أغربها “كومبه ميلا”.. تعرف على طقوس الحج في أنحاء العالم

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

حالة من الاتصال الروحي يشعر بها المرء بمجرد تواجده في الأماكن المقدسة، فالجميع يتلهف للوقوف في بقعة أرضية لها قدسية منحها الله إياها، فالرغبة في الحج راسخة في الطبيعة البشرية في محاولة لتطهير النفس من الأغراض الدنيوية ومحاولة للوصول إلى النقاء، لذلك اختلفت طريقة الحج من ديانة إلى أخرى نذكر منها.

مكة

تكون مناسك الحج لدى معتنقي ديانة السيخ بزيارة “المعبد الذهبي” ويقع في مدينة “إمريتسار” الهندية، وهو مهرجان رقص وأهازيج يسافر إليه آلاف السيخ كل عام، وداخل المعبد يجد الزائرون النص المقدس عند السيخ والمسمى بـ”جورو جرانث صاهيب”.

وحول المعبد، يوجد تجمع مائى اسمه “ارميت ساروفار”، أو حوض الرحيق، ويوجد داخل المعبد هناك صالة طعام مذهلة، حيث يقوم المتطوعون بتقديم الطعام لنحو 500 شخص محتاج.

زيارة الأربعين

الحج” هو الركن الخامس من أركان الإسلام، فرض على كل مسلم عاقل بالغ قادر استنادًا للنص القرآني: “وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ”، وهو شعيرة فرضها الله على أمم سابقة مثل الحنيفية أتباع ملة النبي إبراهيم، استنادا للنص القرآني “وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ”، وفيه يحج المسلمون إلى الكعبة المشرفة بمدينة “مكة” في موسم مخصص من كل عام، وله شعائر معينة تسمى مناسك الحج.

تبدأ المناسك في الثامن من شهر ذي الحجة بأن يقوم الحاج بالإحرام، ثم التوجه إلى مكة ليقوم بطواف القدوم، ثم التوجه إلى منى لقضاء يوم التروية ثم التوجه إلى عرفة لقضاء يوم عرفة، بعد ذلك يرمي الحاج الجمرات فى جمرة العقبة الكبرى، ويعود الحاج إلى مكة ليقوم بطواف الإفاضة، ثم يعود إلى منى لقضاء أيام التشريق، ويعود الحاج مرة أخرى إلى مكة ليقوم بطواف الوداع ومغادرة الأماكن المقدسة.

حائط البراق

لدى اليهود 3 أعياد تعرف بأعياد الحج، ويجب على كل يهودي أن يحج ثلاث مرات في العام، في عيد الفصح وعيد الأسابيع وعيد المظال، ولذا؛ تسمى هذه الأعياد بأعياد الحج، وفرضت التوراة على كل يهودي أن يحجّ إلى المعبد المقدّس ثلاث مرات في السنة، وبحسب الموسوعة اليهودية فإن أداء الحج فرض على الذكور دون الإناث والقاصرين والمسنين، والمريض بالعقل والجسم، وكل شخص عليه أن يقدم شيئا لم يُحدد قيمته “صدقة”.

وتكون رحلة الحج لدى المعتقد اليهودي، إلى حائط  البراق “المبكى” أو  الحائط الغربي وبحسب اعتقادهم المتبقي من هيكل سليمان.

وتدور معظم طقوس هذا العيد – كما يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري في موسوعة “اليهود واليهودية والصهيونية” – حول أمرين: “مائدة الفصح، وحكاية الفصح، فتوضع على مائدة الفصح حزمة من النباتات المرة كالخس أو الكرفس، ثم كأس من الماء المالح أو المخلوط بالخل، كرمز للحياة القاسية التي عانها اليهود في مصر ورمز دموع جماعة إسرائيل أو المأكولات الكريمة على النفس أكلها أسلافهم أثناء الفرار في الصحراء، وبجانب ذلك يوضع شيئًا من الفاكهة المهروسة أو المدقوقة في الهون والمنقوعة في النبيذ، كما يوضع ذراع خروف مشوي وبيضة مسلوقة”.

بيت لحم

المسيحيون يشعرون منذ وقت مبكر بالرغبة القوية في أن يروا بأنفسهم تلك المواقع التي تنقّل فيها المسيح، وربما يأتي ذلك استنادا لقول القديس جيروم “إن من الدين التعبد في الموضع الذي وطأته قدما المسيح”.

ويتزامن موسم حج مسيحّيي الشرق مع موعد عيد القيامة، حيث يتوجهون فيه إلى كنيسة القيامة، ليشاهدوا معجزة قبر المسيح الذي يضيء في نفس موعد قيامة المسيح، ويكون من ضمن المناسك المقدسة لديهم التي تبدأ بزفة “الآلام”  بالإضافة إلى زيارة عدة أماكن ذات قدسية لديهم منها كنيسة “يوحنا المعمدان” وكنيسة “المهد” ببيت لحم، وصعود جبل “التجربة”، كما يقومون بصعود جبل “صهيون” وزيارة قبر الملك “داوود” يتشابه ذلك مع الطقس اليهودي وأخيرا كنيسة القيامة بالقدس والتي يوجد بها قبر المسيح بحسب معتقداهم.

فيما يتوجه المسيحيون من الروم الكاثوليك إلى “لورديس” في فرنسا، وتعتبر محطة أساسية للحج لديهم، وتشتهر “لورديس” حسب مزاعم الروم الكاثوليك بظهور مريم العذراء للقديسة برناديت في عام 1858، وبعضهم يسافر إلى مدينة الفاتيكان لزيارة كاتدرائية القديس بطرس في روما التي تستضيف الملايين من الزوار كل عام.

الهندوسية

“كومبه ميلا” هو مهرجان ديني هندوسي ويعتبر أكبر تجمع بشري في الأرض، حيث ويشارك به ما يزيد عن 70 مليون شخص تقريبًا، ويحدث 4 مرات خلال 12 عاما، يتوجه خلاله الحجاج الهندوس إلى مواقع مختلفة على طول نهر “الجانج” من أجل المشاركة في طقوس الاستحمام الخاصة، التي تحدث كل 3 سنوات، يستمر خلالها لمدة 55 يومًا وتبدأ الطقوس من السابعة صباحا للسابعة مساءً.

ومن ضمن الطقوس الصلاة وتقديم البخور والتمسح بالرماد والاغتسال في النهر، كنوع من نظافة الجسد والروح من الخطايا والذنوب.

وتعود الممارسة، استنادا للروايات الهندوسية إلى أنه قبل آلاف السنين في العصر “الفيدي” توصلت الآلهة والشياطين لاتفاق مؤقت يقضي بالتعاون على “خض” رحيق الخلود في محيط اللبن الأولى وعلى تقسيمه بالتساوي بينهم، لكن عندما ظهرت القارورة التي تحوي الرحيق هربت الشياطين بها ولحقت بها الآلهة، وتحاربت الآلهة والشياطين 12 يوما وليلة في السماء على القارورة، وخلال المعركة سقطت نقاط من الرحيق على أربعة أماكن هي أماكن الحج.

البهائية

يحج إلى أماكن الديانة البهائية المقدسة ما يقرب من 5 ملايين حول العالم من أتباع هذه الديانة، ففي الأصل كان الحج في البهائية يتم في موضعين هما “بيت الباب” في إيران و”بيت البهاء” في العراق، لكن البيتين تم هدمها كنوع من محاربة انتشار الديانة البهائية.

وبعد هدم البيتين حددت الجمعية العالمية البهائية أماكن الحج في ضريح “بهاء الله”، مؤسس الديانة البهائية، و”قصر البهجة” في عكا بفلسطين، وهو المكان الذي سكن فيه “بهاء الله” في سنواته الأخيرة، والمركز العالمي للدين البهائي في فلسطين أيضًا.

يوجد أبرز مكانين للبهائيين في شمال فلسطين المحتلة، وهما عبارة عن ضريحين لأبرز رجلى دين في الديانة البهائية، والضريحان محاطان بحدائق خلابة المنظر، وباستثناء الطواف ليس للبهائيين شكلًا معينا فى الحج، أو حتى موعد محدد.

البوذية

الحج عند الشعوب البوذية من أعظم الطقوس الدينية، حيث يلتمس البوذي فيه رجاء الشفاء من الأمراض والمتعة الروحية، وهناك أربعة مراكز كبرى للحج: نيبال مسقط رأس بوذا، وغابة “بوذاكيا” مكان استنارته عند شجرة “البو”المقدسة، ومدينة “بنارس” كانت موعظته التبشيرية الأولى، وقرية “كوسي نارا” ، حيث تمت له “النيرفانا”، وقد احتلت غابة “بوذاكيا” القداسة العظمى والمكانة الأسمى، وهي اليوم المركز الرئيس للحج، الذي يؤمه البوذيون من شتى أنحاء العالم.

ضريح آيسي

يعدّ ضريح “آيسي” واحدا من أقدس مواقع الديانة “الشنتوية” في اليابان، و”آيسي” هي موطن يتجمع فيه أكثر من مائة ضريح مثل الضريح الداخلي “Naiku” وهو مخصص لآلهة الشمس “إماتيراسو”، والضريح الخارجي “Geku” وهو مكرس لآلهة الحصاد، وتستضيف الأضرحة في آيسي أكثر من 7 مليون شخص سنويا، ويحتوي هذا الضريح على ضريحان أساسيان، و125 أضرحة إضافية أخرى.

واليابانيون ملتزمون بالحج إليه مرة واحدة في الحياة، يؤمونه صيفاً مشياً على الأقدام، ويلبسون ثياباً بيضاء خاصة،والشخص الوحيد المسموح له دخول هذا المكان هو الكاهن أو أي فرد من العائلة الإمبراطورية اليابانية.

السيخ

لأصحاب المذهب الشيعي،  يزور حوالي م 22 مليون  ضريح الحسين في مدينة كربلاء العراقية سنوياً.

 ينحدر معظم الحجاج من إيران والعراق وحتى من أنحاء العالم، ومن مذاهب أخرى، ويقطع البعض مسافات هائلة مشياً على الأقدام في تأدية الحج المقدس، منهم من يمشي من بغداد مسافة 80 كيلومتراً، ومنهم من يمشي من البصرة الجنوبية مسافة 700 كيلومتر، ومنهم من يأتي سيراً على الأقدام من إيران، في رحلة تستغرق شهراً كاملاً.

ربما يعجبك أيضا