هل تنجح الوساطة الأمريكية في حل الأزمة الخليجية؟

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبد النبي

لازالت الأزمة الخليجية تطفو على السطح في ظل استمرار العناد القطري وتمسك الدول الخليجية بمطالبها الـ13 لمكافحة الإرهاب، وبين هذا وذاك تتدخل واشنطن لإضفاء زخم على الوساطة الكويتية علها تحدث نقلة نوعية، لاسيما وأن الأطراف المعنية تسعى لإقناع واشنطن بمواقفها ومن ثم فلا مناص من وساطة أمريكية بآلية تنفيذ لحل الوضع الراهن.. فهل تنجح إدارة ترامب في رأب الصدع؟

تفاهم أمريكي قطري

عقب توقيع مذكرة التفاهم بين قطر والولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب، أكد وزير الخارجية الأمريكي خلال مؤتمر صحفي له بالأمس، التزام الدوحة بمذكرة التفاهم والتي ستساهم في بناء الثقة في المنطقة.

كان وزير الخارجية الأمريكية ريكس تيلرسون، قد وقع على مذكرة تفاهم حول منع تمويل الإرهاب مع نظيره القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني خلال جولته المكوكية بالمنطقة شملت قطر والكويت وتركيا.

وعبر تيلرسون -خلال المؤتمر الصحفي- عن قلقه من استمرار الأزمة القطرية الخليجية لتأثيرها على استقرار المنطقة وتقويض الوحدة بمجلس التعاون الخليجي نظرًا لدورها في الحفاظ على استقرار المنطقة.

وحول الوساطة الكويتية، أوضح تيلرسون أن هناك تعاونا بين واشنطن والكويت التي تتولى الوساطة في هذا الخلاف، ولا يزال التواصل مستمرًا حول الوضع الراهن.

ولفت تيلرسون للزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرياض، مؤكدًا استعداد الولايات المتحدة للمساعدة في حل الأزمة التي ينبغي فيها تعاون الأطراف المعنية أنفسهم لحلها وصولًا للجلوس على طاولة الحوار.

وكان تيلرسون قد طالب الجنرال المتقاعد والمبعوث السابق إلى الشرق الأوسط أنطوني زيني، مرافقة الدبلوماسي تيم لندركينغ ، للعمل على إنهاء الأزمة الدبلوماسية في الخليج.

مصالح مشتركة

الجولات المكوكية التي قام بها وزير الخارجية الأمريكية ريكس تيلرسون لكل من قطر والكويت والسعودية لحل الأزمة، جميعها تؤكد وجود مصالح مشتركة بين الولايات المتحدة ودول الخليج تقتضي الوصول لحل وسط للحفاظ على المصالح المشتركة للطرفين.

من جهتها، توجهت الدول المعنية السعودية والإمارات وقطر إلى إدارة ترامب لإقناعها بجدوى مواقفها المختلفة، مؤكدة التزاماتها تجاه المصالح الأمريكية، وما صدر من إدارة ترامب ومسؤوليه بعثت برسائل دعم للإجراءات السعودية والإماراتية ضد قطر من جهة، وبعثت أيضَا برسائل التشجيع على التهدئة وتطويق الأزمة من جهة أخرى، وهو ليس تناقضًا في الموقف الأمريكية إزاء الأزمة وإنما محاولة لنزع الفتيل.

وبحسب المحللين فقد تحدث تنازلات من قبل الأطراف المعنية والتي قد تتمثل في تخفيف حدة الخطاب التحريضي الذي يقوم به إعلام قطر ، بينما تقوم الدول الخليجية بتخفيف العقوبات التي قامت بفرضها على قطر.

يضاف لذلك أن التحركات الأمريكية لا يمكن أن تعمل بدون الوساطة الكويتية وذلك لدورها في حل النزاعات السابقة لتفهم دولة الكويت للفروق السياسية والقبلية والعائلية والدينية والثقافية لدول مجلس التعاون الخليجي بعكس الجهات الفاعلة الأخرى.

وما يمكن أن تقوم به واشنطن هو إضفاء زخم للوساطة الكويتية لإحداث نقلة على صعيد الأزمة ، انطلاقًا من المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة ودول الخليج.

حدود الوساطة الأمريكية

مما سبق يمكن استنتاج أن إدارة ترامب لن تقف على المسافة ذاتها من قطر وكلا من السعودية والإمارات والبحرين ومصر في هذه الأزمة.

وبحسب المراقبين، فإدارة ترامب ملتزمة وعازمة على إبقاء القاعدة الأمريكية في قطر وأي قرار لإغلاقها غير وارد ، إلا في حال قررت قطر التصعيد والتحالف مع إيران في تمويل المنظمات الإرهابية، ومن ثم فالفكرة الأساسية في هذه المرحلة هي الإبقاء على تلك القاعدة والحرص على العلاقة الثناية بشروط أمريكية تنطلق مما تم إصداره في قمة الرياض الأخيرة .

 ومن ثم فليس من مصلحة قطر تشكيل جبهة مع إيران والمنظمات الإرهابية لأن مصلحتها تقتضي البقاء في مجلس التعاون الخليجي، وهذه الأمور تشكل أسسًا لأي وساطة أمريكية أو كويتية .

ويرى المراقبون أن أولى الخطوات التي يجب أن تتخذها إدارة ترامب، تعيين مبعوث له علاقات جيدة مع الجهات الأمنية داخل الولايات المتحدة وكذلك على دراية بتعقيدات المنطقة الممتدة من الخليج إلى سوريا وليبيا والعراق واليمن.

خطة تيلرسون

وتحت “خريطة تيلرسون للمصالحة الخليجية” ، كشفت صحيفة “الراي” الكويتية، تفاصيل الخطة الأمريكية لحل الأزمة الخليجية مع قطر.

وبحسب الصحيفة ما زالت الخطة الأمريكية عبارة عن عناوين تحتاج إلى أليات تفصيلية وهي مجرد اقتراحات ترتكز على الأتي:
ــ وقف الحملات الإعلامية بين الدول المقاطعة وقطر.

ــ التحضير لمفاوضات مباشرة أساسها العودة إلى اتفاق 2014 في الرياض.

ــ  الاتفاق على بنود جديدة بما يحفظ مواثيق التعاون وإبعادها عن التجاذبات السياسية.

ــ تعزيز العمل الجماعي لمكافحة الإرهاب وفق أسس وتعهدات واضحة .

ــ تأكيد التزام دول التعاون الخليجي بميثاق المجلس وقرارات قممه .

ويمكن القول: إن اللقاءات السابقة بين الدول الأربع ووزير الخارجية الأمريكية، شددت على مجموعة من التجارب واهتزاز الثقة في التعامل مع قطر، فهل تنجح إدارة ترامب في الحصول على ضمانات بعدم خرق قطر أي اتفاق قادم؟ وهل سيقابله ذلك توافقًا خليجيًا حيال حل الأزمة؟ أسئلة قد تجيب عنها الأيام القادمة ورؤية ما قد سيقدمه مبعوث ترامب لحل الأزمة الخليجية.. والتي قد ترتهن بتطورات الأحداث السورية والتي قد تلقي بظلالها على الإدارة الأمريكية التي تشهد توترًا مع الجانب الروسي.

ربما يعجبك أيضا