“الذهب الأخلاقي”.. مقصد استثماري صديق للبيئة

كتب – حسام عيد

الذهب؛ من أقدم المعادن النفيسة التي عرفها الإنسان، ويمكن أن يتواجد بشكل حر في الطبيعة، أو مخلوطاً بعناصر أخرى، وهو عنصر لامع وكثيف، ومن أكثر المعادن ليونة، ويتواجد في رواسب الأنهار والصخور.

يحتفظ الذهب بقيمته لأنه يؤثر في السياسات النقدية، ويعتمد الاقتصاد العالمي غالبا على أسعار الذهب صعودا وهبوطا.

ويعد الذهب من أشهر المعادن المستخدمة في صناعة الحلي، ويتم تصنيعه والتعامل به على شكل سبائك، وهي كتلة من الذهب النقي الذي يصهر لتتم عملية التصنيع على شكل مجوهرات مختلفة.

يتم التنقيب عنه بعدة طرق بدائية أو متقدمة تتمثل في سلسلة عمليات تشمل الحفر في أعماق الأرض وتكسير الصخور أو غربلة الرمال المحتوية على عنصر الذهب ثم استخلاصه وفصله منها.

تحتوي عملية التنقيب عن الذهب على مخاطر كبيرة؛ فالذهب يعد واحدا من أكثر عشرة مصادر تلوث خطرة على صحة الإنسان في العالم.

لكن من المفارقات الغريبة تواجد “ذهب أخلاقي” في باطن الأرض، وسمي بهذا الاسم لنقاءه وعدم احتواءه على أضرار، فهو يلقب بـ “صديق البيئة”.

قباء ذهب في لندن

تسعى كثير من الدول الكبرى والمؤسسات المالية العالمية إلى الحصول على الذهب الأخلاقي صديق البيئة، ففي الوقت الراهن يعتزم بنك الصين الصناعي التجاري -البنك الأكبر في الصين من حيث حجم الأصول- شراء قبو محصن عملاق في لندن استعدادا لتعزيز نشاطه التجاري في مجال الذهب والمعادن النفيسة.

وسيشتري البنك الصيني القبو، الذي يتسع لألفي طن متري من الذهب، والفضة، والبلاتين، والبلاديوم، من بنك باركليز البريطاني.

وتمنح عملية شراء القبو البنك الصيني العملاق المزيد من الأهمية ككيان متخصص في تجارة، وتسعير، وتخزين المعادن النفيسة.

وتستأثر الصين بربع الطلب العالمي على الذهب، لكن لندن ونيويورك لا زالا أكبر مركزين عالميين لتجارة المعدن النفيس.

وهناك سبع جهات توفر خدمات أقبية تخزين الذهب والمعادن في لندن، أبرزها بنك إنجلترا.

وتتوافر مخزونات ذخمة من الذهب في لندن؛ إذ يوجد نحو 6500 طن مخزنة في سبعة أنظمة من القباء تحت مدينة لندن، وأكبر تلك القباء أو السراديب حتى الآن يوجد في بنك إنجلترا، إذ يحوي البنك ثلاثة أرباع كمية الذهب في لندن، أو 5.134 أطنان.

ويخزن معظم الذهب عادة على هيئة قضبان يزن الواحد منها 12.4 كيلوجرام، ويوجد نحو 500.000 واحد منها، تقدر قيمة كل منها بـ350.000 جنيه إسترليني.

لكن الاحتياطي الرسمي للخزانة البريطانية من الذهب يقدر بأقل من عشر هذه الكمية، فيوجد في بنك إنجلترا 310 أطنان من الذهب تابعة للخزانة البريطانية، أما بقية الكمية فمعظمها تجاري.

ويخزن الذهب في نظام مكون من ثمانية قباء توجد في طابقين تحت شارع ثريدنيدل في حي المصارف في لندن. وتستخدم هذه الطريقة لتوزيع الثقل، ومنع السراديب من الغرق في طمي لندن تحت البنك.

كولومبيا مصدر للذهب الأخلاقي

تنتج بلدة في كولومبيا ذهبا مراعيا للبيئة ولحقوق العمال ما أوصل هذا المعدن المستخرج من مناجمها لتزيين السعفة الذهبية المقدمة في مهرجان كان السينمائي.

وتقع بلدة لا يانادا أي “الأرض الذهبية” وسط جبال نارينيو في منطقة ترزح تحت وطأة النزاع الذي يمزق البلاد منذ أكثر من نصف قرن.

وأكد إديسون روسيرو المسؤول عن الفريق في منجم حاصل على شهادة “فيرمايند” التي تمنح للأنشطة المنجمية العادلة أنه “ذهب نظيف”.

وحصلت “الأرض الذهبية” على تسمية “الذهب المراعي للبيئة” بفضل أساليب العمل المعتمدة فيها التي لا تلجأ إلى المواد السامة، مثل السيانيد والزئبق.

واستخراج الذهب من هذه المنطقة الواقعة في جنوب غرب كولومبيا كان موجود منذ زمن هنود أباديس الذين يعود أخر أثر لهم إلى سنة 1530 تقريبا.

وأعيد إطلاق هذا النشاط بعد أربعة قرون من جانب شركات كندية حتى نهاية الحرب العالمية الثانية لكنها انسحبت من هذا القطاع إثر انهيار أسعار الذهب. من ثم استأنف سكان لا يانادا التنقيب عن هذا المعدن عبر توزيع المعدن المستخرج.

وقد جنب هذا الأمر المنطقة مخاطر حمى الذهب التي تشهدها مناطق أخرى.

ويحقق الذهب المنتج من البلدة الكولومبية نجاحات تتخطى الحدود المحلية؛ إذ وصل هذا المنتج حتى مهرجان كان السينمائي عبر اختيار هذا المعدن لتزيين السعفة الذهبية المقدمة للفائزين بالمهرجان.

كما أن نجمات سينمائيات عالميات ارتدين ذهبا منتجا من مناجم لا يانادا بينهن الفرنسية ماريون كوتيار.

وتمثل فكرة هذا “الترف المنصف” أساسا لبرنامج تزويد بالمواد الأولية قائم على احترام البيئة تعتمده مجموعة شوبار السويسرية للمجوهرات.

ربما يعجبك أيضا