نصرة لـ”الروهنجيا”.. المؤسسات الدينية تنتقد “صمت القبور”

Editor One Editor One

كتبت – أميرة رضا

صور مفزعة ومروعة لأعمال قتل وترويع، وحرق ومجازر وحشية، إبادة جماعية راح ضحيتها مئات النساء والأطفال والشباب والشيوخ الذين حوصروا في إقليم راخين بميانمار -على مدار الأيام الماضية- حتى لا يجد هؤلاء الأبرياء أمامهم سوى خيار الفرار من أوطانهم تحت هجمات بربرية لا توصف بأقل من “وحشية”، هجمات وحشية أجبرتهم على الفرار تاركين ديارهم، فكان مصيرهم أن مات منهم من مات من ألم المشي وقسوة الجوع والعطش والشمس الحارقة، ومنهم من ابتلعته الأمواج بعدما ألجأه الفرار إلى ركوب البحر.

وبالرغم من انتشار مقاطع فيديو وصور على مواقع التواصل الاجتماعي -أظهرت أبشع جرائم ضد الإنسانية يندى لها الجبين من قتل وتعذيب وحرق وذبح وسط تجمعات للبوذيين- إلا أن المجتمع الدولي يستمر في مسلسل التجاهل والتغاضي التام لما يحدث، ولا يزال هؤلاء الأبرياء لا يجدون سوى تنديد من هذا وخذلان من ذاك.

المؤسسات الدينية تنتفض من أجل “الروهنجيا”

ومن وسط هذه المعاناة التي يعيشها من تبقى من أقلية الروهينجيا في ميانمار، انتفضت المؤسسات الدينية وعلى رأسها مجلس حكماء المسلمين والأزهر الشريف، في محاولة لاستهجان التقاعس الدولي بشأن معاناة المسلمين هناك.

حيث حذر مجلس حكماء المسلمين من “تقاعس المجتمع الدولي عن التدخل بحسم” لإنهاء معاناة مسلمي الروهينجيا في ميانمار، مطالبًا الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالقيام بمسؤوليتهما تجاه المأساة المستمرة على مدار السنوات الماضية.

“حكماء المسلمين” يندد بسياسية الكيل بمكيالين

وأشار المجلس إلى أن استمرار تقاعس المجتمع الدولي عن التدخل بحسم لإنهاء معاناة مسلمي الروهنجيا في بورما، ووقف ما يتعرضون له من قتل وتهجير يشكل تهديدًا جديًا للأمن والسلم الدوليين، ويعكس مجددًا سياسة الكيل بمكيالين تجاه القضايا والأزمات الدولية، مما يغذي مشاعر الحقد والكراهية والتطرف عبر العالم.

وأوضح “حكماء المسلمين” أن ميثاق الأمم المتحدة يخول لمجلس الأمن الدولي سلطة التدخل الدولي تحت الفصل السابع، في الحالات التي تشكل تهديدًا للأمن والسلم الدوليين، مشددًا على أن الوضع في مناطق مسلمي الروهنجيا يستوجب تشكيل لجنة تحقيق دولية بصلاحيات كاملة، لوضع السلطات البورمية أمام مسؤولياتها الإنسانية والقانونية.

كما دعا مجلس حكماء المسلمين، الدول والحكومات الإسلامية ومنظمة التعاون الإسلامي، إلى التحرك السريع لتوفير كل أشكال الدعم لمسلمي الروهنجيا.

الأزهر: “المواثيق الدولية” أصبحت حبرًا على ورق

من جانبه أكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب -شيخ الأزهر الشريف- على أن ما يحدث بحق المسلمين الأبرياء في ميانمار عار على جبين الإنسانية، مشيرًا إلى أن الأزهر لن يدخر جهدًا فى سبيل مساعدة المسلمين هناك من خلال التواصل مع الجهات المعنية لإيجاد حلول لهذه المشكلة المتفاقمة، مشددًا على ضرورة الاهتمام بطلاب ميانمار الدارسين بالأزهر الشريف.

كما أشار الإمام الأكبر في بيان الأزهر الشريف إلى أن هذا المشهد الهمجي واللاإنساني ما كان ليحدث لولا أن الضمير العالمي قد مات، ومات أصحابه، وماتت معه كل معاني الأخلاق الإنسانية، وصمتت بموته أصوات العدل والحرية وحقوق الإنسان صمت القبور، وأصبحت كل المواثيق الدولية التي تعهدت بحماية حقوق الإنسان وسلام الشعوب وحقها في أن تعيش على أرضها، أصبح كل ذلك حبرًا على ورق، بل أصبح كذبًا لا يستحق ثمن المداد الذي كتب به.

وأكد على أن الاكتفاء بمجرد الإداناتِ لم يعد يجدي نفعًا أمام ما يتعرض له مسلمو الروهنجيا من عمليات إبادةٍ جماعيةٍ بأسلوب غادر، كما أصبحت المناشدات الخجولة المترددة التي تطلقها المنظمات الدولية والإنسانية لإنقاذ المواطنين المسلمين من عدوان الجيش البورمي والسلطات في ميانمار، أصبحت هذه المناشدات ضربًا من العبث وضياع الوقت.

وتابع: “نحن على يقين من أن هذه المنظمات العالمية كانت ستتخذ موقفًا آخر مختلفًا، قويًا وسريعًا، لو أن هذه الفئة من المواطنين كانت يهودية أو مسيحية أو بوذية أو من أتباع أي دين أو ملَّة غير الإسلام”.

كما أكد الطيب على أن الأزهر الشريف لا يُمكنه أن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه الانتهاكات اللاإنسانية، وسوف يقود الأزهر الشريف تحركات إنسانية على المستوى العربي والإسلامي والدولي لوقف هذه المجازر، مطالبًا كافة الهيئات والمنظَّمات الدولية وجمعيات حقوق الإنسان في العالَم كله أن تقوم بواجبها في اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقيق في هذه الجرائم المنكرة، ولتعقاب مرتكبيها وتقديمهم لمحكمة العدل الدولية لمحاكمتهم كمجرمي حرب جزاء ما ارتكبوه من فظائع وحشية.

هيئات الإفتاء بالعالم تطالب بوقف “التطهير العرقي”

من جانبها أدانت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، الصمت الدولي الواضح وعدم تحرك أي من المنظمات والهيئات الدولية إزاء استمرار عمليات الإبادة الجماعية والاعتداءات الوحشية والانتهاكات بحق المسلمين الروهنجيا في ميانمار.

ودعا الدكتور إبراهيم نجم -الأمين العام لدور وهيئات الافتاء في العالم- كافة الدول والمنظمات الإسلامية والعربية إلى ضرورة التحرك الفوري والتنسيق التام فيما بينهم بهدف استخدام كافة الوسائل الممكنة للضغط على سلطات وحكومة ميانمار لوقف عمليات الإبادة المنظمة التي يتعرض لها الروهنجيا.

كما دعا الدكتور نجم إلى الإسراع بتقديم كافة سبل الدعم المادي والمعنوي لمسلمي الروهنجيا الذين يتعرضون للتطهير العرقي والإبادة الجماعية من قبل سلطات ميانمار.

وندد بمنع مسلمي الروهنجيا من الإدلاء بأصواتهم في انتخابات ميانمار وممارسة حقوقهم كمواطنين في الدولة، مشددًا على ضرورة الالتزام بما قررته الشرائع السماوية والقوانين الدولية من حقوق المُواطنة لكل مواطن، والتي من أهمها المُشاركة في اختيار من يمثلهم في أوطانهم أيا كانت دياناتهم أو معتقداتهم.

“الأعلى للشؤون الإسلامية” يدين الوضع المأسوي

في السياق ذاته، قال الدكتورعبد الغني هندي -عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية- أن ما يحدث من إبادة جماعية لمسلمي بورما تتحمل مسؤوليته كل النظم العالمية سواء الأمم المتحدة أوالاتحاد الإفريقي أوالجامعة العربية، وكل الجهات الرسمية المحبة للسلام، وليست المؤسسات الدينية فقط، مبينًا أن المؤسسات الدينية يتوقف دورها عند التوضيح وتقديم الوعظ المختلفة من خلال نشر تعاليم الدين الإسلامي السمحة.

وأضاف هندي: “إن ما عقده من مؤتمر للحوار بهدف جمع الشباب الذين يمثلون الأطراف المعنية بالصراع للجلوس إلى مائدة الحوار والتباحث حول الأوضاع في ميانمار، هى خطوة لا تأتي بثمارها على أرض الواقع”.

وتابع: “لابد من الجهات السياسية المعروفة الاهتمام بالجانب والوعي السياسي داخل بورما، بجانب اهتمامهم بعرض الجانب الإنساني والمأسوي”.

“الإسلاموفوبيا” يحذر من ألغام حدود بنجلادش

وفي هذا السياق حذر مرصد الإسلاموفوبيا -التابع لدار الافتاء المصرية- من خطورة قيام سلطات ميانمار بزرع الألغام الأرضية على حدود بنجلادش لمنع عودة الروهنجيا المسلمين إلى ميانمار مرة أخرى.

حيث كشف مصدران بحكومة بنجلاديش أن ميانمار تقوم منذ ثلاثة أيام بزرع ألغام أرضية عبر قطاع من حدودها مع بنجلاديش للحيلولة دون عودة الروهنجيا المسلمين الذين فروا من العنف في ميانمار.

وأوضح المصدران أن بنجلاديش ستتقدم باحتجاج رسمي على زرع الألغام الأرضية على مسافة قريبة جدًا من الحدود.

وطالب مرصد الإسلاموفوبيا بضرورة التحرك الدولي الفاعل لوقف عمليات الإبادة الجماعية والاعتداءات الوحشية والانتهاكات بحق المسلمين الروهنجيا التي تقع على مرأى ومسمع من الجميع.
 

ربما يعجبك أيضا