جزيرة الوراق.. يشهد لها التاريخ وتنكرها الجغرافيا

هالة عبدالرحمن

كتب – هالة عبدالرحمن
لم تكن جزيرة الوراق كمًا مهملًا ولا بعيدة عن الضوء، فقد كانت وما زالت محط أنظار الكثيرين داخل مصر وخارجها ليس لموقعها المميز على موقع نهر النيل، وإنما لمواقف أهلها البطولية أيضًا على مر التاريخ، حينما استورد أهلها “تقاوي البطاطس” من قبرص لتجنب تدخل اليهود في أهم زراعة بمصر، إلا أن الحكومة المصرية ترفض الاعتراف بكونها محمية طبيعية تارة أو الاعتراف بكونها منطقة سكنية تارة أخرى.

وتقع جزيرة في منطقة الوراق بمحافظة الجيزة وهي جزيرة من عدد 255 جزيرة على مستوى الجمهورية، وتعتبر جزيرة الوراق أكبرهم مساحة، ويعد موقع جزيرة الوراق متميز حيث يحدها محافظة القليوبية في الشمال والقاهرة من الشرق والجيزة من الجنوب، فيما تبلغ مساحتها 1400 فدان تقريبًا، ويبلغ عدد سكانها حوالي 60 ألف مواطن.

وفي بدايات القرن العشرين، كانت تشتهر جزيرة الوراق بزراعتها المزدهرة حتى بدأ المجتمع الاقتصادي في تحويل الأنظار إليها بغرض تحويلها إلى مجمعات سكانية متنوعة ما بين إنشاء فنادق سياحية وأبراج سكنية أي تحويلها من رقعة زراعية إلى رقعة بنائية تهدف إلى استغلال موقعها المتميز وتحويلة إلى جذب استشمار داخلي وخارجي، وذلك إما بإخلاء ساكنيها أو شراء مساحات شاسعة في مناطق متفرقة واستغلالها.

وتعرف جزيرة الوراق بأن أهلها يعملون بالزراعة فهم من أدخلوا زراعة البطاطس فيها وفي محافظة الجيزة سنة 1917 وتطور نشاطهم في مجال زراعة البطاطس سنة 1963 والتي تحولت فيما بعد إلي الجمعية العامة لمنتجي البطاطس علي يد المرحوم الشيخ أحمد أبوالفضل الجيزاوي عضو مجلس الشيوخ ويذكر التاريخ الزراعي له وللجزيرة انه رفض محاولة تاجري تقاوي البطاطس اليهوديين في ذلك الوقت إسحاق فانيا وصمويل هليمان توريد تقاوي البطاطس للجمعية وللزراع في جزيرة الوراق بشرط التعاقد علي توريد المحصول للقوات الإنجليزية فخرجت الجمعية بالاشتراك مع أبناء الجزيرة ومنهم المرحوم جلال زين باستيراد التقاوي مباشرة من قبرص وظل يستوردها حتي عام 1958 حيث اقتصر الاستيراد علي الجمعية المركزية لاستيراد البطاطس، لهذا فجزيرة الوراق ليست من طرح النهر ولا ظهرت بعد بناء السد العالي كما يظن البعض.

ويعاني أهالي الجزيرة منذ سنوات من عدم وجود شبكات صرف صحي سليمة وتلوث مياه الشرب وعدم وجود مرافق عامة أو مستشفيات. كما أن الوسيلة الوحيدة للوصول والخروج من الجزيرة هي “المعديات” وللتنقل بداخلها “التكاتك”.

وتعد الاشتباكات التي دارت بين أهالي جزيرة الوراق وقوات الشرطة، أمس الأحد، أثناء حملة إزالة تعديات أسفرت عن 11 مصابًا بحسب بيانات وزارة الصحة الرسمية،  حلقة من حلقات سلسلة مستمرة خلال الست سنوات الماضية.

وتعود أزمة جزيرة الوراق إلى قرار الدكتور عاطف عبيد، رئيس مجلس الوزراء الأسبق، بتحويل جزيرتي «الوراق والدهب» إلى منافع عامة عام 2000. فيما حصل الأهالي على حكم قضائي عام 2002 يقضي بأحقيتهم في أراضيهم.

وفي عام 2010 أصدرت حكومة أحمد نظيف قرارًا  بترسيم وتوقيع الحدود الإدارية النهائية لخمس محافظات، جاء من ضمنها جزيرة الوراق بمحافظة الجيزة، وقررت الحكومة وضع خطة لتطويرها.

ونوه الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى الأوضاع فيها بشكل غير مباشر، خلال مؤتمر إزالة تعديات الدولة» في يونيو الماضي، وقال: “في جزر موجودة في النيل هذه الجزر طبقا للقانون المفروض مكتا يبقاش حد موجود عليها.. وبعدين ألاقي مثلا جزيرة موجودة في وسط النيل مساحتها أكتر من 1250 فدان ومش هذكر اسمها، وابتدت العشوائيات تظهر جواها والناس تبني وضع يد”، ليأمر المسؤولين: “لو سمحتم، الجزر اللي موجودة دي تاخد أولوية في التعامل معها”.

وعلى إثره أصدر المهندس شريف إسماعيل قرار باستبعاد 17 جزيرة من تطبيق قرار رئيس الوزراء رقم (1969) لعام 1998 الذي كانت  الجزيرة تعتبر بموجبه  محمية طبيعية، فضلًا عن وضع خطة لتطوير الجزيرة وتحويلها إلى منطقة استثمارية.

وفي صباح أمس الأحد توجه عدد من قوات الأمن قالت الداخلة إنها مكلفة بإزالة المباني المخالفة على أرض الجزيرة، لكنها انسحبت بعد اشتباكات عنيفة مع عدد من الأهالي أسفرت عن مقتل أحد الأهالي وإصابة العشرات بينهم مدنيون و31 من رجال الشرطة حسب بيان وزارة الداخلية، ويصر رئيس الحكومة على تنفيذ قرراه مؤكدًا في تصريحات له، “لم نكن نتمنى أن يصل الأمر لهذا الحال، ولكن هناك دولة وقانون، وسيتم تنفيذ القانون، والقانون سيأخذ مجراه”، وتابع بالقول: “هناك لجنة تم تشكيلها للتحقيق في هذه الأمر، والدولة يجب أن تستعيد سلطاتها على أراضيها”.

ربما يعجبك أيضا