الاحتياطي الأجنبي.. أمل قطر الأخير في النجاة

حسام عيد – محلل اقتصادي

صعوبات اقتصادية خانقة تحيط بقطر جراء المقاطعة التي فرضتها دول خليجية وعربية نتيجة دعمها للإرهاب، فالقطاع المصرفي يعاني من أزمة شح السيولة، وقيمة الريال آخذة في التراجع.

الأمر الذي فرض على البنك المركزي التلويح بالسحب من احتياطياته من العملات الأجنبية لمواجهة ضغوط تراجع قيمة العملة، والتخلي عن ربط الريال بالدولار.

نزوح السيولة المصرفية

هناك جملة من التحديات تواجهها البنوك القطرية، أبرزها تقليص عمليات الإنفاق في شكل قروض للمحافظة على السيولة النقدية، في ظل انخفاض سعر الفائدة بين البنوك في قطر، إضافة إلى المخاوف من قلة العملة الأجنبية، وسعي الدوحة رغم المخاطر لمواصلة الإنفاق لتمويل مشروعات البناء اللازمة لإقامة كأس العالم لكرة القدم.

إذ بلغ متوسط نسبة القروض إلى الودائع في البنوك القطرية نحو 111.6%، وهذا سيضغط على البنوك القطرية في مواجهة ضعف الريال وشح العملة الأجنبية في حال عمدت العمالة الوافدة إلى تحويل مدخراتها إلى دولها.

وتشكل ودائع غير المقيمين نحو 24% من إجمالي الودائع في 18 مؤسسة إقراض داخل قطر لشهر أبريل 2017.

وتفقد قطر يومياً مزيداً من أموال الشركات والاستثمارات الخليجية والأجنبية، وهناك خروج يومي للسيولة من سوق المال والسندات وتسجل يومياً خسائر في كل القطاعات.

وتعمل البنوك القطرية الآن على التخارج من جميع الأنشطة والأعمال الموجودة وتقليص عمليات القروض بكافة أشكالها في قطر، بغرض المحافظة على السيولة النقدية.

فك ربط الريال بالدولار

يعد فك الربط بين الريال والدولار الأمريكي مسألة وقت في ظل الضغوط المتنامية على الدولار القطري وانحسار السيولة ضمن النظام المصرفي في قطر.

وتنعكس مخاطر طول أمد المقاطعة بشكل مباشر ومؤثر بقوة مع تحول صافي الأصول الأجنبية في القطاع البنكي القطري إلى السالب، وتسجيلها قيمة سالبة تجاوزت 45 مليار دولار.

كما تضعف مخاطر المقاطعة ثقة المودعين بالبنوك القطرية، وفي حالة اشتداد العقوبات الاقتصادية سيقوم بعض المودعين بسحب ودائعهم من قطر، وسيؤدي ذلك لضغوط على الريال، ما قد يضطر الدوحة لفك ربط الريال بالدولار.

وتشير النظرية الاقتصادية إلى أن ربط الريال بالدولار يتطلب احتياطيات من البنوك المركزية تعادل القاعدة النقدية القطرية “17 مليار دولار”، الأمر الذي يعني لجوء البنك المركزي إلى تسييل جزء صغير من أصوله في الأمد القريب لإعادة بناء احتياطياته.

تخارج الاستثمارات

لم تعد قطر ملاذا آمنا وجاذبا للاستثمارات الأجنبية، فالثقة في الاقتصاد تزعزعت، وباتت نظرة كبار المستثمرين العالميين إلى فرص الاستثمار في الدوحة أقل كثيرا عما كانت عليه بسبب السياسات القطرية الداعمة للإرهاب.

الأمر الذي يدفع المستثمر إلى عدم المخاطرة برأسماله في مكان يعلم جيدا أن فرص الاستثمار فيه محفوفة بالمخاطر وأن الدولة التي يستثمر بها تتعرض لعقوبات اقتصادية من كيانات اقتصادية مشهود لها بالقوة والنفوذ.

وبالفعل، تخارجت 6 مليارات دولار من الاستثمارات الأجنبية في قطر منذ بداية المقاطعة، ما يعني أن قطر أصبحت بلدا غير آمنة وطاردة للاستثمارات.

السحب من الاحتياطيات

أعلنت قطر صراحة أنها ستلجأ إلى احتياطياتها الضخمة والتي تبلغ 340 مليار دولار للدفاع عن عملتها “الريال” على المدى الطويل وإعادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد مرة أخرى.

وتنقسم احتياطيات قطر إلى “40 مليار دولار بالإضافة إلى كميات كبيرة من الذهب لدى البنك المركزي، و300 مليار دولار لدى جهاز قطر للاستثمار وصندوق الثورة السيادي”.

وكان بنك أوف أمريكا توقع تخارج 35 مليار دولار من القطاع المصرفي القطري في غضون عام إذا سحبت دول الخليج العربية الأخرى “السعودية، الإمارات والبحرين” الودائع والقروض.

وعلى الرغم من الاحتياطيات القطرية الطائلة، إلا أن الانكشاف عليها والسحب منها لن يسعف الاقتصاد، فتسييل الأصول من صندوق الاستثمارات أو احتياطيات قطر سيبعث إشارة سلبية تضر بعملة قطر.

كما أن هناك بعض الأصول المحلية ضمن الاحتياطيات من الصعب بيعها للمشترين الأجانب في ظروف الأزمة، في حين لا يمكن بيع الأصول الأجنبية “غير السائلة” بسرعة لجمع المال.

حالة عدم اليقين تشير إلى أن الاحتياطيات المالية في قطر قد لا تكون وفيرة كما يبدو، في حال استمرار الضغوطات على العملة المحلية.

ربما يعجبك أيضا