتحاد اليهودي الفرنسي للسلام” انه “صدم” بدعوة مسؤول إسرائيلي إلى مراسم إحياء ذكرى “جريمة محض فرنسية ضد الانسانية”.

واحتج الحزب الشيوعي الفرنسي أيضا معتبرا أن نتنياهو “لا يحمل رسالة سلام”.

وحملة فيل ديف وقعت في 16 و17 يوليو 1942 مع قيام الشرطة الفرنسية باعتقال 13 ألفا و152 رجلًا وامرأة بينهم آلاف الأطفال الذين لم يطلب النازيون احتجازهم.

وقد تم تجميعهم لأربعة أيام في ميدان سباق الدراجات الشتوي في ظروف غير إنسانية ثم نقلوا إلى معسكر (اوشفيتز) النازي، ولم ينج منهم من المعتقل سوى أقل من مئة.

استعادة حليف قديم

صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمسؤولية فرنسا في حملة “فيل ديف” التي طالت آلاف اليهود في 1942.

وأشاد نتنياهو بالفرنسية، بدعوة ماكرون ووصفها بأنها “مبادرة قوية جدا تدل على الصداقة القديمة والعميقة التي تربط بين فرنسا وإسرائيل”.

فيما أعرب ماكرون عن أمله في تعزيز العلاقات الثنائية، مؤكدا أنه سيطلب من وزير الاقتصاد برونو لومير التوجه إلى الكيان الصهيوني في أقرب وقت على رأس وفد من الشركات لتوسيع التعاون في مختلف المجالات.

كما أظهر ماكرون اعتزامه زيارة الكيان الصهيوني في الاشهر المقبلة لمواصلة التشاور حول القضايا الاقتصادية و الأمنية.

فزاعة الإسلاموفوبيا

واصل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تحريضه على الإسلام، والتلويح بفزاعة “الإسلاموفبيا”، حيث هاجم مجددا الإسلام ووصفه بـ الإرهاب.

ورأى رئيس الوزراء الإسرائيلي أن الإسلام السياسي يسعى إلى تدمير إسرائيل والدول الأوروبية على حد سواء.

وقال، “سمعنا في الآونة الأخيرة اصواتا متطرفة لا تدعو فقط إلى تدمير دول اليهود بل اليهود أنفسهم، وكل من يعترض ويعارض طريقهم”.

وشدد ماكرون على أهمية محاربة كل أنواع التمييز، وقال: “لن نرضخ أمام معاداة الصهيونية التي نعتبرها شكلا جديدا لمعاداة السامية”.

الأمر الذي لاقى ترحيبا وتقديرا من جانب بنيامين نتنياهو، قائلا: “تطرقتم قبل يومين في مدينة نيس إلى الحروب الصليبية وأنتم صادقون فيما قلتم، فالإسلام المتطرف الذي تمثله إيران وداعش يسعى لتدميرنا وتدمير أوروبا، وإسرائيل هي هدفهم الأول فهم لا يكرهون الغرب بسبب إسرائيل بل يكرهون إسرائيل بسبب الغرب، فهم يحاولون تدميرنا وإياكم، وبما أن فرنسا قوة عظمى فلن يمروا عنها مرور الكرام”.

طي المبادرة الفرنسية

لم يزر رئيس الوزراء الإسرائيلي فرنسا منذ المسيرة الكبرى ضد الإرهاب، بعد الاعتداء الذي استهدف مجلة “شارلي إيبدو” الفرنسية الساخرة ومحلا لبيع أطعمة يهودية في يناير 2015.

ويسعى نتنياهو إلى التعرف عن كثب على مواقف الرئيس الفرنسي الجديد واختبار نواياه بشأن إسرائيل وسياساتها الاستيطانية، بعد تغير الإدارة الفرنسية وحشد الدعم الفرنسي لحل الدولتين، الذي دأبت فرنسا على الدفاع عنه في عهد إدارة الرئيس السابق، فرانسوا هولاند، من خلال مؤتمرين دوليين نظما في باريس في يونيو 2016 ويناير 2017.

واحتجت إسرائيل بشدة على المبادرة الفرنسية واعتبرتها تدخلا في شؤونها الداخلية.

ويرى نتنياهو أن جذور الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تكمن في رفض الفلسطينيين الاعتراف بدولة إسرائيل في المنطقة.

فرنسا مع حل الدولتين

أكد ماكرون استعداد باريس “لدعم كل المبادرات الخاصة بإحلال السلام في الشرق الأوسط”، داعيا إلى استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، من أجل التوصل إلى حل يقوم على دولتين، إسرائيل وفلسطين.

وشدد على ضرورة أن “تعيش” دولتا إسرائيل وفلسطين “الواحدة إلى جانب الأخرى ضمن حدود آمنة ومعترف بها مع القدس كعاصمة”.

كما أشار الرئيس الفرنسي إلى أن بلاده تلتزم بـ”موقف واضح” من الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مشددا على ضرورة أن يحترم الجميع القانون الدولي.
 

ربما يعجبك أيضا