الذئاب المنفردة.. هل مازالت فاعلة في ألمانيا؟

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد
 
أعلنت الشرطة الألمانية، مساء أمس الجمعة، أن شخصًا هاجم بسكين الزبائن في سوبر ماركت في مدينة هامبورج، شمال ألمانيا، ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة أربعة آخرين قبل اعتقاله.

وقال مسؤول في الشرطة: “ليست لدينا حتى الآن معلومات ذات صدقية حول دوافع” المهاجم، “الذي دخل سوبر ماركت وبدأ بشكل مفاجئ يطعن الزبائن”. وقال اثنان من الشهود في مكان الحادث، لوسائل الإعلام، إن المهاجم صرخ “الله أكبر”.

وكانت الشهادة الأولى ذكرها أحدهم لصحيفة “بيلد”، والثانية من إحدى زبائن السوبر ماركت كانت حاضرة وقت الهجوم كما نقلت قناة “ان تي في” الإخبارية، رغم أن وسائل الإعلام الألمانية ومتحدث باسم شرطة هامبورغ، لم يشر إلى ذلك.
 
سبق أن حذرت الاستخبارات الألمانية من عودة المقاتلين الأجانب من سوريا والعراق، فقد كشفت  التقارير عن وصول عدد المقاتلين الأجانب الذين غادروا ألمانيا للقتال في سوريا والعراق إلى أكثر من 900 شخص.  وحذرت  الاستخبارات الألمانية الداخلية من تصاعد أعداد السلفية “الجهادية” في ألمانيا إلى الضعف عن عام 2013 لتصل إلى (10.000) ناشط..

قال الاتحاد الأوروبي هذا اليوم 29 يوليو 2017، في أول تقييم أمني منذ 16 عاما: إنه بناءً على تقييم شامل للسياسة الأمنية للاتحاد منذ عام 2001، وأيضا مع التركيز على الثغرات والتحديات المتبقية، التي يتعين التصدي لها، فإن التنفيذ غير الكامل للسياسات القائمة يشكل تحديا، وكذلك التهديدات المتطورة مثل التطرف والجريمة السيبرائية، التي تتطلب إدخال تغييرات على السياسات واللوائح الموجودة حاليا.

تدابير جديدة في مواجهة للذئاب المنفردة

اتخذت المفوضية الاوروبية بالتعاون مع المؤسسات التشريعية الاوروبية عدة تدابير، ابرزها: سجل أسماء الركاب في الاتحاد الأوروبي وإطار لتبادل الحمض النووي وبصمات الأصابع وبيانات تسجيل السيارات.

هذا، إلى جانب الحد من تعقيد لوائح الاتحاد الأوروبي، وتعزيز قابلية التشغيل البيني، وقال التقرير إن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه بشأن نظام الدخول والخروج، يعتبر خطوة مهمة نحو تحقيق قابلية التشغيل الكامل لنظم معلومات الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2020.

وسبق ان اقترحت المفوضية الأوروبية  اتخاذ تدبيرا تتيح علىالدوام اعتبار تبييض الأموال جريمة جزائية، والعمل على “سد الثغرات” في القوانينالوطنية لكل بلد في هذا المجال.
كما اتخذت المفوضيةتدبيرا جديدا يعزز الرقابة على حركات الأموال السائلة بما يتعلق بالأشخاص الذين يدخلونالاتحاد الأوروبي أو يخرجون منه وبحوزتهم عشرة آلاف يوروعلى الأقل .
 تكتيك الذئاب المنفردة

إستراتيجية الذئاب المنفردة هو تكتيك “داعش” في خلق الخلايا النائمة البعيدة عن الشكوك الأمنية، وتتلخص الإستراتيجية العسكرية وفقا لدعاية داعش بالتالي :[الإثخان في العدووتشتيته عبر العمل منفردا من غير تنظيم كبير] ، فالجيوش النظامية يصعب عليها مواجهة الخلايا النائمة، لأنها تفقد قدرتها على التنبؤ والتوقع في هذه الحالة، كما تتشتت قدراتهاالأمنية في متابعة كل هذه المجموعات المنفردة.
“الذئاب المنفردة”مصطلح إستخباري يدل على قيام شخص او أشخاص، غير منظمين، اي لا يخضعون الى تنظيم هرمي، يستلمون منه التعليمات للقيام بعمليات ارهابية، بل يقوم الشخص اوالاشخاص، بالتخطيط والتنفيذ ضمن امكانياتهم الذاتية.

 أغلب الأشخاص المنفذين لمثل هذه العمليات، يكونوا من الشخصيات السوية الأعتيادية والتي لاتثير الشك في سلوكها وحركتها اليومية. أغلب هذا النوع من الأشخاص يكونوا من الشباب من اصول اجنبية واسلامية، ومن الذين يقيمون في اوربا ودول غربية. لتنتقل العمليات الارهابية منالعمليات الواسعة للتنظيم  إلى أفراد، هذه العمليات ممكن اعتبارها بانها محاولة من التنظيم لمواجهة مشكلة التمويل والنقص في القيادات الميدانية من الجيل الاول للقاعدة، الذين تقدم بهم السن وخرحوا من الخدمة.
 
تقوم عمليات الذئب المنفرد عادة على مبدأ التمويل الذاتي المحدود والاستعانة بالمواد التي تدخل في صناعة المتفجرات والتي يمكن الحصول عليها في الاسواق دون ان تجلب الانتباه والمراقبة. أغلبهم لا يتردد إلى المساجد، ولايرتدي السروال الافغاني واطلاق اللحي ويتقن اكثر من لغة مع اجادة عالم الانترنيت والتقنيات الحديثة. 

إن المعلومات التي توفرها شبكة الانترنيت، حول كيفية التحول من مواطن عادي الى “جهادي” مفخخ، تعتبر مادة قيمة من وجهة نظر القاعدة و”الجهاديين”.

 وتقدم المواقع “الجهادية” المعلومات بعدد من اللغات الاجنبية، لتبرهن بانها تستهدف الشباب في المجتمعات الغربية. وان غالبية هذا النوع من العمليات يقوم اصحابها، قبل تنفيذ اي عملية، بايقاف اتصالاته قبل فترة التنفيذ، وايقاف اتصالات الهاتف وغلق حسابات الفيس بوك او تويتر على شبكات التواصل الاجتماعي، وبعذ الذئاب المتوحدة ربما تقوم بالسفر لاغراض سياحية خارج الدولة الهدف من اجل التمويه على اجهزة الاستخبارات.
 
معضلة الذئاب المنفردة
 
تعتبر مناطق النزاع التي يشهدها العالم مصدر “إلهام” للشباب، لما تعرضه من صور الضحايا التي من شانها تشحن تفكير الكثير من الشباب لأن يتحولوا في لحظة الى خلايا فردية مفخخة في المجتمع.

ومن ابرز مناطق الصراع هي سوريا وافغانستان والعراق واليمن والصومال والمغرب الاسلامي وغرب افريقيا.

لذا، فأن فلسفة الخلايا الفردية تخاطب الشباب من اصول عربية اسلامية في الغرب، وكذلك من الشباب الذين تحولوا الى الأسلام حديثا، ليكونوا محركات “جهادية” في مجتمعاتهم. هنا يبرز دور المؤسسة الدينية في مواجهة هذا التطرف وهذه الجماعات.
 
“الخلايا الفردية” او الذئاب الوحيدة كما يسميها مكتب التحقيقات الفيدرالية تكون اكثر صعوبة في متابعتها رغم اجرائات المراقبة البشرية والتقنية.

وهي تمثل تحديا الى ألاستخبارات اكثر من شبكات العمل على الارض، لأن الأخيرة ممكن أن توفر لها بعض المعلومات والحقائق من خلال المراقبة والمتابعة.

أما الخلايا الفردية فيعني ان يكون شخص واحد فعالا على الإنترنت بعد أن وفرت شبكة القاعدة طرق ووسائل صنع المتفجرات في مطابخ الأمهات وباستخدام مواد غير محظورة.
 
فرغم ما تقوم به الحكومة الالمانية من اتخاذ اجراءات امنية مشددة وتنفيذ حملة مداهمات، يبقى هذا النوع من العمليات تهديدا وتحديا الى اجهزة الاستخبارات، لايمكن منعها، لكن نشر الشرطة على الارض وسرعة تحرك مجموعات الشرطة على الارض ممكن ان يخفض عدد الضحايأ. بات متوقعا ان تشهد المانيا تكرار مثل هذا النوع من العمليات المحدودة والنمطية، لكن الجماعات المتطرفة ممكن ان تستثمرها بالاستقطاب الاعلامي والدعاية، وهذا ايضا يعتمد على كيفية تعامل الاعلام الالماني والاوروبي مع هذا النوع من العمليات.
 
*باحث في قضايا الإرهاب والإستخبارات*

ربما يعجبك أيضا