ويليام بليك يعزف على مزماره أغنيات البراءة

شيرين صبحي

رؤية
فقير بائس؛ رحل عن عالمنا الشاعر الإنجليزي والرسام ويليام بليك في مثل هذا اليوم 12 أغسطس 1827 ، في السبعين من عمره.

كان بليك ينادي بسيادة وتفوق الخيال على المنطق والمادية في القرن الثامن عشر. وكان متعاطفا مع الثورة الفرنسية التي أصبحت محورا لاهتمامه وموضوعا للعديد من قصائده.

خلال السنوات السبع الأخيرة من حياته، رسم الكوميديا الإلهية وصوّر شخصيات شكسبيرية، وفي هذا الوقت مر هو وزوجته بأوقات صعبة، فكانت غرفة معيشتهما هي أيضا غرفة نومهما ومطبخهما واستديو الرسام في وقت وحد.

في قصيدته “إلى الخريف” يقول بليك:
آه يا خريف ، محمّلاً بثمار ومصبوغاً
بدم العنب ، لا ترحلْ ، ولكن اجلسْ
تحت سقفي الظّليل ؛ هناك قد تستريح ،
وليتناغمْ صوتُـكَ الطّروبُ بمزماري الثَّـمِـل ؛
وكلُّ بنـاتِ العام سيرقصْـنَ!
غنِّ الآنَ أغنيةَ الفواكهِ والأزهارِ المفعمةَ بالحيويّـة.
” البُـرعُـمة النحيـلة تُـبرِز جمالَها إلى
الشَّمس، والحبّ يسري في عروقـها النابضة ؛
الزّهراتُ تدلّتْ على جَبْـهةِ الصَّباح ،
وأزهـرتْ تحتَ الخدّ المُتـألِّق للمساء الوقور،
حتى تفتّت الصّيف المتكـدِّسُ قُدُمـاً في الغناء ،
ونثرت السُّحبُ ذواتُ الرِّيش أزهاراً حول رأسها .
” أرواحُ الهواء تعيش على روائح
الفاكهة ؛ والمرحُ ، بأجنحة خفافٍ، يطوف حول
الحدائق ، أو يجلس مغنِّـياً على الشجر.”
هكذا غنّى الخريفُ المرحُ عندما جلس ؛
ثمَّ قام ، مورِّداً ذاتَـه ، وفوق التلِّ الكئيب
هرب من أبصارنا ؛ ولكنّـه ترك حِملَه الذَّهبيَّ.

كان ذكاء بليك يجذب الانتباه فلم يتقيّد بالفكر الأكاديمي لذلك الزمن. كان واحدا من أولئك الناس النادرين الذين يتمتعون برؤية شاملة، كما يقول الكاتب المسرحي جاك شيبرد، الذي بدأ قراءته عندما كان طفلا وكانت لوحاته معلقة على جدران الكنيسة التي كان يذهب إليها. يقول شيبرد: “وجدت صوره كريهة وفاتنة، مريحة ومخيفة بنفس الوقت. كنت أحبّ كرهي لها. كان لها تأثير هائل. ومع الأيام انجذبت إلى فلسفة بليك الخطرة”.

في قصيدته “أغنيات البراءة” يقول:
كنْتُ على مزماري أعزفُ
في قفرِ الوديانْ
أعزفُ ألحاناً لأَغانٍ
مفْرِحةِ الأنغامْ
حين رأت عينايَ صغيراً
في إحدى الغيماتْ.
قال الطِّفلُ بوجهٍ ضاحكٍ:
“اعزفْ أغنيةً عن حملٍ”
فعزفْتُ بكلِّ سرورٍ.
قالَ:
“اعزِفْ يا زامرُ،
ثانيةً، تلك الأغنيَّة”
فعزفتُها ثانيةً.. فبكى.
قالَ:
“اتركْ مزمارَكَ،
ذاكَ المزمارَ المبتهجَ،
وغنِّ أغانَيكَ الجذلى”.
فشرعْتُ أغنِّي
ذاتَ الأُغنيَّةِ ثانيةً
فبكى أيضاً،
لكن بفرحْ.
قالَ:
“اجلسْ يا زامرُ واكتبْ،
في سِفرٍ يمكنُ للكلِّ قراءتُهُ”.
وتوارى عن مرمى بصري.
فقَلَعْتُ قصبةً جوفاءْ
وصنعْتُ يراعاً ريفيّاً،
وأخذتُ أُعكِّرُ صفوَ الماءِ
وأكتبُ ألحاناً
لجميعِ أغانيَّ الجذلى
علَّ الأطفالَ
إذا سمعوني يبتهجونْ

هذه مجموعة من لوحات بليك

ربما يعجبك أيضا