صاحبة “مطلقات راديو” لـ”رؤية”: الانفصال ليس نهاية العالم

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبد اللطيف

محاسن صابر سيدة مصرية، من محافظة الشرقية، حاصلة على ليسانس آداب قسم تاريخ جامعة الزقازيق، مرت بتجربة زواج فاشلة اضطرتها للدخول في معارك قضائية مع زوجها طلبًا للطلاق، وقررت عمل مدونة بعنوان “عايزة أتطلق” للتعبير عن أهمية حصول المرأة على حريتها ودعم مكانة المرأة المطلقة التي ينظر إليها المجتمع نظرة دونية وهامشية، ثم قررت تحويل المدونة إلى راديو أصبح في مسار عالمي ويحظي باهتمام واسع من الرجال والسيدات.

حول فكرة تأسيس مطلقات راديو، وتجربتها الاجتماعية وتأثيرها على حياتها العملية، ونظرة المجتمع للمطلقة، والمشاعر التي تحسها المرأة بعد وقوع الطلاق، وأسباب اختيار الإنترنت لطرح فكرتها عن الطلاق في المجتمع، ومدى تشجيعها فكرة انفصال المرأة عن الرجل نهائيًا، وكيفية تعامل الأم المطلقة مع أبنائها، وهل هناك فروق في التعامل مع الولد أو البنت في مرحلة المراهقة، لأجل كل هذا وأكثر، التقت “رؤية” محاسن صابر ﻣﺤﺎﺳﻦ ﺻﺎﺑﺮ ﻣﺆﺳﺴﺔ “مطلقات ﺮﺍﺩﻳﻮ” ﻭﺻﺎﺣﺒﺔ ﻣﺪﻭﻧﺔ “ﻋﺎﻳﺰه ﺍﺗﻄﻠﻖ”، ودار الحوار التالي:

بداية: من أين أتتك فكرة تأسيس الراديو.. وما تتطلعين له الفترة المقبلة؟

مطلقات راديو، يعتبر أول راديو بالعالم يهتم بالمطلقات ومشاكل الطلاق ووقائعه التي تحدث للسيدات، ولكي يساعد المطلقات على الخروج من الركن المظلم الذي دخلته بعد الطلاق لمواجهة المجتمع وسطر النجاح مرة أخرى، ولكي يساعد النساء على اجتياز مرحلة ما بعد الطلاق والبقاء أكثر قوة وصلابة في مواجهة المجتمع ومتغيرات الحياة بعد الطلاق والانفصال الأسري، وتهدف رسالة مطلقات راديو إلى توصيل رسالة هامة للمجتمع المحيط بالمطلقات أنهن لسن سيدات فاشلات أو عبئًا على المحيطين بهم، وأتطلع ألا يكون هناك ظلم لسيدة أو فتاة بوجه عام، وخاصة المرأة المطلقة.

حدثينا عن تجربتك الاجتماعية التي غيرت مسار حياتك؟

كنت متزوجة ومررت بتجربة الطلاق، وكل خطوة يتخذها الإنسان في حياته يكون لها جذور وبدايات لم أستطع أن أكمل حياتي مع زوجي السابق وطلبت الطلاق ورفض فلجأت إلى القضاء وكان الجندي يبدي استغرابه من أننا نجلس في القاعة بالمحكمة إلى جوار بعضنا ونتحدث في المشكلة القائمة والقضية التي رفعتها عليه ثم حصلت على حكم الطلاق للضرر عام 2009، وبعد الطلاق فضلت أن أثبت للجميع أن الطلاق ليس عيبًا أو حرامًا وأسست مدونة باسم “عايزة اتطلق” كحق مصون للمرأة في الانفصال في حالة استحالة العشرة وثبت بالدليل عدم جدوى استمرار الحياة الزوجية، وبالتالي تصبح النظرة إلى السيدة المطلقة على أنها غير مهذبة أو غير محترمة وليست متدينة نظرة جاحدة ولا تستند إلى أسس واقعية منصفة وتجحد حق السيدات في حياة كريمة وتغفل قوله تعالي “فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بإحسان” وهو ناموس رباني نزل في القرآن الكريم أن من حق المرأة أن تنال الطلاق في حال استحالة العشرة والزواج.

ماذا عن نظرة المجتمع للمطلقة؟

السيدات المطلقات في مجتمعنا المصري والعربي منبوذات وينظر لهن بدونية وكره، وتصنف على أنها النموذج الفاشل والعبء والذي يستحق الدفن، بعد المدونة فضلت أن أؤسس أول راديو بالعالم لمساندة المطلقات وليكن متنفسًا للنساء الراغبات في الطلاق والانفصال، لصيانة حقوقهم عقب إلحاح شديد من المتابعين من الرجال والسيدات على السواء وانصياعًا لرغبة الجمهور والمتابعين لأن البشر يفضلون السماع أكثر من القراءة وبهدف جعل المطلقة إنسانة بناءة ومنتجة في المجتمع دون أن تشعر بالدونية التي يوصمها بها المحيطين بها حتى أقرب الأقرباء لها وهي النظرة الظالمة التي تفتقد إلى الإنسانية والإنصاف بأن يحملها الجميع مسئولية الفشل الأسري، ولا يدركون أن الفشل في خطوة حياتية لا يعني بالضرورة فشل حياتي عام يلازم السيدة أو الفتاة وإنما قد يكون مقدمة لطاقة نجاح كامنة يجب انتزاعها وتنميتها بداخلها وتقديمها للمجتمع ليدرك قيمتها ولا ينبذها أو يعاملها ككيان مهمل.

ماذا عن المرحلة التي تواجهها المرأة بعد الانفصال؟

إحساس بالفشل والتراجع النفسي، يمتزج بالذهول وعدم تصديق كونها أصبحت مطلقة وأن حالها الاجتماعي تبدل من حال إلى حال وتصاحبها رمحلة جلد الذات بأنها قد تسرعت في طلب الطلاق أو كانت سريعة الغضب، وأنصح كل امرأة لديها مشاكل أسرية بالتعامل مع خلافاتها الأسرية بمحاولة للحل قدر الإمكان قبل التفكير في الطلاق، وأن يكون قرار الانفصال آخر قراراتها وتفكيرها، وأقول لكل سيدة مطلقة لا تعتقدي أن الطلاق هو نهاية العالم بالنسبة لك، فلا تخشي شيئًا لن تموتي مع وقوع الطلاق، ويجب أن تحاول وأن تنجح نفسها وألا تستسلم لليأس فلن يمسح دمعتها غير كف يدها، وبالتالي إذا استكانت واستسلمت ستكون عرضة للموت البطيء والفشل الحقيقي في الحياة.  

ولماذا اخترت الإنترنت لطرح فكرتك عن الطلاق في المجتمع باعتبار المطلقات دولة داخل دولة؟

بدأت منذ سنوات عديدة على الإنترنت ومن منزلي بعمل المدونة لأن من أسرع وسائل الاتصال والتواصل ويحقق الانتشار السريع ثم واتتني فكرة الراديو، والراديو يقدم العديد من البرامج المؤثرة، والتي لها علاقة بالمطلقات مثل “ابنك على ما تعوديه” ويا مفهومين بالغلط ياحنا” وطليقك على ما تعوديه” وغيرها، والبعض يعتقد خطأً أننا نشجع على الطلاق والانفصال أو تحريض النساء على طلب الطلاق ولكن الحقيقة غير ذلك إذ أن الأمر يختلف لدى الآخرين بمجرد مطالعة جدول البرامج بالراديو، ونحن على نشجع على الطلاق وإنما نهدف لإقامة مجتمع إيجابي تسهم فيه المطلقات بشكل أفضل وإيجابي دون أن تكون المرأة عبئًا أو تابعًا لأحد.

هل تشجعين فكرة انفصال المرأة عن الرجل نهائيًا؟

بالطبع لا أشجع المرأة على الإطلاق على إخراج الرجل من حياتها بمجرد الطلاق لأن طلاق الزوجين وخاصة بالنسبة للمرأة لا ينفي ويعدم المرأة وجود الرجل بحياتها فهو بالنسبة للمرأة الابن والأب والأخ والصديق، قبل أن يكون الزوج هو نموذج الرجل الوحيد في حياة المرأة،  وبالتالي هناك الكثير من الرجال المطلقين رواد ومستمعين لمطلقات راديو وعاملين به، وليس من المعقول أن تناصب المرأة الرجل العداء وألا يناصبها الرجل الضغينة والقطيعة، فالحياة مكتملة ومتناسبة بالرجل والمرأة وأسسنا للرجل مساحة كبيرة بالراديو اسمها “يوميات مطلق”، لكشف قضاياه ومشاكله وما يكابده بمرحلة بعد الطلاق حتى لو لم نكن على اتفاق مع قضاياه ومشاكله، وهناك برنامج اسمه ابنك على ما تربيه يقدمه الدكتور وليد هندي وبرامج كثيرة بالراديو يقدمها رجال.

كيف كانت حالة الطلاق التي وقعت لك سببًا في تغيير مسار حياتك؟

تم الطلاق بيني وزوجي في عام 2009، ومن وقتها أحرص على ألا أبخل على والده برؤية عبد الرحمن ابننا وأداوم على الحديث عن إيجابيات والده كي يحتفظ بصورته الجميلة، لأنه ليس من صالحنا كأب وأم أن نفقد الثقة في الولد أو تشتيته بيننا حتى لا يلجأ نفسيا للحديث والفضفضة والثقة في الآخرين، وقمت بانشاء الراديو عام 2010، وفي يوم الافتتاح سجلنا 12 ألف حالة متابعة في ساعتين فقط، كما تابعنا أكثر من 12 فضائية وموقع ووكالة أنباء عالمية ومحلية للحدث الفريد بافتتاح أول راديو للمطلقات على مستوى العالم، يتابعه الكثيرين ومن المكسيك وإيطاليا وإسبانيا واكتشفت أن الأسر في أنحاء العالم تشترك في مشاكل شبه موحدة مثل حالات الاعتداء بين الأزواج بالضرب أو السلبية أو عدم توافق التفكير.

كيفية تعامل الأم المطلقة مع أبنائها؟

الأم بطبيعتها ذات طبيعة غاية في العاطفية والحنان مع أولادها وتحاول بعد الطلاق أن تزيد من تفانيها في رعاية أولادها وتقديم كل العون لهم وبذل كل غالي ونفيس من أجل إنجاحهم وإظهارهم في ثوب النجاح المنشود وبالتالي تثبت إنها جديرة بالأمومة والأبوة وهو الدور الذي تجيده والقيام به في وقت واحد بعد خروج الأب مؤقتًا من حياة الأسرة عقب الطلاق، هذا لا ينفي كونها تحاول النجاح عمليًا إلى جانب الشق الأسري حتى لا تكون في حاجة إلى الإحساس بالاحتياج إلى آخرين ينفقون أو يسدون رمق أسرتها مما قد يولد لديها شعورًا بالاحتياج والنقص، وفي كل الحالات يسود المراة المطلقة شعور بانكار الذات الزائد عن الحد والحنان المفرط وتكريس حياتها من أجل أولادها في كل وقت إلى أن توصلهم بر الأمان.

هل هناك فروق في التعامل مع الولد أو البنت في مرحلة المراهقة؟

لا اعتقد هذا، خاصة أن الأم الناجحة تحاول أن تسود علاقتها ببناتها وأولادها الاحتواء والصداقة والاحترام المتبادل القائم على الرعاية والمسئولية وتحرص الأم على عدم تسفيه آراء أولادها واحترام طموحاتهم وأحلامهم ومشاركتهم أفكارهم، وأحيانًا قد يكون للولد بحكم ذكورية المجتمعات الشرقية فرص ومتسع من الحرية في التنقل والخروج والدخول في أوقات متختلفة بينما يكون الأمر مقتضبًا بالنسبة للبنات مما قد يكون فيه تفرقة، ويجب أن يكون الأمر قائمًا على الثقة البحتة في التعامل مع الولد والبنت دون تفرقة في كون الابن ولدًا أو بنتًا.

يدور نقاش في قلوب البنات وأفكار ومخاوف.. ما أبرز تلك التطلعات وارتباطها بالزواج؟

هناك نقاشات تدور في عقل كل بنت قبل الزواج وأحلام بالحياة الوردية الخالية من المشاكل أو العقبات، وقد لا يكون هناك فهم دقيق وصحيح من الشاب او الفتاة لطبيعة العلاقة وشخصية كلا منهما للآخر ويكون الاهتمام منصبًا على الوظيفة أو الشقة وتأسيس البيت وشكليات الزواج دون الفهم الحقيقي لطبيعة التفكير وطبيعة ما بعد الزواج وبالتالي تحدث صدمات وصدامات نتتج الطلاق وبالتالي يجب على كل فتاة أن تتحرى الدقة في اختياراتها وألا تتسرع ويجب أن يكون للأهل وظيفة التوجية والنصح وليس الإجبار وممارسة السلطة القمعية على قرارات الشباب، وخاصة البنات، أما ما بعد الطلاق فأنصح المطلقة بأن تكون متريثة لأقصى درجة في اختيارها التالي لأنه مهم للغاية وألا تكرر تجربة الزواج إلا عن قناعة وثقة في اختيارها التالي.

كيف تقدم برامج الفضفضة حلاً حقيقيًا للمشكلات الاجتماعية كالزواج والطلاق والعنوسة؟

الحوار والتجارب أساس نجاح كل شئ، فمن التجارب تستخلص الدروس والعبر وتكون الملاحظات التي تقود إلى حلول وجوابات شافية وعلاج أزمات اجتماعية، خاصة أن الزواج أو الطلاق قرارات ليست سهلة وتحتاج لتفكير للاختيار ما بين الزواج وتوقيته وطبيعة الشريك، وكذلك الطلاق كتوقيت للانفصال أو تفكير في الاستمرار بدافع أن تتغير عيوب الشريك أو الطرف الآخر أو وقوع الشاب أو الفتاة على وجه الخصوص فريسة للعنوسة دون أن ينظر البنت أو الولد إلى أسباب العنوسة ورفض أو تأخر الارتباط.

ربما يعجبك أيضا