عندما كانت لوليتا في طهران.. نظرة على قرن من الموضة في إيران

أماني ربيع

أماني ربيع

رداء أسود يغطيها بالكامل، وربما خصلة شعر نافرة تخرج على استحياء من تحت حجابها، هكذا تطالعنا صورة المرأة الإيرانية في الصحف والمواقع المختلفة، لكننا سنصاب بدهشة حقيقية إذا نظرنا إلى ألبوم صور المرأة الإيرانية في مجلات الموضة القديمة التي كانت تصدر من قلب طهران.

قبل الثورة، كانت المرأة الإيرانية تشبه مثيلاتها من نساء العالم في إطلالاتها المواكبة لتطورات الموضة وقتها، وتمتعت النساء الإيرانيات في ذلك الوقت بدرجة ملحوظة من الحرية في اختيار ملابسهم وماكياجهم.

حجاب طبقي

في وقت مبكر من القرن العشرين ارتدت النساء الملابس المحتشمة مع الحجاب الأبيض دون أي تبرج أو لمسات ماكياج، وكانت الحواجب الملتصقة من علامات الجمال، لم يكن هناك حديث عن حقوق المرأة، وكانت المرأة خاضعة للرجل ولا تملك إلا القليل من الحقوق، وقتها فضلت معظم النساء الحجاب باعتبار أنه يميزهن عن النساء الفقيرات والريفيات والغجر، وكان ظهور المراة دون حجاب يعتبر إهانة.

بحلول عام 1910، تأسست حركة حقوق المرأة وبدأت النساء تفكر في حريتهن في تقرير مصيرهن وهو ما انعكس على الملابس في ذلك العصر.

مع بداية العشرينيات كانت النسا لا تزال ترتدي الحجاب ولكنه أصبح ملونا وتزحزح قليلا إلى الوراء لتظهر خصلات الشعر، كما أصبح الحاجبين أكثر تقوسا واستدارة.

الشاه وقرارات نسوية

في الثلاثينيات ومع قدوم الشاه رضا بهلوي إلى الحكم قرر أنه سيقوم بتحديث إيران، واصدر مرسوما بحظر الحجاب، واعتقد أن الحجاب كان يعوق النساء عن الحرية وأن نزعه خطوة للأمام، وهو قرار رغم أنه اتخذ من اجل المرأة إلا أنه أثار غضب العديد من النساء الإيرانيات.

مع قدوم الأربعينيات تنازل الشاه رضا عن قراراته بشأن حظر الحجاب، ولم يعد معمولا بها، لكن يبدو أنه مع الوقت اعتاد الناس فكرة رؤية المراة دون الحجاب كما تعودتها النساء أنفسهن، وبالتالي أصبح ينظر للحجاب كمرداف للرجعية والتخلف واصبح مقصورا على الطبقات الدنيا، وأصبح عائقا أمام المرأة اجتماعيا ومهنيا بالنسبة لفرص التوظيف.

وأصبحت المرأة الإيرانية العصرية لا تختلف كثيرا عن نظيرتها في الغرب، شعر ناعم متموج قليلا وماكياج صريح، لكن في مقابل كانت هناك نساء ارتدين الحجاب رغم وصفهن بالتخلف لكنهن شعرن بالفخر.

تناقض

خلال الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، ظهر التناقض واضحا في أزياء المراة الإيرانية، فبين النساء المتمسكات بالحجاب من بنات الطبقة المتوسطة، وجدنا ففي الطبقات العليا والمثقفة التي يطغى عليها الطابع الغربي بسبب السفر والتعليم النساء يرتدين أحدث صياحت البيوت العالمية التي تعرضها مجلات الموضة الإيرانية الصادرة في طهران، بما ما فيها من طرقة تصفيف الشعر وماكياج الثقيل وكحل العينان البارز، حدث هذا بالتزامن مع حصول النساء على المزيد من الحريات والحقوق في إيران ودخول أول امرأة إلى مجلس الوزراء فاروخرو بارسا التي تم تعيينها وزيرة للتعليم.

خلال السبعينيات حصلت المرأة على المزيد من الحقوق التي تساويها بالرجال في مسائل الزواج والطلاق، وبدأت الحرية تظهر أكثر في الأزياء والشعر بما يعكس حال المرأة الحديثة في العالم كله.

عودة إلى الخلف

ومع بداية الثمانينيات كانت الثورة الإسلامية فرضت نفسها على الواقع السياسي والاجتماعي في إيران، وأعيدت القوانين الصارمة التي تحد من طريقة لباس المراة فورض الحجاب الأسود العادي، وأعدمت فاروخرو بارسا بسبب أراءها المعارضة لمرشد الثورة آية الله الخميني.

بعد عشر سنوات، تم تخفيف قوانين الملابس قليلا ورغم وجود الحجاب إلا أنه اصبح ملونا وظهر خط الشعر مجددا من تحته، وظلت حقوق النساء معلقة مع أمل النساء في أن تتحسن الأمور قليلا.

وفي نهاية العقد الأول من الألفية الجديد، خرجت الثورة الخضراء في إيران بعد انتخاب محمود أحمدي نجاد، وتم إخماد التمرد والقبض على الآلاف، كانت النساء جزءا كبيرا من القوة الدافعة وراء الثورة، حيث كانت تامل في تفكك النظام الاجتماعي القائم على الأبوية والذي يعود إلى قرون، وإتاحة المزيد من الحرية للمرأة.

بحلول عام 2010، أحرزت النساء بعض التقدم، وبدأن في ارتداء حجابا بسيطا بديلا عن الحجاب التقليدي، لا يزال هناك تمييز بالطبع فيما يتعلق بأمور الزواج والطلاف وحضانة الأطفال، ولا تزال عمليات القتل باسم الشرف وزواج القاصرات تحدث.

عندما ننظر إلى صور الموضة الإيرانية حتى نهاية عقد السبعينيات، مقارنة بما كانت ترتديه في بداية القرن العشرين ثم عادت ترتديه بعد ذلك سنرى فارقا يشبه الليل والنهار.

ربما يعجبك أيضا