اعتبرته إعلان حرب ..”تدويل الحرمين” محاولات يائسة لاستعداء السعودية

هالة عبدالرحمن

كتب – هالة عبد الرحمن
عاد مصطلح “تدويل الحج” للسطح من جديد؛ بعدما حركت قطر المياه الراكدة في هذا الملف الخطير، فهذه القضية تعود وتتجدد كلما اشتعل الخلاف السياسي؛ قديمًا وحديثًا مع السعودية، حتى خلال فترة الصراع العثماني – الصفوي، كان هناك من يدعو لجعل مكة المكرمة والمدينة المنورة خارج الإدارة العثمانية، لكن فكرة جعل الحرمين الشريفين تحت سيادة أو إشراف جماعي فكرة بائسة وغير واقعية، ليس لأنها تنتقص من السيادة السعودية على أراضيها فقط، وهو ما يعلم الجميع استحالة الإقرار به، ولكن لأن الفكرة في جوهرها تفتقد المنطق والحكمة والتبصر في عواقب الأمور.

وطرح هذه الفكرة معمر القذافي ذات يوم، والتي جسدت فصلا من فصول العلاقات الليبية السعودية في عهد القذافي، ويتعلق بالحملة التي شنَّها القذافي ضد المملكة منذ أكثر من عشرين عامًا تحت عنوان “تدويل الأماكن الإسلامية المقدسة في مكة والمدينة”، وانضمت إلى هذه الحملة إيران وبدأت خلال الحرب الإيرانية – العراقية، ثم تلاشت عندما لم تجد لها مستمعًا أو نصيرًا.

واستغلت إيران وتركيا حادث “منى” عام 2015 للتحريض ضد المملكة العربية السعودية، والمطالبة بتدويل الإشراف على تنظيم شعائر الحج، وهو ما اعتبره البعض محاولة لإثارة الفتن بين الشعوب.

وأخيرًا فجّر تقرير لقناة “الجزيرة” القطرية موجة غضب واسعة في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” بسبب تناوله لنفس القضية “تدويل الحرمين”.

ودشن مغردون، السبت 29 يوليو 2017، هاشتاج تحت عنوان “#تدويل_الحرمين” شاركوا فيه بآلاف التغريدات التي عبروا من خلالها عن آرائهم المتباينة إزاء ما تدعو له قناة الجزيرة القطرية وتحرض عليه.

وجاء الرد السعودي صارمًا وحازمًا على لسان عادل الجبير، وزير الخارجيّة السعودي، في المُؤتمر الصحفي، وعاد وأكّدها في مُقابلةٍ مع قناة “العربية” السعودية، وربّما بتوجيهاتٍ من حُكومته، وأشار فيها إلى أن طلب دولة قطر “تدويل الحرمين الشريفين والتدخّل في سيادة المملكة عليهما هو إعلان حرب ونحتفظ بحق الرّد على أيّ طرفٍ يُطالب بهذا التدويل”، في إشارةٍ واضحةٍ إلى لجنة قطر الوطنيّة لحُقوق الإنسان بخِطاب شكوى إلى المُقرّر الخاص بالأمم المُتّحدة بشأن الحج هذا العام، بينما أغلقت وزارة الأوقاف القطرية باب التسجيل في الحج أمام القطريين، مُعلنة منعهم من أدء الفريضة، فيما دشّن نشطاء عبر موقع تويتر، هاشتاجًا بعنوان “قطر تمنع شعبها من الحج”، مندّدين بالإجراء الذي اتخذته الدوحة ضد القطريين.

وتعتبر السعوديّة أي حديث عن تدويل الأماكن المُقدّسة مسألةً حسّاسة جدًّا، تُشكّل انتهاكًا صارخًا لسيادتها، وتشكيكا في إدارتها لها، وهو ما يعود بأزمة دول الخليج مع قطر إلى نقطة الصفر، ويتسبب في إفشال كل جهود الوساطة لإصلاح ذات البين.

وهناك عدة أسباب تاريخية ودينية تحول دون مثل هذه الدعوات لأن مكة المكرمة تحت السيادة الإسلامية النبوية من الناحية السياسية والدينية على السواء، فقد كانت السلطة الإسلامية فى المدينة تشرف على الكعبة والبلد الحرام وتقود الناس في الحج والمشاعر المقدسة، ولم يحدث أي خلاف طوال الفترة التالية للفترة النبوية حتى في أثناء احتدام الفتنة وخروج معاوية بن أبى سفيان على خليفة المسلمين الشرعي علي بن أبى طالب، فقد ظلت المدينة ومكة تحت إشرافه المباشر، يعين الولاة عليها ليقوموا بخدمة تلك الأماكن وخدمة المسلمين أيضاً.

ربما يعجبك أيضا