لقب السيدة الأولى صداع في رأس ساكن الإليزيه

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان
 
قد يتخيل أولئك الذين يحلمون بالسفر إلى باريس خلال عطلة الصيف أن الشارع الفرنسي لا يهتم كثيرا بالحياة السياسية وأنه مشغول بالحديث عن السينما والموضة، إلا أن عناوين صحف هذا الأسبوع تؤكد العكس تماما، لنجد أن أبرزها يتحدث عن عريضة أطلقت عبر الإنترنت جمعت نحو 200 ألف توقيع لرفض استحداث لقب “السيدة الأولى” لبريجيت ماكرون.
 
لقب يثير كل هذه الضجة!، نعم لأن الرئيس الشاب إيمانويل ماكرون لا يريد فقط استحداث لقب لزوجته على سيبل المكافأة لرفيقة درب، أنما يريد أيضا تخصيص ميزانية من المال العام لتمويل أنشطتها العامة، في وقت تسعى فيه حكومته جاهدة لمكافحة فساد المسؤولين ومنع توظيف الوزراء والنواب لأقاربهم، وذلك في إطار تعهده خلال حملاته الانتخابية بوضع معايير أخلاقية للحياة العامة، هذه الازدوجية ربما تفسر ما ورد في هذه العريضة من كلمات تعبر عن احترام لزوجة الرئيس رغم المعارضة لحصولها على امتيازات.

عريضة مثيرة للجدل

وتقول العريضة التي ظهرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي في فرنسا منذ ثلاثة أسابيع بمبادرة من رسام يدعى تيري بول فالات، ليس هناك سبب يدعو لأن تحصل زوجة الرئيس على المال من الميزانية العامة للدولة، ندين بشدة جميع هجمات التمييز الجنسي التي تتعرض لها بريجيت ماكرون، ولا نشكك بتاتا في كفاءتها، لكن في ظل سعي الحكومة الفرنسية لتخليق الحياة السياسية، ومع تبني القانون الذي يمنع توظيف الوزراء والنواب لأقربائهم، ليس بإمكاننا الموافقة على المبادرة لاستحداث لقب رسمي لزوجة الرئيس ماكرون.
 
ولم ينس كاتب العريضة أن يُذكر بأن بريجيت ماكرون لديها حاليا فريق من نحو ثلاثة مساعدين، بالإضافة إلى كاتبين ورجلي أمن، فيما أكد تقرير نشرته صحيفة الإندبندنت أخيرا، أن كارلا بروني – ساركوزي كان  لديها فريق من ثمانية مستشارين، يكلف دافعي الضرائب ما مجموعه 437.376 يورو سنويا، وفي أمريكا هناك أربعة موظفين في المكتب التنفيذي للرئيس يعملون رسميا للسيدة الأولى ميلانيا ترامب.
 
وفي سياق تعليقه على هذه الأنباء قال ماكرون للمحطة الفرنسية “تي إف 1″، عندما تنتخب رئيسا للجمهورية، فإنك تعطي جزءا كبيرا من الوقت الخاص بشريكة حياتك للحياة العامة، لذلك يجب على الشخص الذي يعيش معك أن يكون له دور معترف به رسميا.
 
الواقع أن الدستور الفرنسي لا يضم أي بند خاص بوضع زوجات الرؤساء، أو منحهن لقب السيدة الأولى على غرار الولايات المتحدة، وهذا لم يمنع ساكنات الإليزيه من المشاركة في الحياة العامة من قبل، ويذكر الشارع الفرنسي لبرناديت شيراك، دورها في العناية بالأطفال، ومساهمتها في تفعيل شبكة مجتمعية مهمتها جمع القطع النقدية التي لا قيمة لها للتبرع بها من أجل مساعدة المستشفيات للعناية بالأطفال، أما التاريخ فسيذكر لدانيال ميتران دفاعها عن القضية الكردية، وكيف كانت وراء العديد من قرارات مجلس الأمن الخاصة بوقف المذابح التي ترتكب بحق الشعب الكردي، فليذهب لقب السيدة الأولى إلى الجحيم.
 
على الرغم من أن الإليزيه يلتزم الصمت لمواجهة هذه الضجة، إلا أن المتحدث باسم الحكومة كريستوف كاستانر غرد عبر حسابه على تويتر قائلا: بريجيت ماكرون لها دور ومسؤوليات، ونحن نتطلع إلى أن نكون شفافين وأن نحدد الوسائل التي ستدير بها هذه المسؤوليات.. لا تعديل للدستور، نحن لا نتحدث عن وظيفة، نحن نتحدث فقط عن حالتها، ولن تحصل زوجة رئيس الجمهورية على أي أجر هذه مجرد مسألة شفافية.
 
فيما نقلت الغارديان عن مسؤولين بالحكومة قولهم، إن زوجة الرئيس بريجيت ماكرون لن تحصل على لقب “سيدة أولى” رسميا أو أي ميزانية خاصة بها، وخلال الأيام المقبلة سيصدر “ميثاق الشفافية” لتوضيح موقف بريجيت.

“ماكرون” في قلب المواجهة
 
الواضح أن الشارع الفرنسي قرر قطع شهر العسل مع رئيسه الذي لم يكمل مائة يوم بالإليزيه، الخميس الماضي طالعتنا الصحف باستطلاع رأي يؤكد تراجع شعبية ماكرون بنسبة 49%، فيما انخفضت نسبة من لهم رأي إيجابي فيه إلى 36 %، مقابل 54% في استطلاع لمعهد إيفوب نشر الشهر الماضي.
 
كان من الصادم أيضا أن نسمع النائب الاشتراكى ورئيس جمعية اتحاد البلديات الفرنسية الصغيرة أوليفييه ديسبو يتهم الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون بالخيانة، ويقول فى حديث لقناة “فرانس انفو” متحدثا عن صدمته من قيام الحكومة باقتطاع مبلغ 300 مليون يورو من الميزانية المخصصة لهذه البلديات، إن رؤساء بلديات المدن والقرى الفرنسية الصغيرة تفجأوا بصدور مرسوم بقرار حرمان مدنهم وقراهم من هذا المبلغ، معتبرا أن الرئيس ماكرون خان تعهدات وردت فى خطابه فى 17 من الشهر الماضى، بعدم المساس بموازنة هذه البلديات ولكنه بعد ثلاثة أيام أصدر المرسوم.
 
إلى ذلك يواجه ماكرون تحديا من الأصوات النيابية المعارضة لقانون الأخلاق الذي يسعى من خلاله إلى الحد من إمتيازات الوزراء والنواب، وكان بمثابة الدعامة لحملته الانتخابية، ويحتاج ساكن الإليزيه إلى أغلبية مطلقة لتمرير هذا القانون عقب العطلة البرلمانية التي بدأت الخميس الماضي، ويبدو أن شعبية ماكرون الذي يعتبره المحللون أقرب إلى شخصيات هوليود البطولية، ستكون على المحك مع هذا القانون.
 
ماكرون الذي سيبدأ بعد غد الأربعاء عطلته الصيفية على مدار أسبوعين، سيكون من المثمر أن يقضي هذا الوقت بإعادة حساباته والاستعداد لمواجهة معارضيه والرد على انتقادات الرأي العام، إذ لم تعد قصة حبه لزوجته على ما يبدو ملهمة للشارع الفرنسي بالقدر الذي كانت عليه خلال حملته الانتخابية.

ربما يعجبك أيضا