ليبيا.. خارطة السراج تشعل الجدل ومبادرة فرنسية في الطريق

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان
 
في فصل جديد من فصول الأزمة الليبية الطاحنة، تشهد الساحة السياسية في طرابلس وشرق البلاد جدلا واسعا منذ مطلع الأسبوع، تطور إلى حد مطالبة بعض الفرقاء السياسيين باستقالة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، من منصبه، فيما وصفت حكومته من قبل رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح بـ”الجسم غير الشرعي”.
 
هذا التصعيد جاء ردا على خارطة طريق اقترحها السراج مساء السبت الماضي، للانتقال السلمي إلى مرحلة من الاستقرار، وطي صفحة الماضي في بلد غارق في صراعات وحرب ضد الإرهاب منذ إندلاع الانتفاضة التي أطاحت بالزعيم الليبي معمر القذافي عام 2011، ومن ثم انتخابات في 2014 شابها الانقسام السياسي لتسفر عن تشكيل حكومتين وبرلمانين متنافسين في طرابلس وشرق ليبيا، وكلاهما تدعمه تحالفات فضفاضة من جماعات مسلحة شرقا وغربا.
 
 
تفاصيل خارطة السراج
 
ولعل أهم بنود خريطة الطريق التي تقدم بها السراج  وقف الاقتتال وإطلاق النار في كل أنحاء البلاد، إلا فيما يخص مكافحة الإرهاب، والدعوة إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية مشتركة بين الحكومتين في مارس 2018، بهدف توحيد التيارات السياسية بناء على اختيارات الشعب، أملا في أن تفرز هذه الانتخابات رئيساً للدولة وبرلماناً جديداً، تستمر ولايتهما ثلاث سنوات كحد أقصى، أو حتى الانتهاء من إعداد دستور للبلاد والاستفتاء عليه.
 
ويشترط السراج في هذه الخارطة استمرار العمل بالاتفاق السياسي وحكومة الوفاق الوطني، إلى أن تتم تسمية رئيس الحكومة الجديدة من قبل رئيس الدولة المنتخب، واعتماد حكومته من قبل البرلمان، بالإضافة إلى قيام المفوضية العليا للانتخابات وبالتنسيق مع الأمم المتحدة، وبمساعدة جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، بالإعداد والإشراف ومراقبة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
 
كما اقترح السراج لحقن الدم الليبي، تشكيل مجلس أعلى للمصالحة يتكون من مائة عضو، يتم اقتراحهم وفقاً لمعايير وضوابط تحددها اللجنة التحضيرية لمشروع المصالحة الوطنية، ويكون أعضاء هذا المجلس من أعيان وحكماء قبائل مدن ليبيا، ومؤسسات المجتمع المدني، على أن يراعى في اختيارهم جميع الأطياف السياسية والفكرية دون إقصاء أو تهميش.
 
معارضون ومشككون
 
وعلى الرغم من أن السراج قال الأحد الماضي في مقابلة مع وكالة سبوتنيك الروسية: أنا شخصيا، لست ضد ترشح أي شخص للرئاسة، بمن في ذلك خليفة حفتر، فالشعب سيختار من يراه مناسبا من خلال صناديق الاقتراع، إلا أن مؤيدي حفتر وهو قائد الجيش الليبي بشرق البلاد ولا يعترف بشرعية حكومة السراج، أعلنوا رفض مقتراحات السراج، معتبرين أن مجلس رئاسة حكومة الوفاق غير شرعي وغير دستوري، كونه لم ينل ثقة البرلمان.
 
كما عبر حراك “شباب من مصراتة” أول أمس عن رفضه للمبادرة التي قدمها رئيس المجلس الرئاسي، فايز السراج، معتبرا أنها تعزز استمرار المعاناة في ليبيا وتضرب روح التوافق لاستغلالها في مآرب خاصة، كما طالب الحراك المجلس الرئاسي بالوفاء بالالتزامات التي قطعها على نفسه، أو تقديم استقالته وإعلان فشله بإدارة البلاد.
 
أما رئيس البرلمان عقيلة صالح والذي يتخذ من طبرق –شرق ليبيا- مقرا له، فصعد الخطاب ضد السراج إلى حد التشكيك في شرعيته قائلا: لن نسمح بإجراء انتخابات قبل صدور دستور ينظم شكل الدولة، والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق جسم غير شرعي لا صفة قانونية له تخوّله للدعوة إلى انتخابات أو طرح مبادرة في هذا الشأن.
 
على الجانب الأخر اعتبر مؤيدو السراج دعوته لإجراء انتخابات رئاسية مارس المقبل هى الحل، مطالبين المعارضين بتقديم البديل بدلا من إرباك المشهد السياسي.
 
لقاء برعاية فرنسية
 
إلى ذلك تحدثت أنباء اليوم عن لقاء مرتقب سيجمع بين السراج وحفتر في باريس وبمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، للبحث عن تسوية سياسية تنهي الانقسام الراهن بالبلد وتوحد الجيش الوطني شرقا وغربا، وقد تلعب الرئاسة الفرنسية دورا في هذه التسوية، لاسيما مع سعيها لاستعادة دورها القديم في قضايا الشرق الأوسط.
 
ويرى البعض أن السراج ربما سيلجأ خلال هذا اللقاء المقرر الثلاثاء المقبل، وفقا لتصريحات مصادر مطلعة نشرتها صحيفة الحياة اللندنية، إلى عرض الرئاسة على حفتر مقابل التسوية السياسية بالبلاد وفق خارطة الطريق التي اقتراحها، وتعد بحسب محللين ورقته الأخيرة للحفاظ على وجوده ضمن التركيبة السياسية الحاكمة.
 
مبادرة السراج ليست بالجديدة فإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية توحد حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة وحكومة وبرلمان شرق ليبيا المتحالفة مع حفتر، نص عليه الاتفاق السياسي الذي تم توقيعه برعاية أممية عام 2015، لكن الأهم من إجراء هذه الانتخابات هو علاج أزمة الثقة المحتدمة بين الشارع الليبي والتيارات السياسية كافة، وضمان مشاركة حقيقة في انتخابات نزيهة تسدل الستار على سنوات من الانقسام السياسي ووضع اللادولة.
 
 
 

ربما يعجبك أيضا