ميلانيا.. السيدة الأولى سيئة الحظ

أماني ربيع

أماني ربيع

ربما لم تأتي سيدة أولى في تاريخ أمريكا بهذا الحظ العاثر كميلانيا ترامب، فقد جاءت في عصر فورة مواقع التواصل الاجتماعي الذي جعل هفوة المشاهير عرضة للتشريح والتحليل في نفس توقيت حدوثها، إلى جانب تاريخها كعارضة أزياء وزوجة المثير للجدل الذي جعله القدر رئيسا لأقوى دولة بالعالم، ليس هذا فحسب بل جاءت خلفا لميشيل أوباما أول سمراء تحوز على اللقب وتصنع له رونقا خاصا غاب طويلا عن البيت الأبيض.

ومنذ ترشح زوجها لمنصب رئيس الولايات المتحدة بدأت المشانق تنصب لعارضة الأزياء المهاجرة السلوفينية التي لم تحظ بلقب مواطنة أمريكية إلا عام 2006، حاولت ميلانيا طويلا التخلص من إرث عروض الأزياء والموضة لكنها لم تستطع، فالماضي وصوره وحكاياته ظلت تلاحقها، حتى إن صحيفة “ديلي ميل” نشرت أخبارا عن تقديمها خدمات أكثر من عرض الأزياء عند عملها كموديل وهو ما دفعها لرفع دعوى قضائية ضد الصحيفة مطالبة بتعويض 150 مليون دولار.

إرث الماضي

وسارعت ميلانيا بالتعليق على تويتر: “الموقع المعني الذي افتتح عام 2012، أغلق لأنه لا يعكس بطريقة مناسبة اهتماماتي المهنية الحالية”.

وجاء في سيرة ميلانيا ترامب الذاتية، التي كانت موجودة على الموقع، أنها بدأت تعمل عارضة للأزياء في سنّ السادسة عشرة. وكتب أيضاً: “في سن الثامنة عشرة، وقعت عقداً مع وكالات عارضات في ميلان. وبعدما حصلت على شهادة في التصميم والهندسة المعمارية من جامعة سلوفينيا، عاشت ميلانيا بين باريس وميلان من أجل جلسات التصوير، قبل أن تنتقل للإقامة في نيويورك في عام 1996″، إلا أنه لم يسبق لزوجة ترامب أن ذكرت حصولها على هذه الشهادة في مقابلاتها الصحافية النادرة.

ظل ميشيل


حاولت ميشيل أوباما أن تكون لطيفة مع ميلانيا، حتى إنها التقتها بعد فوز زوجها برئاسة أمريكا وقبل تنصيبه في البيت الأبيض واحتسيا الشاي سويا، وقدمت أوباما نصائح حول تربية الأطفال داخل البيت الأبيض، خاصة وأن ميلانيا لديها طفل في الحادية عشرة من عمره، تجاذبت السيدتان أطراف الحديث وحكت ميشيل عن تجربتها مع ابنتيها ماليا وساشا.

وما حدث بعد هذا اللقاء، يظهر أن إعجاب ميلانيا تجاه ميشيل أوباما كان قويا لدرجة أنها تبدو كمن يمشي في ظلها، فلم تحاول منذ وطئت قدماها البيت الأبيض تغيير أي شيء، أو وضع لمستها الخاصة، ومازالت محافظة على حديقة خضروات ميشيل التي أقامتها في إطار حملتها للطعام الصحي.

ولم تحاول ميلانيا إلى الآن أن تخلق لنفسها أيقونة خاصة فهي تهتم كأي سيدة أولى تقليدية بقضايا المراة والمجندين دون أن يكون لها بصمة واضحة، حتى أنها ستقود الوفد الأمريكي لدورة ألعاب “إنفكتس” الدولية، أو الأوليمبياد العسكري كما يطلق عليها، للمصابين العسكريين من دول الكومونويلث، التي تقام تحت رعاية الأمير هاري، وسبق أن تولت ميشيل نفس المهمة عندما كانت في البيت الأبيض.

كيد النسا مع إيفانكا

ومنذ ترشح ترامب لمنصب الرئاسة طغى ظهور ابنته إيفانكا على حضور زوجته، وبدت وجها مفضلا للدعاية لحملته الرئاسية باعتبارها سيدة أعمال ناجحة وخليفته الحقيقية، حتى أن كل الصحف بعد فوزه قالت إنها السيدة الأولى الحقيقية، وتحدثت تقارير عن توتر في أروقة البيت الأبيض بسبب الاضطراب بين السيدتين، وهو توتر لم يكن واضحا في الماضي لأن ميلانيا انتقلت إلى واشنطن بعد خمسة أشهر من فوز زوجها بمنصب الرئيس إلى البيت الأبيض، لأنها كانت حريصة على إنهاء طفلها بارون لسنته الدراسية في مدرسته بنيويورك.

وبعد قدوم ميلانيا ظهرت البرودة بين السيدتين ربما لأن الفراغ الذي تركته ميلانيا عندما كانت في نيويورك جعل إيفانكا تتصور أنها السيدة الأولى الفعلية، وهو الأمر الذي نفاه مسؤولو البيت الأبيض، لكن ما يظهر جليا أن إيفانكا تنوب عن والدها في كثير من المناسبات والمؤتمرات، وحتى عندما تتواجد ميلانيا، ففي زيارة السعودية مثلا حضرت الاثنتان، ولا ننسى حضورها معه كأحد مستشاريه ضمن قمة العشرين، بل وجلست في المقعد المخصص لأبيها الرئيس خلال أحد اجتماعات القمة.

إطلالة باهتة

رغم أنه كان ضروريا التحول اللافت في إطلالات ميلانيا إلا أنه بدا باهتا وغير مدروس، وفي تاريخ أمريكا لم تجذب زوجة الرئيس الانتباه إلا في حالات معدودة مثل جاكلين كنيدي ونانسي ريجان اللاتي اشتهرن بالأناقة، فجاكي كانت نجمة مجتمع، بينما كانت نانسي نجمة سينمائية لامعة، أما هيلاري كلينتون فكان طموحها السياسي وذكاؤها ودعمها لزوجته في قضيته مع مونيكا سببا في شهرتها، بينما جاءت ميشيل أوباما كأول سمراء في حضور تاريخي، استطاعت أن تدعمه بلباقتها وأناقتها التي لم تكن تشبه أحدا، وهو الأمر الذي فشلت فيه ميلانيا التي يفترض انها خبيرة في شئون الموضة بحكم عملها السابق كعارضة أزياء.

ميلانيا اضطرت إلى إجراء تغيير كامل في مظهرها لتتحول من عارضة أزياء بملابس جريئة، إلى امرأة وقور، وركزت على الملابس الكلاسيكية، وارتدت البدل والفساتين ذات الأكمام الطويلة، لكن إذا نظرنا إلى صورها قبل هذا التحول سنرى امرأة سعيدة ومنطلقة، لكن بعد التحولات الجذرية في مظهرها بدت كمن وضع في غير مكانه تتصرف بطريقة “منشاه” وكأنها تتلقى تعليمات عبر سماعة أذن، كما تبدو دائما تعيسة وكأنها تؤدي دورا لم يكتب لها.

ولهذه الأسباب يبدو أن منسقي حملة زوجها تجنبوا ظهورها أمام الأضواء خشية الأخطاء فأخطاء ترامب كانت تكفي، لكن فيديو بألفاظ نابية تجاه النساء، وبعض النساء اللاتي اشتكين من تحرشه بهن استدعى ظهورها الفوري، لكن القدر مجددا يضعها في موقف لا تحسد عليه.

ففي كليفلاند وأمام الآلاف من أنصار زوجها ألقت خطابا مستوحى بشدة من خطاب سابق لميشيل أوباما ألقته عام 2008، دافعت فيه ميشيل بشدة عن قيم تتشارك في الإيمان بها مع زوجها كالعمل والالتزام بالكلمة ومعاملة الناس باحترام وكرامة، وهو ما أكدته ميلانيا بالحرف في خطابها في شكل يكاد يكون متطابقا، وهو ما دفع مستخدمي مواقع التواصل للسخرية منها قائلين يبدو أنها لم يكن لديها وقت لإعداد خطاب فاكتفت بنسخ خطاب ميشيل أوباما، بينما يرى البعض أن لخطاب كتب لتوريطها، وبالفعل قدمت كاتبة الخطاب من أعضاء حملة ترامب استقالتها.

أمر آخر لفت الأنظار هو اختفاء الموقع الخاص بميلانيا أثناء الانتخابات، والذي كان يضمّ صوراً ومعلومات عن سيرتها الذاتية، بعد جدل جديد أثير حول شهادة جامعية لم تحصل عليها.

ربما نحن في عصر لم تعد فيه الأناقة حكرا على طبقة معينة أو حتى سن أو وظيفة معينة، لكن ما يفرض نفسه هو الأسلوب، وإلى الآن تبدو اختيارات ميلانيا تقليدية وخجولة، وسبق أن صرحت في أحد لقاءاتها الصحفية مع صحيفة “نيويورك تايمز”: سأعتمد الأسلوب التقليدي في الملابس لو أصبحت السيدة الأولى، ربما سأقتدي بـ”بيتي فورد” زوجة الرئيس الأمريكى الأسبق جيرالد فورد، وجاكي كيندي زوجة الرئيس الأمريكي الأسبق جون كيندي”.

وبالفعل لم تكذب ميلانيا خبرا وظهرت في حفل تنصيب ترامب رئيسا لأمريكا بزي بتوقيع رالف لورين مستوحى من إطلالة سابقة لجاكلين كنيدي.

ربما يعجبك أيضا