بنهاية الصراع.. دقت ساعة السلام في كولومبيا

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

بوغوتا – آخر فصول النزاع بين الحكومة الكولومبية ومتمردي فارك انتهت وذلك بعد إنجاز عملية نزع آخر كمية من الأسلحة التابعة للمتمردين من مناطق تجميعها في حضور الرئيس خوان مانويل سانتوس.

 سانتوس صرح أمام عدسات المصورين قائلاً “الآن ومع تسليم السلاح ينتهي الفصل الأخير من النزاع ونبدأ مرحلة جديدة في حياة أمتنا”.

عقود من النزاع

52 عاماً مرت على أطول صراع مسلح في تاريخ أمريكا اللاتينية، فمنذ تأسيس القوات المسلحة الثورية الكولومبية المعروفة بـ”فارك” التي أبصرت النور في عام 1964 وتعتبر أكبر حركة تمرد في القارة الأمريكية خاصت خلاله صراعاً مريراً ضد الحكومة متبعة أسلوب حرب العصابات، فيما كانت تعتبره الحركة كفاحاً من أجل الدفاع عن الفقراء ومحاربة النفوذ الأمريكي والتصدي لخصخصة الموارد البشرية والتمهيد لثورة يسارية مسلحة شاملة في البلاد.

التنظيم كان قد أعلن عن نفسه حركة سياسية عسكرية ماركسية وذراعاً عسكرية للحزب الشيوعي الكولومبي بقيادة مانويل مورلاندو و 6 أخرين من بينهم راؤول ريس الذي تم اغتياله على يد عناصر من الجيش في عام 2008.

خلال سنوات الحرب تمكن التنظيم من السيطرة على نحو 20% من مساحة كولومبيا وانتشر أفراده في الغابات والأدغال والمناطق الجبلية بمحازاة سفوح جبال الإنديز وتراوح عدد أفراد الحركة بين 6 آلاف إلى 8 آلاف مسلح.

اتفاق سلام تاريخي

في نهاية عام 2012 دخلت “فارك” في مفاوضات مباشرة مع الحكومة برعاية كوبية – نرويجية انتهت على اتفاق لتوقيع معاهدة سلام تقضي بحل حركة فارك مقابل تطبيق إجراءات العدالة الانتقالية.

كان قد سبق الاتفاق التاريخي مجموعة من التفاهمات ففي شهر تموز/يوليو عام 2015 أعلنت فارك وقف عملياتها المسلحة من جانب واحد، وردت الحكومة بوقف قصف مناطق الحركة جواً.

5 عقود من النزاع أدت إلى مقتل نحو ربع مليون شخص واختفاء نحو 45 ألف آخرين وتشريد نحو 7 ملايين مدني.

وقبل أن يتاح الإعلان عن نهاية الصراع بين الحركة والحكومة، وفي نتيجة غير متوقعة، صوت نحو 62% من الكولومبيين ضد اتفاق السلام مع متمردي جبهة فارك في استفتاء كان من المتوقع أن يفضي إلى تأييد الاتفاق في تشرين الماضي.

في ضوء نتائج الاستفتاء تم إعادة النظر في بنود الاتفاق قبل أن يتم التوقيع عليه من قبل الرئيس خوان مانويل سانتوس والقائد الأعلى للقوات المسلحة الثورية في كولومبيا “فارك” رودريغو لوندونو، لكى تطوى صفحة حرب استمرت أكثر من نصف قرن تعد الصراع الأطول في القارة الأمريكية الجنوبية.

إنشاء حزب سياسي

يسعى الزعيم السابق لفارك “كارلوس أنطونيو لوزادا” إلى إنشاء حزب سياسي جديد من المقرر أن يبصر النور رسميا في الأول من أيلول/ سبتمبر المقبل، بناء على مخرجات اتفاق السلام الذي يقضي بأن تتحول الحركة إلى حزب سياسي.

وقال لوزادا، إن “ما سنقوم به في أول أيلول هو إطلاق الحزب”، فيما أشار كبير مفاوضي الحركة “إيفان ماركيز” إلى أنّه “صنعنا السلام بغية المشاركة في الحياة السياسية”.

مع انتهاء عملية نزع السلاح تدخل عملية السلام مرحلة جديدة سيتم خلالها إعادة دمج المقاتلين السابقين وأسرهم في المجتمع المدني. سلام أفضى إلى منح الرئيس خوان سانتوس جائزة نوبل للسلام لدوره الفعال في الوصول الى اتفاق تاريخي جنّب البلاد مزيداً من الدمار والخراب. 

ربما يعجبك أيضا