الزواج عند اليهود.. عادات وتفاصيل

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

مع أن موسى، عليه السلام، كان مرسلا من الله تعالى إلى بني إسرائيل بشريعة بعيدة عن التعصب الديني، فقد حوّلها اليهود من بعده إلى ديانة متعصبة وجعلوا ما جاء فيها من أحكام تشريعية إنما يقصد به بني إسرائيل ومصلحة اليهود من حيث إنهم شعب الله المختار، وهناك أمثلة كثيرة منها موقفهم من الزواج.

فالزواج عند اليهود فرض على كل قادر، ومن عاش أعزب كان سببا في غضب الله على بني إسرائيل، ويقرر رجال الدين عندهم أن جريمة من يحجم عن الزواج مع القدرة عليه تعدل جريمة قتل النفس، لأن كليهما يطفئ نور الله أو ينقص من ظله على أرضه ويبعد رحمته عن بني إسرائيل.

ويتوقف عندهم تخليد اسم الأسرة وتوثيق صلتها بالرب على إنجاب البنين؛ حتى إن الزوجة الشرعية نفسها إذا لم ترزق بولد ذكر تبيح لزوجها أن يتخذ من جاريتها أو جارية زوجها فراشا، عسى أن يأتي منها بابن يخلد ذكرى الأسرة، فإذا جاءت جاريتها بابن كان ابنا للزوجة وليس للجارية التي ولدته.

مراحل الزواج عند اليهود

الخطبة

تعد الخطبة هي الوعد المستقبلي الذي يقطعه الرجل والمرأة لبعضهما البعض، ولا يحق للأهل في اليهودية إجبار أولادهم على الزواج، كما لا يجوز منع الزواج بسبب اعتراض الأهل.

أهم شروط الزواج

يشترط للزواج في اليهودية تواجد ما يلي: المال حيث يقدم الرجل للمرأة نقودا أو شيئا بقيمته كالخاتم مثلا، وذلك بحضور شاهدين، وموافقة الفتاة.

ويجب أن تتزوج الفتاة عادة في سن مبكر وفقا للتقاليد اليهودية، والعريس في الغالب يكون أكبر من العروس سنا، وهناك عدد من الشروط الأخرى التي تمثلت في: جلوس العروس في “طشت” به أربعون مكيالا من الماء، وفقا لما ورد في التلمود، من أجل التطهير، كما يلتزم الزوج بالإنفاق على زوجته ولا يحق له التمتع بمالها.

مظاهر الاحتفال

يبدأ الاحتفال بالزواج عادة بإعلان الخطبة، ثم يتقدم الرجل الراغب في الزواج بطلب رسمي إلى الحاخام، يحدد الرجل خلاله مؤخر الصداق والذي يكون في الغالب ضعف قيمة المهر، ضمانا لحقوق الزوجة في حال وقوع الطلاق.

وكان من العادات القديمة أن عقد الزواج يتم في حضور عشرة أفراد من بينهم الحاخام، ومندوب المحكمة الشرعية وكاتبها، ومن العادات أيضا خروج العروس في الليلة السابقة للزواج في صحبة النساء من عائلتها متوجهات إلى بيت العريس، وتقف العروس مع عريسها تحت المظلة بملابسها البيضاء، يحيط بهما المدعوون، وكلاهما واقف في مواجهة الآخر، بينما يرتل الجميع الصلوات الداعية إلى إنجاح هذه الزيجة.

ليلة الحنة

الليلة التي تسبق الاحتفال بالزواج الديني يتوجب على العروس الذهاب إلى “الميكفا” وهو حمام ديني، في صحبة أمها وحماتها وجدتها وعماتها، تحمل سلة من الصفصاف وضع به صابون معطر فاخر ومناشف وزجاجة كولونيا أو ماء ورد وليفة جديدة وقبقاب حمام مبرقش مطعم بالصدف و”طشت” صغير من النحاس أو الفضة.

حفل الزفاف

يعقد الحفل الديني في شقة أحد العروسين، كما يعد حفل استقبال تحت خيمة داخل فناء المعبد أو في شرفته، وفي هذه المناسبة تقدم الموسيقى العربية في ألحان عسكرية، غالبا ما يعزف لحن رقصة “البولكا” أو موسيقى المازوركا، وتستدعى أيضا مغنية شرقية وأفراد تختها لإحياء هذه الليلة، ولا ينفض المدعوون إلا في الثانية أو الثالثة صباحا.

تفاصيل الحياة الزوجية عند اليهود

كان احتفال الزواج ضروريا خاصة إذا كانت العروسه عذراء وغالبا ما كان يتم زواج العذراء يوم الأربعاء والأرملة والمطلقة يوم الثلاثاء.

ويجب كتابة وثيقة للزواج ويسجل فيها الالتزامات المالية والأخلاقية للعريس تجاه العروسة وتحمل الوثيقة توقيع شاهدين.

والشريعة لا تحرم إقامة الاحتفال في أي يوم من الأيام ما عدا الأيام المحرم إقامة احتفال فيها مثل أيام السبت وأيام الأعياد.

ومن تقاليد اليهود، أن الرجل إذا تزوج لا يلتحق بالجيش ولا يرتبط بأعمال تشغله عن زوجته لمدة عام كامل، ويحق للمرأة أن تمنع زوجها من الخروج للتجارة لمكان بعيد لمدة عام.

والمرأه المتزوجة كالقاصر للمجنون والصبي لا يحق لها البيع ولا الشراء فجميع مال المرأة ملك لزوجها، وليس لها سوي مؤخر الصداق في عقد الزواج، تطالب به بعد موت الزوج أو عند الطلاق منه ولكن بعد ذلك رأى الحاخامات أن يصبح الزوج قيما على مال زوجته يستغلها دون أن يبيعها أو يرهنها، وإذا طلقت منه أو مات الزوج تعود الثروة للزوجة من جديد.

ولكننا نجد أن القانون اليهودي الحديث أعطى للمرأه حرية التصرف في ممتلكاتها وإدارتها كما تشاء وقد وضع هذا القانون عام 1974م.

والشريعة اليهودية تعطي الحق للزوج في أن يستمتع بزوجته بأي، شكل فالحاخامات يقولون: إن الزوجة مثل قطعة لحم اشتراها من عند الجزار.

يحق له أكلها كيفما يشاء, وفي التلمود أن زوجة جاءت تشتكي إلى الحاخام أن زوجها يأتيها علي خلاف العادة فأجابها: “لايمكنني أن أمنعه يا ابنتي فالشرع قد قدمك قوتا لزوجك”.

شرائع الزواج

وتحرم الشريعه اليهودية الاتصال الجنسي بين الزوجين خلال فترة حيض المرأة وبعدها بسبعة أيام وأيضا في الفتره التي تلي الولادة، وذلك على حسب نوع المولود إذا كان المولود ذكرا تكون المرأة نجسة لمدة 7 أيام، وبعدها تكون في فترة الطهارة لمده 33 يوما، وإذا ولدت أنثى تكون نجسة لمدة أسبوعين وأيام الطهارة تكون 66 يوما.

أما في حالة الإجهاض إذا لم تستطع أن تحدد نوع المولود يتبع الحد الأقصى لهذه الفترة، وكذلك تمنع الاتصالات الجنسية في الأحوال الصحية السيئة وقد ظهرت عدة اتجاهات، تنادي بمنع الاتصال أثناء فترة الحمل، وكذلك يمنع الاتصال الجنسي في يوم التكفير وأيام الحداد.

كما يجب على الزوج أن يعالج زوجته المريضة حتى يكتمل شفاؤها، والزوج الذي يرى أن مرض زوجته سوف يطول، وسيتكلف الكثير من المال فيقول لها إما أن تعطيه نقود وثيقة زواجها أو أن تعالج نفسها أو أن يطلقها ويعطي لها نقود وثيقة زواجها لتتصرف بها كما تشاء.

ويجب على الزوج الذي تموت زوجته أن يدفنها ويقيم لها مراسم دفن تليق بها، وفي حالة موت الزوج قبل زوجته لا يلزم أهل الزوج بدفن الأرملة.

تعدد الزوجات عند اليهود

من الممكن أن يتخذ اليهودي أكثر من زوجة حتى لو مائة وليس من حق الزوجة أن تعترض أو أن تمنعه، ولكن يجب عليه أن يعدل بينهم في كل شيء، ولا يحق له أن يسكنهم في بيت واحد، وقد ورد في سفر الخروج”وإن تزوج باخري فلا ينقصهما من طعامهما وكسوتهما وأوقاتهما”.

وقد صدر قانون في عام 1877م يعاقب الرجل الذي يتزوج من زوجة ثانية والزوجة التي تتزوج من رجل آخر.

قبل حصولها على تصريح بالزواج بالسجن 5 سنوات، ولكن يسمح للرجل باتخاذ زوجة ثانية في بعض الحالات مثل مرض الزوجة مرضا طويلا، وعند تعدد الزوجات يخصص الزوج ليل لزوجاته بالتساوي، لذلك كان من حق الزوجة شراء ليلة من ضرتها كلما أرادت.

زواج اليهود من الديانات الأخرى

اليهودية الأرثوذوكسية ترفض كل أشكال هذا الارتباط، أما المحافظة فلا تشجعه ولكن تجيزه على أمل أن يتهود الزوج أو الزوجة، في حين تبيحه الإصلاحية إباحة كاملة.

ولكن الزواج في إسرائيل يتم حاليا عبر المؤسسة الدينية، فلا زواج مدني في إسرائيل، فمن يريد الزواج المدني هناك يسافر إلى الخارج، ولكن يسمح بالزواج المختلط شرط أن يتم في مؤسسة دينية معينة مما أجبر “كسانيا سفيطالوفة ” النائبة بالكنيست الإسرائيلي أن تعتلي منبر الكنيست وهي ترتدي طرحة عروس للدفاع عن حقوق إسرائيليين كثيرين يتزوجون زواجا مدينا خارج البلاد رغما عنهم وبمحض إرادتهم.

وطالبت النائبة في الكنيست عن المعسكر الصهيوني كسانيا سفيطالوفة، الدولة بالمشاركة في نفقات العرس.

الطلاق

أما الطلاق فمسموح في اليهودية، شرط أن يعطي الزوج وثيقة طلاق لزوجته، ويحق للزوجة أن تطلب الطلاق في حال تأذت جسديا أو نفسيا.

ربما يعجبك أيضا