“القطار والدراما المصرية “.. جسر للأحبة أو مقصلة لنفوس معذبة

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان

للقطار أهمية كبيرة في حياة المصريين، فبالإضافة إلى كونه وسيلة انتقال تلعب جانب مهم في حياة المواطنين، فقد أصبح جزء لا يتجزأ من الشخصية المصرية، لدرجة أن السينما أفردت لها مساحات شاسعة في الأعمال الفنية تنوعت ما بين الأفلام والأغاني وغيرها من الأعمال الدرامية التي تعبر عن أهميته للشعب المصري.

فليس غريب أن يظهر القطار في مشاهد من الأفلام والأغاني المصرية، مثل فيلم قطار الليل، أو يعبر عن الصراع في الفيلم وينقله في منطقة أخرى مثل فيلم سيدة القطار، أو تدور معظم الأحداث فيه مثل ساعة ونصف، أو أن يتحول لبطل صامت، يحتل مساحة كبيرة من الأفلام ويروي أحيانا بالإشارة أوالحركة، أو شخص سارد يعبِّر عن سيولة الأزمنة.

فيلم ساعة ونصف
وضع السيناريو الذي كتبه “أحمد عبد الله” كل أطياف الشعب المصري في قطار واحد متهالك اعتاد البسطاء استقلاله رغم احتمالات الخطر التي تزيد عن احتمالات النجاة والوصول دوما، يطلق عليه “قطار الغلابة” يلتقي فيه المثقف بالجاهل يسرد له مسار حياته، ويتبادلان الكلام والحكايات، فمثلا نجد الشاب خريج الجامعة “إياد نصار” الذي لم يعمل بشهادته الجامعية وأصبح يبيع الكتب الصغيرة العاطفية مثل “رسائل حب”، يلتقي بكريمة مختار التي لا تجيد القراءة ولا الكتابة.

في فيلم “ساعة ونصف” أصبح القطار بمثابة الإطار المعبر عن العارض والمؤقت والصدفة “الحزينة – الطيبة”، فالغريب يجد ملاذًا في غريب آخر، يأنس إليه ويبوح له بأسراره على غير توقع.

ففي مشهد مؤثر للفنانة الراحلة كريمة مختار، ظهر القطار بجسده الحديدي كما لو كان يبدل المصاير كما يبدل بين المسافات والمحطات. حيث عاشت “كريمة مختار” جحود ابنها الذي تركها في القطار وكأنه يتخلص من النفايات، وترك معها ورقة مكتوب عليها من يعثر عليها يسلمها لأقرب بيت للمسنين ولا تصدق الأم أن ابنها يحمل في قلبه كل هذا الجحود تعتقد أنه يقصد أن تذهب إلى بيت المسنين للحصول على دواء السكر الذي تعاني منه لأنها لا تملك ثمن شرائه، وهنا يعثر عليها الشاب إياد نصار.

فيلم بطل من ورق
مع كل حادث اختطاف أو حادثة لقطار أو طائرة أو سيارة، سرعان ما يتوارد إلى الذهن فيلم “بطل من ورق” والذي تحدث في المشاهد الأخيرة عن اختطاف قطار، في إطار كوميدي يعكس طبيعة المصريين، جسدها السيناريست رامي قشوع (ممدوح عبد العليم)، داخل عربة القطار يقل ركاب في طريقهم للأسكندرية.

فخلال الأحداث وداخل عربة القطار، يحاول كاتب آلة الكاتبة سمير (أحمد بدير) المضطرب نفسياً الاستيلاء على المبلغ الذي أحضره له رامي قشوع بشخصيته ذات الطابع الفلاحي والمنديل الأحمر.

وخلال الأحداث الدراماتيكية تجد خيطا كوميديا، يشبه إلى حد كبير الخيط الكوميدي الذي كان وراء اختطاف طائرة من استاد برج العرب إلى قبرص بسبب رجل يريد أن يصل لحبيبته، يسير هذا الخيط جانب إلى جانب هذه الأحداث وينتهي مع النهاية، بل وتصاحبه مصطلحات تصبح “إفيهات” لازمة على لسان المصريين، مثل مصطلح “مبيعرفش يوجفها ” التي ظل يرددها ممدوح عبدالعليم خلال المشهد.

“القطار.. والحوادث”

كثيرا ما ترتبط القطارات أيضا في أذهان المصريين أيضا بالحوادث، وهو ما جسدته السينما المصرية مثل الحادث الذي تعرضت له “فكرية” في فيلم “سيدة القطار”، أو الفتاة البسيطة “نوال” في فيلم “نهر الحب”، وكذلك ” أحمد علوي ” في فيلم “الماضي المجهول”.

“القطار .. والأغاني”

لم تكن السينما المصرية وحدها هى التي اهتمت بالقطارات، فهناك أغاني مصرية كثيرة للقطار مثل أغنية الفنان القدير “عبدالمنعم مدبولي”  “توت توت قطر صغنطوط”، والتي تعتبر من أشهر أغاني الأطفال مع الفنانة القديرة هدى سلطان.

وهناك أغنية “يامقبل يوم وليلة” للفنان فريد الأطرش، وجسد القطار فيها وسيلة سريعة لطي المسافات واختصار للزمن كي يصل الحبيب للمحبوبة.

أخيرا ارتبط القطار كثيرا بطبيعة الشخصية المصرية، فهو إما وسيلة قوية لقصر المسافات أو لإنهاء نفوس معذبة تجد راحتها الأبدية والسريعة تحت عجلاته.


https://www.youtube.com/watch?v=WoeeBcRP3EQ





ربما يعجبك أيضا