ضد الهيمنة الإيرانية.. هل تنجح الدبلوماسية السعودية في إنقاذ بغداد؟

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

تسعى المملكة العربية السعودية وبعض البلدان العربية إلى إعادة العراق إلى حضنه العربي وعمقه الاستراتيجي، بعدما وقعت بلاد الرافدين بأكملها في براثن مليشيات إيران، ودمرت المدن العربية السنية تدميرًا ممنهجًا وحشيًا لا مثيل له في التاريخ.

وللأسف باتت المليشيات الطائفية الشيعية في العراق تجاهر بأن الحاكم الفعلي للعراق هو الجنرال قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” وأن نائبه هو أبو المهدي المهندس قائد الحشد الشعيي في العراق، بل جاهرت قيادات إيرانية رفيعة في الحرس الثوري الإيراني أن بغداد أصبحت عاصمة الهلال الشيعي.

علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني، رأى أن بلاده كانت منذ ولادتها “إمبراطورية”، وأن العراق ليس جزءًا من نفوذ إيران الثقافي فحسب، بل من الهوية الفارسية، وهو العاصمة وهذا أمر لا يمكن الرجوع عنه لأن العلاقات الجغرافية والثقافية القائمة غير قابلة للإلغاء، ولذلك فإما أن نتوافق أو نتقاتل.

استراتيجية السعودية

استراتيجية السعودية عملت على محاولة تقريب وجهات النظر لبعض الزعامات الشيعية في العراق وخصوصا شيوخ العشائر الشيعية العربية في الجنوب والوسط، وتقوية مؤسسات الدولة العراقية الرسمية، حيث استقبلت حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي، والقيادي في مليشيا بدر ووزير الداخلية قاسم الأعرجي، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، كما تسعى السعودية لنسج علاقات مع بعض التيارات الشيعية العربية في العراق كتيار جواد الخالصي وتيار الصرخي الحسني.

تيار الصرخي يهاجم مليشيا الحشد الشيعية ويعتبرها حشدا سلطويا إيرانيا وإنه “حشد للتغرير بالشباب العراقي وزجهم في حروب مع إخوانهم في العراق للقضاء على الجميع، ولتأصيل الخلاف والشقاق والانقسام، ولتأصيل وتجذير وتثبيت الطائفية الفاسدة لتحقيق حلم إمبراطورية هالكة قضى عليها الإسلام”.

أما التيار الصدري (متورط في جرائم طائفية بحق السنة)، فله خلافات كبيرة مع السلطات في إيران بشأن سياسات خامنئي في العراق وسوريا، إلى الحد الذي وصل بزعيمه مقتدى الصدر للخروج على مناصريه وقراءة وصيته أمامهم، متوقعا أن يتم أن يتم اغتياله في أي لحظة.

صحيح أن الأمير محمد بن سلمان، في لقاء له، توعد بنقل المعركة إلى إيران، وتعجب من التفاهم مع من منطقه السيطرة على العالم الإسلامي ونشر التشيع حتى يظهر “المهدي المنتظر” الخاص بهم، إلا أن السعودية أيضا تحاول كذلك تبيان استغلال إيران للشيعة العرب وللعشائر العراقية الشيعية وأنها لا تأبى بهم ولا بقتلهم في معاركها في الإقليم”.

الشخصية الفارسية

من أهم خصائص الشخصية الفارسية، التي تعاني من عقد نفسية مركبة، الإيمان بأن السلوك البشري تهيمن عليه المصالح الذاتية وحدها، وهو ما يقود هذه الشخصية في أكثر الأحيان للغدر حتى بأقرب المقربين لها، وكذلك تعاني سوء الظن أو الارتياب، والقلق وعدم الاستقرار.

وكذلك الاستغلال الشخصي للأفراد بعضهم البعض، وهو ما قاد النظام الإيراني إلى استغلال الشيعة العرب والأفغان والباكستانيين وجعلهم وقودا لأطماعه في الهيمنة على سوريا والعراق واليمن. 

استياء إيراني

بدوره، وصف الكاتب والمحلل السياسي الإيراني مصدق بور، زيارة الصدر للسعودية واستقباله من قبل ولي العهد السعودي، بأنها “خطوة جرحت مشاعر المسلمين”، مستبعداً أن “يكون الصدر مفوضاً من قبل إيران للتوسط بينها والسعودية لحل التوترات بين البلدين”.

كذلك هناك استياء إيراني من فتح منفذ “عرعر” الحدودي مع محافظة الأنبار السنية العراقية، ومن الخطوات السعودية والخليجية التي تسعى لتوحيد كلمة سنة العراق، وإعادة إعمار المدن والأقضية السنية المدمرة كالموصل.

شروط النجاح

من شروط نجاح الحراك الدبلوماسي السعودي والعربي، أن تكون هذه التحركات غير فردية ولا مجرد ردات فعل مؤقتة، وكذلك أن تكون ضمن استراتيجية طويلة الأجل تسير وفق منهج واضح المعالم لعلاج “أسطورة المظلومية التاريخية لدى الشيعة”، ولتبيان الخطر الفارسي على المنطقة العربية.

وينبغي أن تكون البداية بالتيارات الشيعية العراقية وزعماء القبائل الشيعية العربية المناهضة لولاية الفقيه في قم وطهران، ومن ثم التيارات الخاضعة تماما للنفوذ الإيراني وما أكثرها للأسف.

ومع استقطاب تلك التيارات، كذلك لابد من السعي لتكوين قيادات بديلة من الشيعة العرب في العراق، والعمل الدؤوب على اختراق الحاضنة الشعبية لتلك التيارات اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا.

أخيرا فالسعودية تدرك جيدا أن عدم نجاح استراتيجيتها الجديدة في العراق، سيعني مزيدا من عدم الاستقرار في المنطقة، ومزيدا من التوغل الإيراني في بلدان العالم الإسلامي.

   

ربما يعجبك أيضا