“داعش” .. إمكانيات مدمرة وما خفي كان أعظم

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

ما عرفناه عن تنظيم “داعش” أنه أسوأ فكر تكفيري، يكره الآخر بكافة اختلافاته العقائدية حتى المسلمين أنفسهم، فممارساته تتسم بالهمجية وعدم احترام الحياة البشرية، في كل المناطق التي يتواجد عليها، وهو ما يضع الجميع في حالة من القلق.

كحال كل شخص عقلاني، كان يتمنى أن تكون هذه الجماعات الإرهابية، محدودة في قدراتها وعملياتها، لكن هناك بعض الحقائق ستجعلك حزينا حال معرفتها، تتعلق بالإمكانات المدمرة للمنظمة الإرهابية، وما يترتب عليها من آثار مدمرة على الأبرياء بالشرق الأوسط وجميع أنحاء العالم.

وهي:-
المنظمة الأكثر ثراء في العالم

داعش هي أغنى منظمة إرهابية في العالم، وتجمع أموالها من تهريب النفط والابتزاز والسرقة والاتجار بالبشر، كما يفرض التنظيم ضرائب على الأشخاص داخل المناطق التي يسيطر عليها، ويحصلون على المال من مراقبة وبيع المنتجات الزراعية داخل أراضيها.

ومن المقلق أن الوضع المالي لـ”داعش” يمكنها من تمويل وزيادة أنشطتها الخطيرة، وبدون المال، سيكون نطاق عمل هذه المنظمة الإرهابية محدودا، ولكن مع استمرار توفير الأموال، يمكن أن تستمر في البقاء بغض النظر عن المعارضة التي تواجهها.

وبصفتها جماعة إرهابية مشهورة بعمليات القتل الوحشية والأساليب المبتكرة للتعذيب والقتل، فإن القدرة المالية الضخمة لداعش لا تشكل إلا كارثة على الأبرياء في الشرق الأوسط وفي جميع أنحاء العالم.

جذب المقاتلين الأجانب

واحدة من الحقائق المقلقة والمؤلمة حول داعش هي قدرتها على جذب المقاتلين والمتعاطفين من العالم الغربي، ويقدر أن حوالي 4000 شخص غادروا الغرب للانضمام إلى داعش، ويصبح الرجال مقاتلين، والنساء يصبحن زوجات.

ويستخدم “داعش” آلة الدعاية المتطورة وهي “وسائل التواصل الاجتماعي”، لجذب الشباب من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الدول الغربية، كما  ينتج التنظيم أشرطة فيديو يتم نشرها بسهولة على شبكة الإنترنت، كما أنه يوزيع مجلات المطبوعة.

ولعبت أنشطة المنظمة الإرهابية على الإنترنت دورا حاسما في نجاحها في جذب الغرباء للانضمام إلى صفوفها.
 وهناك تساؤلا لماذا يعتبر انضمام الأجانب للتنظيم حقيقة مؤلمة؟ لأن الغربيون هم أكثر الناس تعليما ومهرة في العالم، وعندما يوجه داعش التعليم والمهارة إلى آلة الحرب والكوارث، سيعاني المزيد من الأبرياء ويموتون.

الاغتصاب مكافأة للمقاتلين

تنظيم “داعش” ملتو وقاس، فهو يعتبر الاغتصاب مكافأة لمقاتليه الأكثر ولاء ومثابرة، والأكثر إثارة للاشمئزاز إزاء ذلك هو أن أغلبية ضحايا الاغتصاب من الفتيات القاصرات.

وقام التنظيم ببيع النساء الأيزيديات اللواتي تم القبض عليهن كإماء، أعطاهن كهدية للمقاتلين الذين انتصروا في ساحة المعركة.

ومن المحبط جدا حول هذا الوضع، جعل الاغتصاب مكافأة الإرهابيين الموالين والمثابرين، ما يرسم صورة لكارثة كاملة.

القاعدة تعتبر “داعش” عنيفا جدا

ومن المفارقات أن منظمات إرهابية وصفت “داعش” بالعنيفة جدًا معتبرة أنها تقوم بأعمالا سيئة.

وحذر أحد كبار مساعدي أسامة بن لادن تنظيم القاعدة قائلا: “يجب أن تقطع القاعدة كل الروابط مع داعش”، وذكر أن داعش قادرًا على الهمجية الشديدة وليس له أي اعتبار للحياة البشرية.

ومن المؤسف جدًا أن منظمة إرهابية مثل تنظيم القاعدة، أودت بحياة الآلاف، يمكن أن تعتبر منظمة إرهابية أخرى عنيفة، هذا الوضع مخيف، ونحن نعلم جميعا ما فعله داعش، وإذا اعتبرت منظمات إرهابية أخرى داعش عنيفة جدا، يجب علينا جميعا أن نعيش في خوف من المستقبل.
وادي سيليكون

وهناك سبب آخر يجعلنا نخشى “داعش” هو امتلاك التنظيم لوادي من السيكون، وقدرته على تصنيع أسلحة عالية الجودة، حيث يمتلك “داعش” مصانع خاصة ويقوم بتصنيع الصواريخ والقنابل وقذائف الهاون.

وفي مدينة الموصل العراقية، تم اكتشاف العديد من مصانع، كان يستخدمها داعش في تصنيع الأسلح.
 ووجد مفتشون من المملكة المتحدة يعملون إلى جانب الجيش العراقي، العديد من المصانع وورش العمل والمستودعات التي كان داعش يقوم بتخزين أسلحته بها.

 ومما يزيد الأمور سوءا، أنشأ التنظيم المنظمة المركزية للتوحيد القياسي ومراقبة الجودة، وهي وكالة تصدر مبادئ توجيهية محددة بشأن إنتاج أسلحة داعش وتراقب جودة التصنيع.

وتنفذ هذه الوكالة معايير تصنيع مماثلة لمعايير الجيوش الوطنية، ولكن لماذا تعتبر هذه الحقيقة مؤلمة جدا؟ لأنه إذا كان لدى التنيظم القدرة على صنع الأسلحة بمفردها، وباعتباره سجلا من الإرهاب واللاإنسانية، فإن هناك فرصة لأن الأفعال الإرهابية التي قاموا بها في الماضي قد تكون مجرد غيض من فيض.

“قطع الرأس”

ومن الحقائق المثيرة للاشمئزاز أن داعش تعتبر قطع رأس البشر استراتيجية تسويقية ودعاية فعالة، وهي عنصر أساسي في حملتها الإرهابية، ومع قطع رأس جيمس فولي، ستيفن سوتلوف، وديفيد هينز، وغيرها الكثير، لم تظهر المنظمة الإرهابية أي رحمة.
 
ويستمتع التنظيم بالرعب الذي سيشعر به المشاهدون لمقاطع الفيديو الخاصة بهم في العالم الغربي، ومما يزيد الأمور سوءا أن داعش كثيرا ما يدرس الأطفال الصغار ويجبرهم على تنفيذ عمليات الإعدام.
وهناك تساؤولات وهي ، لماذا يرى داعش أن قطع الرأس هو استراتيجية دعائية في ذروة عهد الإرهاب؟ وماذا سيحدث إذا اضطر داعش إلى وضع استراتيجية دعاية جديدة عندما يتراجع ويعاني من الهزيمة؟

أكبر شبكات أنفاق في العالم

يمتلك داعش واحدة من أكبر شبكات الأنفاق تحت الأرض في العالم، واعتمد التنظيم على هذه التكتيكات القتالية القاتلة من حرب فيتنام.

 وتزيد شبكة الأنفاق المعقدة من القدرة التشغيلية لتنظيم داعش ويضمن أن مقاتليه يستطيعون الهروب بسهولة، مما يجعل هزيمتهم صعبة.

 وتعتبر الشبكة المستخدمة من قبل داعش فعالة جدا، ففي كل شارع في الموصل العراقية مدخل سري، وبعض المداخل ومخارج توجد بداخل المنازل السكنية.
 
وصممت  بعض هذه الأنفاق بأطر معدنية من أجل منعها من الرضوخ، وتم تزويد بعضها بأضواء تعمل بالبطارية، وتسمح هذه الأنفاق لقادة داعش والمقاتلين بالهرب بمجرد أن يصبح خطرا جدا على القتال.

 وعلاوة على ذلك، فإن الأنفاق تمكنهم من نصب كمين للقوات العراقية بكل سهولة، مما يجعل القتال من أجل تحرير الأراضي المحتلة أكثر صعوبة.

مخزون ضخم من الأسلحة الأمريكية الصنع

هناك عدة طرق تفاجئنا بها داعش، واحد منها هو أن من بين كل المنظمات الإرهابية الأخرى، يمتلك التنظيم أكبر مخزون للأسلحة الأمريكية الصنع.

وهناك سببان وراء ذلك: ” أن الولايات المتحدة تزود القوات العسكرية العراقية بالأسلحة، واستولى داعش على الكثير منها في ساحة المعركة، كما أن العملية التي قادتها وكالة الاستخبارات المركزية لتسليح الجماعات التي تقاتل نظام الأسد في سوريا جعلت من السهل على داعش الاستيلاء على الأسلحة الأمريكية”.

ومما يزيد الأمور سوءا، أن تقرير منظمة العفو الدولية لتحديد الأسلحة وحقوق الإنسان، ينص على أن مخزون كبير من الأسلحة الصغيرة الأمريكية الصنع والمدافع الرشاشة وقذائف الهاون والبنادق الهجومية والأسلحة الثقيلة، التي كانت مخصصة للجيش العراقي وقوات الأمن الكردية انتهى بهم المطاف إلى داعش.

والآثار السلبية لذلك، أن داعش لا يمكن اعتبارها منظمة إرهابية فحسب، ولكنها تستحوز على الأسلحة المصنعة بعناية، وكفاءة موثوق بها في العالم، وإن ما يمكن أن تفعله داعش بهذه الأسلحة هو  أسوأ من قبل.

القرصنة

وثمة حقيقة أخرى عن داعش تميزها عن الجماعات الإرهابية التقليدية هي قدراتها على القرصنة، فعندما قام مؤيدو داعش باختراق حسابات تويتر و يوتيوب للقيادة المركزية العسكرية الأمريكية، تصدرت عناوين الصحف.

 وعلى الرغم من أن هذا الهجوم بالذات كان حرجا دون عواقب مدمرة، فإنه يسلط الضوء على قدرة المنظمة الإرهابية على تنظيم وتنفيذ هجمات إلكترونية خطيرة في المستقبل القريب.

 وعلاوة على ذلك، فإن حقيقة أن داعش تسيطر مؤقتا على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي للقيادة المركزية الأمريكية يظهر مدى تطور المنظمة الإرهابية وما يجب أن نتوقع منها.
وأهمية نجاح الهجوم الالكتروني الشديد، يعتمد على كيف ينظر المرء إلى التهديد، ومن المعروف أن داعش هاجم الأفراد العسكريين والمدنيين على السواء.
 إذا كان حسابات وسائل التواصل الاجتماعي للقوات المسلحة للولايات المتحدة المحمية للغاية، يمكن أن تقع فريسة لآلة الحرب الإلكترونية المتطورة، فثمت مأساة إنترنت كبيرة قد تنتظر المدنيين الأبرياء، الذين ليس لديهم مثل هذه الحماية، وهذا أحد الأسباب التي تجعلنا نخشى المنظمة الإرهابية.

 ما بعد الحرب

إن أكثر الحقائق المؤلمة حول داعش هي أنه لا يبدو أن لديها أي ترتيبات ما بعد الحرب، فجميع منشورات الدعاية في داعش لا تمرر إلا رسالة الإرهاب والقتال المستمر.

وتهدف داعش إلى خلق خلافة إسلامية عبر العراق وسوريا وخارجها، ومن الانفصال عن القاعدة إلى إقامة موطئ قدم في العراق، لم يكن هناك شيء محدد عن عملياتها.
 
ومهمة داعش هي شن الحرب دون نهاية، هذه هي الحقيقة الأكثر حزما بشأن الجماعة الإرهابية، وأن التنظيم مهتم فقط بتصنيع الأسلحة وخلق أنفاق الحرب، وليس لديهم خطط على الإطلاق لبناء القطارات والطائرات التجارية والسيارات وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، أو أي تكنولوجيا أخرى يمكن أن تساعد البشرية.

على الرغم من أن داعش لا يبني السيارات، فإنه من المفارقات يعرف كيفية تحويل سيارة إلى قنبلة.

وليس لدى داعش خطط قصيرة أو متوسطة أو طويلة الأمد لبناء المدارس أو المستشفيات أو الطرق أو الصرف الصحي أو السدود، ولكن المجموعة فعالة جدا في تحويل المدارس إلى السجون، وهدفهم الوحيد هو الحفاظ على القتال حتى يتم تدمير كل شيء.

الحقيقة الأكثر رعبا عن داعش هي أنها ليست مهتمة حقا بإنشاء دولة إسلامية، داعش مهتم في خلق حالة الدمار.

ربما يعجبك أيضا