القواعد العسكرية في جيبوتي.. عندما تفرض الجغرافيا نفسها

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

تتسابق العديد من الدول الكبرى في العالم على إنشاء قواعد عسكرية في جيبوتي، بفضل موقعها الاستراتيجي على الشاطئ الغربي لمضيق باب المندب بين البحر الأحمر وبحر العرب.

وفتحت جيبوتي التي تعد من أهم دول القرن الأفريقي، الباب لدول كبرى وصديقة لتأسيس قواعد عسكرية، لكن، كما يقول المسؤولون، بشروط خاصة لا تتعارض مع الأمن القومي الجيبوتي، ولا مع توجهات الدولة.

موقع استراتيجي

وتركز الدول أنظارها على هذا البلد العربي بفضل الأهمية الاستراتيجية لموقعه الجغرافي، الذي يتيح لمن يمتلك قاعدة عسكرية أن يتدخل سريعا في الأحداث في عدد من دول المنطقة، مثل اليمن والصومال.

ويمثل موقع جيبوتي أهمية كبيرة بالنسبة للصراعات في منطقة القرن الأفريقي فهي ترتبط بحدود مشتركة مع الصومال وهناك أهمية أكبر الآن للحدود المشتركة مع إثيوبيا كون البلدين يربطهما خط سكة حديد.

وزاد الاهتمام بالمنطقة عقب التمرد الذي قام به الانقلابيون الحوثيون في اليمن، ومحاولات إيران الداعمة للانقلابيين، التواجد في المضيق الذي تمر منه الناقلات عبر البحر الأحمر وقناة السويس إلى الدول الغربية.

قاعدة فرنسية

تأتي القاعده العسكرية الفرنسية والتي تحمل اسم “فورس فرانسيس جيبوتي” في مقدمة القواعد العسكرية الأجنبية في جيبوتي، حيث تعتبر أهم قاعدة للفرنسيين في القارة السمراء.

ووفق المعلومات الفرنسية، فإن الحضور الفرنسي العسكري في جيبوتي يضخ في الاقتصاد المحلي ما يزيد على 465 مليون دولار، على شكل مساعدات ومصاريف فرنسية مختلفة. فضلا عن ذلك، فإنه يشكل 27 في المائة من الناتج المحلي.

قاعدة أمريكية

أما القاعدة العسكرية الأمريكية “ليمونير” في جيبوتي فهي القاعدة العسكرية الأمريكية الوحيدة المعلن عنها بشكل رسمي، في أفريقيا، وبدأت العمل عام 2002، بقوام 900 عنصر أمريكي.

واليوم بلغ تعداد هذه القوات 4 آلاف، وأصبحت مقرًا لقوات “أفريكوم” في المنطقة، وتقوم هذه القاعدة بمراقبة المجال الجوي والبحري والبري لست دول أفريقية هي: السودان وأريتريا والصومال وجيبوتي وكينيا، واليمن من آسيا ودول الشرق الأوسط.

قاعدة يابانية

وفي عام 2009، عملت اليابان على انشاء البحرية اليابانية قاعدة عسكرية لها في جيبوتي، تتضمن ميناءً دائمًا ومطارًا عسكريًا لإقلاع وهبوط طائرات الاستطلاع اليابانية “P-3”.

وخلال السنوات الخمس الأخيرة، ارتفع عدد الجنود اليابانيين في جيبوتي، الذين يطلق عليهم اسم “قوات الدفاع المدني”، من نحو 150 عنصرا إلى 400 عنصر ويقيمون في منشآت على مساحة تبلغ نحو 30 فدانا.

قاعدة صينية

ومؤخرا دشنت الصين في جيبوتي أول قاعدة عسكرية لها في الخارج على أبواب البحر الأحمر، خلال حفل حضره قائد البحرية الصينية ووزير دفاع جيبوتي، وفق ما أعلنت “وكالة أنباء الصين” الجديدة.

القاعدة اللوجستية التي تم تدشينها في أغسطس201 7 هي الأولى من نوعها بالنسبة للصين وستستخدم لتعزيز “المواكبات البحرية في أفريقيا والشرق الأوسط وعمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والمساعدات الإنسانية” وفق بيان وزارة الدفاع الصينية.

قاعدة سعودية

ونظرا لأهمية مضيق باب المندب للمملكة، فقد اتفقت المملكة مع جيبوتي على إنشاء قاعدة عسكرية سعودية، لخدمة المصالح الاقتصادية والأمنية للمملكة، كما صرح بذلك السفير الجيبوتي لدى المملكة.

وخلال الشهور القليلة الماضية، بدأت مشاورات وزيارات بين القيادتين العسكريتين في كل من جيبوتي والسعودية، تمخضت عن وضع مشروع مسودة اتفاق أمني وعسكري واستراتيجي، يتضمن استضافة جيبوتي لقاعدة عسكرية سعودية.

ووفقا لوزير خارجية جيبوتي، محمود علي يوسف، فقد جرى تحديد بعض المواقع على الساحل الجيبوتي لهذا الغرض، قائلا: “وافقنا، بل شجعنا أن يكون للمملكة، ولأي دولة عربية، تواجد عسكري في جيبوتي؛ نظرا لما يحدث هنا في المنطقة”.

حُلم إيراني

وتسعى إيران منذ سنوات عدة إلى التواجد في باب المندب من خلال دعم المتمردين الحوثيين في اليمن، ومحاولة إغراء دول في القرن الأفريقي بتقديم قروض ومساعدات.

يقول وزير خارجية جيبوتي “عندما شعرت بأن التعاون مع إيران كان دائما فيه كثير من اللبس، وفيه كثير من الأمور التي ربما تدخلنا في متاهات معها، ابتعدنا عنها شيئا فشيئا، إلى أن جاء الاعتداء على اليمن، وعلى المصالح العربية، فقررت جيبوتي أن تقطع علاقاتها مع طهران”.

مصدر دخل

تقدر المكاسب المالية التي تجنيها السلطات الجيبوتية مقابل ايجار القواعد الأجنبية الرئيسية في أراضيها سنويا بـ226 مليون دولار أمريكي؛ حيث تدفع الحكومة الفرنسية حوالي 30 مليون دولار سنويا مقابل قاعدتها العسكرية في جيبوتي. أما قيمة إيجار القاعدة العسكرية اليابانية  فتقدر بـحوالي 33 مليون دولار أمريكي سنويا. 

ويقدر الإيجار السنوي للقاعدة العسكرية الأمريكية في جيبوتي بـ 33 مليون دولار، وفقا لاتفاقية عسكرية وقعت عليها جيبوتي مع الإدارة الأمريكية عام 2002. ومع تجديد العقد في مايو 2015م، وتوسيع القوات الأمريكية في البلاد، تضاعفت قيمة الإيجار إلى حوالي 63 مليون دولار أمريكي.

ويتوقع المحللون أن تتجاوز العائدات السنوية لـلقواعد العسكرية الأجنبية خلال السنوات الخمسة المقبلة إلى أكثر من 300 مليون دولار، وذلك في ظل التنافس الدولي الراهن وانخراط بعض القوى الإقليمية في إقامة قواعد عسكرية لها في جيبوتي.

ربما يعجبك أيضا