إعادة إعمار سوريا.. ترميم دولة على أساسات من الدماء

كتب – حسام عيد

إعادة إعمار سوريا؛ أمر سابق لأوانه نظرًا إلى عدم بلوغ الحرب نهايتها وإلى غياب العلامات الدالة على قرب التوصل إلى تسوية سياسية، وهو الشرط الذي يعتبره الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ضروريًا لانطلاق أعمال إعادة الإعمار.

لكن حسابات الذين ينتظرون إعادة الإعمار بدأت منذ فترة ومعها بدأت حسابات التنافس والمحاصصات السياسية.

وبالفعل، بدأت دول وشركات كثيرة تفكر بمرحلة إعادة الإعمار والمشاريع الضخمة التي ستقام في سوريا، على الرغم من استمرار الحرب.

وكشف تقرير للبنك الدولي نشر مؤخرًا أن إجمالي خسائر الاقتصاد السوري تقدر بنحو 226 مليار دولار، وقال التقرير إن التجمعات السكنية تدمرت أو تضررت جزئيا بفعل الحرب بنحو 27%.

الاقتصاد بديل الخطط العسكرية

يمكن أن يكون الاقتصاد المفتاح الأول والبديل للخطط العسكرية من أجل إنهاء الحرب في سوريا.

ونشرت مجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية تقريرا أعده كل من الجنرال المتقاعد جون آلين والذي كان مبعوثًا خاصًا للرئيس باراك أوباما إلى التحالف الدولي لمكافحة تنظيم “داعش”، ومايكل أوهانلون الباحث المتخصص في الأمن القومي وسياسة الدفاع، وهو من كبار مؤلفي مشاريع أدلة حول العراق وأفغانستان وباكستان، أوضحا خلاله أنه لا يوجد استراتيجية موحدة في سوريا، مع خطوات لتنفيذها بشكل معقول، فالحرب معقدة جدًا لرسم مسار كامل للحل.

لكن الولايات المتحدة تحتاج إلى عناصر جديدة في سعيها لوضع الشروط للوصول إلى حل ووقف الحرب.

الخطوة الرئيسية تتمثل باستخدام النفوذ الاقتصادي العربي والغربي، بحكمة لمساعدة المناطق المستقلّة في حال نشوئها.

وقالا: “الهدف الأقصى هو إقناع الرئيس السوري بشار الأسد بتسليم مقاليد السلطة الى الخلف، والذي يكون جزءًا من إختياره، حتى يمكن للشعب الوصول الى مساعدات لإعادة الإعمار، وهو الأمر الذي يتاح لهم بحال مغادرة الأسد السلطة فقط”.

وقدر الكاتبان بأن تكلّف إعادة إعمار سوريا 100 مليار دولار سنويًا، وهذا المبلغ لا يمكن لحلفاء الأسد تأمينه، وهنا تكمن فرصة أمريكا لاستخدام الاقتصاد.

ومن المؤكد أن هناك شرطًا مسبقًا وضروريًا للاستفادة الكاملة من الاستراتيجية الاقتصادية، وهو تحقيق نجاح كبير في ساحة المعركة، وفي الوقت الحاضر فإن المنطقة الوحيدة الناضجة لهذا النوع من المساعدة هي الشمال الكردستاني.

لجنة دولية لاستلام أمور الإعمار

دعا مؤتمر إعادة إعمار سوريا ودول النزاع في المنطقة الذي نظمته نقابة مقاولي الإنشاءات بالتعاون مع وزارة الأشغال العامة والإسكان في الأردن في يوليو الماضي إلى ضرورة بناء ائتلافات اقتصادية للمشاركة في الإعمار.

وأكد على ضرورة تضافر جهود مؤسسات الدولية التمويلية للمشاركة في إعادة الإعمار والتي تقدر كلفته بأكثر من 100 مليار دولار وعلى مدار 10 سنوات الأمر الذي يتطلب بناء منظومة بناء شاملة بين مؤسسات المجتمع الدولي والحكومات الاقليمية وبناء ائتلافات كبيرة.

كما أوصى المؤتمر بانشاء لجنة دولية مختصة في دول الجوار لتنظيم الهياكل والتنظيمات المعنية بمثل تلك المشاريع لخلق آلية تنسيق موحدة تعطي الأولوية لدول الجوار، داعيا إلى فتح قنوات تواصل مع أصحاب القرار في دول الصراع لربط مختلف المشاريع بالخطط التنموية الاستراتيجية المستدامة.

“الصين” ممول ضخم

إعادة إعمار سوريا التي مزقتها الحرب هي ما تجذب انتباه بكين، حيث أرسلت 4 وفود لغاية الآن إلى لبنان.

في الوقت نفسه، لبنان بعيد بما يكفي كي يمكن بكين من بدء الاستعداد لإعادة الإعمار، دون أن تواجه انتقادًا من القوى الغربية التي تخشى من أن يكون تمويل المشروعات في سوريا من شأنه أن يضفي الشرعية على حكومة بشار الأسد قبل التوصل إلى اتفاق نهائي مع المعارضة.

الهند “مستثمر صناعي”

أعرب سفير الهند لدى دمشق مان موهان بانوت عن اهتمام بلاده بتطوير العلاقات الثنائية مع سوريا في المجال الصناعي، مؤكدا أنه ستتم دعوة الشركات الهندية للاستثمار وإقامة مشاريع صناعية جديدة في سورية وإمكانية تقديم التسهيلات المالية لإقامتها.

وستعمل الهند على إعادة تأهيل وتطوير الشركات العامة الصناعية كشركتي الإطارات بحماة، والأسمدة بحمص، وإقامة مشاريع صناعية مشتركة في مجال صناعة الأدوية، والصناعات الغذائية، والطاقات المتجددة، والزجاج الدوائي، والسيلكون، وتجميع الجرارات الزراعية وملحقاتها، وإمكانية استيراد المواد الأولية والتجهيزات اللازمة للعملية الإنتاجية في شركات وزارة الصناعة السورية.

“الشيشان” لاعب رئيسي

صارت جمهورية الشيشان الانفصالية في روسيا لاعبًا رئيسيًا في إعادة إعمار سوريا التي دمرتها الحرب، ومن المحتمل أن يدفع شيشانيون كلفة هذه العملية مع إرغام بعضهم على تقديم تبرعات، وإلا واجهوا النفي أو الموت.

وتتولى منظمة خيرية تديرها عائلة الزعيم الشيشاني رمضان قديروف إعادة تأهيل مسجد حلب الشهير، في مبادرة ترمي إلى مساعدة الكرملين على ترسيخ موطئ له في سوريا وتعزيز موقع قديروف في العالم الإسلامي.

ومع أن سوريا بحاجة إلى كل المساعدة للخروج من سبع سنوات من الحرب، يرى ناشطون في حقوق الإنسان في مبادرة مؤسسة قديروف مصالح شخصية، بحجة أن المؤسسة تستخدم كمصرف خاص لعائلة قديروف تودع فيه المساهمات القسرية للمواطنين الشيشانيين.

“لبنان” منفذ استراتيجي

دشنت لبنان مبادرات كثيرة بهذا الاتجاه خصوصا أن الحكومة والشعب يؤكدون على صفات تمييزية للبنان من بينها القرب الجغرافي، اللغة المشتركة مع سوريا، الخبرة والتجربة السابقة في مجالات إعادة الإعمار.

ويشهد مرفأ طرابلس ورشة توسيع وتطوير، مشروع قديم لكن المحفز حديث، وهو الاستعداد لمرحلة إعادة إعمار سوريا.

الرصيف بات أوسع والاستعدادات جارية لتقوية الميزات التنافسية لمرفأ لا ينفك القائمون عليه يذكرون أنه لا يبعد سوى حوالي 30 كيلومترا عن الحدود السورية.

“سلطنة عمان” سوق تجاري

أعلنت غرفة تجارة سلطنة عُمان أنها تبحث تشكيل وفد تجاري عُماني لاقتناص فرص الاستثمار في إعمار سوريا، وكذلك في مجالي النفط والسياحة وغيرهما من الفرص المتاحة.

جاء ذلك في أعقاب لقاء عقد في دمشق، بين سعيد الكيومي رئيس الغرفة، وعماد خميس رئيس مجلس وزراء النظام السوري.

وأضافت الغرفة في سلسلة تغريدات عبر حسابها الرسمي على “تويتر”، أن اللقاء الذي يأتي ضمن استعدادات الغرفة، للمشاركة في معرض دمشق الدولي بين الـ 17والـ 26 من أغسطس الجاري، ناقش تعزيز فرص التعاون التجاري بين البلدين.

وأشارت إلى أن التعاون التجاري، يتضمن دخول الشركات والمنتجات السورية مثل الفواكه إلى الأسواق العمانية، ووجود مستثمرين سوريين في عُمان.

وتصدر عُمان بعض السلع إلى سوريا كالسيارات المعاد تجميعها والأجهزة الكهربائية وبعض المنتجات الغذائية.

وتقام في السلطنة معارض تجارية سورية بشكل دوري، فيما افتتح مركز الاستثمار العماني مركزاً له في دمشق أخيراً.

“مصر” مطور نفطي

أبدت عدد من الشركات المصرية رغبتها في العمل والاستثمار في سوريا في مشروعات استراتيجية تشمل كل المجالات ولاسيما قطاع الصناعات النفطية، وذلك بعد إطلاق مؤتمر الاستثمار الأول في دمشق مؤخراً.

ووجهت تلك الشركات كتاباً إلى رئاسة مجلس الوزراء تؤكد فيه تمتع سوريا بمناخ استثماري مميز ومشجع وجاذب بفعل الفرص الاستثمارية التي يملكها هذا البلد والموقع الاستراتيجي الذي يتوسط قارات العالم.
 

ربما يعجبك أيضا