بعد صدمة الوساطة.. الدوحة تشاكس الرياض بحرمان القطريين من الحج

رؤية

 أعلنت السعودية، الأحد، أنها لم تتمكن حتى الآن من تسيير طائرات لنقل الحجاج القطريين من الدوحة إلى مكة المكرمة، بسبب تجاهل قطر لطلبات الخطوط السعودية بالحصول على تصاريح هبوط الطائرات في الدوحة.

وأفادت وكالة الأنباء السعودية الرسمية -نقلا عن مدير عام الخطوط الجوية العربية السعودية صالح الجاسر- أنه “تعذر على الخطوط السعودية حتى الآن جدولة رحلاتها لنقل الحجاج القطريين من مطار حمد الدولي بالدوحة، وذلك لعدم منح السلطات القطرية التصريح للطائرات بالهبوط”، لافتا إلى أن طلبا بذلك قدم قبل أيام عدة.

وكان الملك سلمان قد وافق على ما رفعه إليه ”ولي العهد“ بخصوص دخول الحجاج القطريين إلى المملكة عبر منفذ سلوى الحدودي لأداء مناسك الحج.
كما أمر “بالموافقة على إرسال طائرات خاصة تابعة للخطوط السعودية إلى مطار الدوحة لنقل كافة الحجاج القطريين على نفقته الخاصة لمدينة جدة، واستضافتهم بالكامل على نفقة خادم الحرمين الشريفين”.
 
وكانت الرياض أكدت أنها ستسمح للقطريين الراغبين في أداء مناسك الحج لهذا العام بدخول أراضيها، مرفقة ذلك ببعض القيود، أبرزها عدم السماح بقدومهم مباشرة من الدوحة في رحلات لشركة الخطوط الجوية القطرية التي يحظر عليها دخول المجال الجوي السعودي.
 
وقالت مراجع خليجية: إن قطر ستقف حائرة أمام مبادرة الملك سلمان التي تشير إلى أن السعودية تميز بين علاقتها مع الشعب القطري وعلاقتها مع الفرع “المشاغب” من الأسرة الحاكمة، وأنها أيضا منفتحة على فرع أساسي في الأسرة الحاكمة لديه كامل الشرعية في تمثيل قطر.
 
وأضافت المراجع، إن الخطوة السعودية أثبتت أن الرياض تمنع الخلاف السياسي من التأثير سلبا في حياة القطريين الذين لا يمكن أن يتحملوا تبعات أجندات الأسرة الحاكمة، مشيرة إلى أن القيادة السعودية أثبتت بهذه الخطوة أنها تعزل شعائر الحج عن الحسابات السياسية عكس اتهامات قطر ومن ورائها إيران.
 
وسقطت الدوحة في الاختبار بسرعة وبشكل مكشوفعندما تعاملت بموقف مسبق مع المبادرة السعودية الهادفة إلى تسهيل وصول الحجاج القطريين، ووصفتها بأنها توظيف سياسي ليصبح منع تسييس الحج الذي تنادي به الدوحة تسييسا، وهوما يكشف إحساس قطر بأن المبادرة سحبت منها البساط وأفقدتها ورقة من أوراق المزايدة بيدها.
 
وقال وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثاني -في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته السويدية مارغوت وولستروم في ستوكهولم- “بغض النظر عن الطريقة التي منع فيها الحج عن أهل قطر والمقيمين فيها، والذي كان بدوافع سياسية، فإن دولة قطر ترحب بمثل هذا القرار”.
 
ورحبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر بقرار الرياض، داعية المملكة إلى توضيح آلية تنفيذه.
 
لكن متابعين لشؤون الخليج شددوا على أن الخطوة لا تخرج عن البعد الإنساني، أي تسهيل أداء مناسك الحج على القطريين، وتأكيد أن مشكلة الرياض مع مواقف القيادة وليست مع المواطنين، لافتين إلى أن قطر ستكون مخطئة لو قرأت الأمر على أنه انفراج للأزمة أو أنه بداية تشقق في جدار المقاطعة.


ويدل الصمت القطري إلى الآن على عدم استعادة قطر توازنها بعد من صدمة وساطة الحج، التي قبلتها السعودية، حسب ما نقلت صحيفة العرب.

ورد الشيخ عبد الله بن علي آل ثاني -شقيق أمير قطر الأسبق الشيخ أحمد بن علي آل ثاني- على ادعاءات وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، التي قال فيها إن الشيخ عبد الله ذهب إلى الرياض لسبب شخصي، رغم بروز نتائج الزيارة سريعا، عبر القرار السعودي بالسماح للحجاج القطريين بدخول الأراضي السعودية.

ونفى الشيخ عبد الله بن علي عرضه أي أمر شخصي خلال زيارته للسعودية ولقائه بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ثم استقبال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز له في مقر إقامته بمدينة طنجة المغربية.

وقال الشيخ عبد الله بن علي -في تغريدة له عبر حسابه الرسمي على تويتر- “مع احترامي للشيخ محمد بن عبدالرحمن، فلقد جانبه الصواب فأنا لم أعرض أي أمر شخصي على الملك وولي العهد.. هدفي كان تيسير أمور الحجاج القطريين، ثم تسهيل زيارات أفراد الشعب القطري لأقاربهم وأهاليهم في السعودية، وتيسير الأمور لأصحاب الحلال والأملاك القطريين لمتابعة شؤونهم”.

وأضاف، إن “نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير محمد بن سلمان تفاعل مع وساطتي لأهل قطر، وأكرمني الملك ليس بقبول شفاعتي فقط بل أمر فورا بإنشاء غرفة عمليات خاصة تعمل على مدار الساعة لخدمة الشعب القطري ووضعها تحت إشرافي”.

ويجري وزير الخارجية القطري حاليا جولة أوروبية في محاولة لكسب تأييد قوى غربية رئيسية، بعد أن بدأت قطر تشعر بأن حالة من الملل من مراوغاتها وتلكئها في إبداء أي مرونة تجاه مطالب دول المقاطعة، تسيطر على الغرب.

وبدأت شخصيات سياسية وعسكرية تعبر عن هذا الملل خصوصا في الولايات المتحدة.

وقال جيمس ليونز -كبير الممثلين العسكريين الأميركيين في الأمم المتحدة سابقا- إن وقتا سيأتي يكون على قطر “أن تختار بين الولايات المتحدة، واستمرارها في دعم الجماعات الجهادية”.

ويشبه هذا التحذير -الذي نشره ليونز في مقال في صحيفة “واشنطن تايمز” الأميركية- مسارات مشابهة لسلوك الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، الذي أوصلته سياسات بلاده الخارجية المارقة في أواخر تسعينات القرن الماضي إلى لحظة اختيار بين الغرب والاستمرار في نفس السياسات الداعمة لجماعات كانت مصنفة إرهابية وقتها.

وقبل أن تحيط الريبة بعلاقات الغرب والقذافي، سادت حالة تململ، على نطاق واسع في الولايات المتحدة، من تصرفاته. وتشبه المراوغات القطرية اليوم سلوك القذافي، الذي أوصله إلى انتهاء كل الخيارات السياسية التي كانت متاحة أمامه.

ومازال القطريون يحاولون الالتفاف على مطالب دول المقاطعة، رغم أن قبول السعودية بوساطة الشيخ عبد الله بن علي آل ثاني أحدثت مفاجأة كبرى، أدت إلى ارتباك الدائرة المحيطة بأمير قطر الشيخ تميم من حمد، ووالده الشيخ حمد بن خليفة.

وإلى الآن لم تقدم قطر أي ردود، عبر قبول أو رفض، السماح للطائرات السعودية بدخول المجال الجوي القطري، والهبوط في مطار حمد الدولي من أجل باقي الحجاج القطريين، الذين وعد العاهل السعودي باستقبالهم خلال أدائهم لمناسك الحج على نفقته الخاصة.

ربما يعجبك أيضا