النعمة جلبت النقمة لأهالي أرض “الذهب”

هالة عبدالرحمن

كتب – هالة عبد الرحمن

عندما تصبح النعمة نقمة فتجلب معها اللعنة التي تحل على كل شيء جميل وتحوله لأقبح شيء على وجه الأرض، وفي أرض باباوا غينيا الجديدة تحول الذهب إلى لعنة حلت بأهل هذه الأرض الطيبة، حيث مست لعنته أهالي مرتفعات باباوا.
 
وهي دولة تقع في النصف الشرقي من جزيرة غينيا الجديدة (ثاني كبرى الجزر في العالم) في جنوب غرب المحيط الهادي، في قارة أوقيانيا بالقرب من إندونيسيا. عاصمتها وكبرى مدنها بورت مورسبي.

واحتلت المنطقة قديمًا من قبل المستكشفين الإسبان والبرتغاليين. في سنة 1884 كانت مقسمة لنصفين، نصف شمالي يتبع ألمانيا والآخر جنوبي يتبع المملكة المتحدة. وفي سنة 1905 احتلتها أستراليا، وظلت تحكمها حتى نالت استقلالها منها في سنة 1973، واستقلت كليا في سنة 1975. يسكنها البابوانيون والميلانيسيون.

وتمتد بابوا غينيا الجديدة على مساحة 840 462 كيلومتر مربع من أرض ذات تضاريس شديدة الصعوبة، وتتسم بصغر سنّ سكانها وارتفاع نسبة البطالة فيها. وهي عرضة للكوارث الطبيعية، فقد تعرضت في العقد الأخير وحده إلى حوادث متعددة من زلازل وأعاصير تسونامي وانفجارات بركانية وفيضانات وجفاف وصقيع مدمّر أسفرت جميعها عن خسائر كبيرة في الأرواح وأدّت إلى نزوح عدد كبير من العائلات وتدمير المحاصيل والممتلكات وسبل العيش وزعزعة الخدمات الاجتماعية كالصحة والتعليم.

ويعيش على أرض الجزيرة الإندونيسية حوالي 19 ألف نسمة في أكشاك خشبية صغيرة، ويعيش سكان القرية الأصليين في مرتفعات “بابوا” بوسط غينيا الجديدة، ويقومون بتحنيط جثث أسلافهم عن طريق حرقها دون أن تتحول إلى رماد، وبذلك يمكن الاحتفاظ بها وقتًا طويلًا.
ويقوم عدد قليل من الإندونيسييين بزيارة هذه الجزيرة الفقيرة، التي تعد أفقر القرى الإندونيسية ويعيش 28% من السكان تحت خط الفقر، بالإضافة إلى أسوأ معدلات وفيات بين الأطفال الرضع وارتفاع نسب الأمية، وعلى الرغم من ذلك فإنها تسمى بأرض الذهب لأنها تحتوي على أكبر منجم ذهب وأكثرها ربحًا.

ففي عام 2015، قدر حجم المستخرج من الذهب والنحاس بقيمة 3,1 بليون دولار، بالإضافة إلى موارد الاخشاب التي تقدر بـ 78 مليار دولار، ولكن هذه الثروات ربما تكون مصدرًا لبؤس أهل القرية حيث يحكم الجيش الإندونيسي قبضته الحديدية على أهالي المنطقة.

وأكدت تحقيقات صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أن السلطات الحكومية أنفقت ما يقرب من 20 مليون دولار بين عامي 1998 و2004 للقوات العسكرية وبـ150 ألف موظف وأن كل الدعوات التي تنادي بالاستقلال يتم التعامل معها بمنتهى القسوة.

ووفقًا للناشطين في مجال حقوق الإنسان، فإن أكثر من 5000 ألف شخص كانوا ضحية للاغتصاب والقتل والتعذيب في السجون العسكرية الإندونيسية منذ عام 1969، كما أن عمليات القتل الجماعي في مرتفاع بابوا وصلت إلى حد الإبادة الجماعية في فترة السبعينات.

وألقت الشرطة الإندونيسية على أكثر من 3900 شخص خرجوا في مظاهرات سلمية العام الماضي، فيما يتضمن تقرير “إبرشيه بريسبان” لعام 2016, شهادات للفظائع التي ارتكبت العام الماضي، مثل حالات الإعدام بغير وجود حكم قضائي, والتعذيب, والاغتصاب, والصعق بالكهرباء، وسحق المظاهرات السلمية لأهالي بابوا غينيا الجديدة.

وتسببت العزلة التي فرضتها السلطات على البلدة إلى فرض قيود على وسائط الإعلام الدولية وطرد الصحفيين بخاصة الأجانب الذين يتعرضون لمخاطر كبيرة حال نزولهم هذه المنطقة.

ربما يعجبك أيضا