الاقتصاد التونسي.. باحث عن النجاة وسط محركات معطلة

حسام عيد – محلل اقتصادي

تحيط الكثير من إشارات الاستفهام بمستقبل الاقتصاد التونسي، ولاسيما أن هذا الاقتصاد لم يزل يعاني من العديد من المشاكل حتى الوقت الراهن رغم تحسن معدلات النمو.

تحسن معدل النمو

بالنظر إلى معدل نمو الاقتصاد التونسي، تشير التوقعات إلى تحسن طفيف خلال العام الجاري ليسجل 2.3%.

في الأعوام الماضية كانت المعدلات ضعيفة نتيجة مجموعة من العوامل منها، عدم الاستقرار السياسي وبعض الأحداث الأمنية.

اليوم، بدأ معدل نمو الاقتصاد يشهد تحسنًا في وتيرته بدعم من إيرادات قطاعي السياحة والفوسفات.

ربما هذه الوتيرة قد تستمر إلى 3% في 2018 إلا أن العديد من المشاكل الهيكلية لم تزل تواجه اقتصاد تونس.

تحديات مستمرة

العجز المالي؛ سجل 5.4% خلال العام الجاري، وهو مستوى مرتفع ويمثل تحديًا رئيسيًا أمام الاقتصاد.

البطالة؛ بلغت 16%، وسجلت ما يقارب 40% بين فئة الشباب.

العجز التجاري؛ واصل الارتفاع نتيجة لتسارع نمو وتيرة الواردات وتراجع الصادرات، وفي الربع الأول من العام الجاري سجل ارتفاعًا بنسبة 57%.

الدينار التونسي؛ سجل في السنوات الأخيرة تراجعات كبيرة في قيمته الحقيقية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم لتصل إلى 4.8%.

الأجور؛ تعاني الموازنة العامة في تونس من خلل هيكلي، نوضحه كما يلي:

نمت إيرادات الموازنة العامة بوتيرة وصلت إلى 20% لتسجل 24 مليار دينار في 2017 بالمقارنة بـ 20 مليار دينار في 2013.

لكن نمو الإيرادات لم يكن كافيًا لتغطية حجم المصروفات التي سجلت ارتفاعًا بنسبة 23%، لتبلغ 29 مليار دينار خلال العام الجاري بالمقارنة بـ 23 مليار دينار في 2013.

فيما نمت الأجور بوتيرة متسارعة تقارب الـ 42% لتبلغ حصتها 14% من الناتج المحلي الإجمالي “ما يعادل 14 مليار دينار”، وهو معدل مرتفع للغاية بالمقارنة بـ 10 مليارات دينار في 2013.

كما تشكل الأجور 48% من مخصصات المصروفات بالموازنة.

ودعا صندوق النقد الدولي الحكومة التونسية إلى العمل على تخفيض مخصصات الأجور في الموازنة العامة إلى 12%.

معضلة الديون

تعد الديون إشكالية رئيسية في الاقتصاد التونسي، حيث سجلت في 2010 ما يقارب 49% إلى الناتج المحلي الإجمالي، وتشير التوقعات لعام 2017 أن ترتفع إلى 77%.

وفي حال تراجع قيمة الدينار بنسبة 30% سيرتفع حجم الديون إلى ما يقارب 113% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2018.

ووصلت خدمة الدين العام في الموازنة التونسية لعام 2017 إلى 5.8 مليارات دينار وهي تمثل ما نسبته 25% من الإيرادات الحكومية.

التكلفة الاقتصادية لحالة عدم الاستقرار

تأثر الاقتصاد التونسي خلال السنوات الأخيرة بحالة عدم الاستقرار السياسي والأمني التي ضربت البلاد.

الأحداث الأمنية المؤسفة تلقي سريعًا بتداعياتها السلبية على الاقتصاد في وقت قياسي أقصاه 3 أيام، حيث تسجل قيمة الدينار التونسي تراجعًا بنسبة 3% مقابل الدولار، ويهبط مؤشر سوق الأسهم بنسبة 8%، وترتفع علاوة السندات الدولية بما يقارب 150 نقطة أساس، وبالتالي تجد تونس نفسها مضطرة إلى دفع المزيد كفوائد على ديونها الدولية.

فيما أشارت 35% من الشركات التونسية إلى أن العقبة الرئيسية أمام أعمالها هو عدم الاستقرار السياسي بالدرجة الأولي، ثم تأتي عقبات أخرى كالاقتصاد غير الرسمي وكفاءة القوى العاملة.

نظرة صندوق النقد الدولي

في الوقت الراهن، أشار صندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصاد التونسي يتحسن ولكن بوتيرة بطيئة، في ظل وجود العديد من التحديات التي تؤثر على خلق فرص العمل وعلى الفرص الاقتصادية وعلى الصادرات وهو ما ينعكس بشكل مباشر على الشعب.

كما أوضح صندوق النقد أن تشديد السياسات النقدية من قبل السلطات المصرفية بالإضافة إلى تطبيق نظام سعر صرف مرن من شأنها أن تحد من الاختلالات الهيكلية التي يواجهها الاقتصاد التونسي في المرحلة الراهنة.

 

ربما يعجبك أيضا