السيارة الكهربائية.. مصر على طريق “الثورة الخضراء”

حسام عيد – محلل اقتصادي

رغم كونها باهظة الثمن، أصبحت السيارات الكهربائية من المقتنيات المهمة والعملية في الوقت الحاضر، كما أنها تعد ثورة عصرية ونقلة نوعية في تاريخ صناعة المحركات والمركبات، فمن خلالها يمكن الاستغناء عن محركات الاحتراق الداخلي التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود الأحفوري، وتتسبب في انبعاث كميات ضخمة من الملوثات الخطيرة التي تهدم النظام البيئي وتتسبب بانعكاسات خطيرة على صحة الإنسان وسلامته وعلى كافة الكائنات الحية الأخرى.

اليوم، هناك أكثر من مليون وربع المليون سيارة كهربائية تجوب شوارع وميادين عواصم العالم المختلفة، منها ما يقرب من 400 ألف سيارة في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها والتي تستحوذ على قرابة ثلث مبيعات السيارات الكهربائية في العالم، وتعد ولاية كاليفورنيا أكبر سوق لهذه السيارات برقم 143 ألف سيارة.

وللمرة الأولى تستقبل شوارع مصر سيارات تعمل بالطاقة الكهربائية، حيث تنوي إحدى الشركات طرحها للمستهلكين وتوفير نقاط لشحنها في بعض محطات الوقود.

ما هي السيارة الكهربائية؟

السيارة الكهربائية؛ هي السيارة التي تعمل باستخدام الطاقة عن طريق استبدال المحرك الأصلي للسيارة ووضع محرك كهربائي مكانه وهي أسهل الطرق للتحول من استخدام الوقود الأحفوري نحو استخدام الطاقة الكهربائية، مع المحافظة علي المكونات الأخرى للسيارة ويتم تزويد المحرك بالطاقة اللازمة عن طريق بطاريات تخزين التيار الكهربائي.

وتتميز السيارة الكهربائية بكونها صديقة للبيئة لا تنبعث منها الغازات الضارة كما أنها سهلة التشغيل ولا تصدر أصواتا مزعجة، وتساعد على تحقيق أهداف الدول بتقليل الانبعاثات الغازية كما أنها تقلل من معدلات التلوث في المدن.

كما أن بطاريتها قوية من نوع الرصاص الحمضي، ويمكن إعادة شحنها.

وتمتاز أيضا بمحرك خفيف الوزن وأكثر بساطة من محرك الاحتراق الداخلي.

مصر تستورد سيارات كهربائية

السيارة الكهربائية.. واقع ملموس تعيشه غالبية دول العالم، ويكتفي المواطنون في مصر بالسمع عنه في التلفزيون والإنترنت، حيث لم يتم استعمالها في مصر إطلاقًا، مما جعلها حلمًا لدى الكثير من قائدي السيارات.

لكن اليوم يبدو أن الحلم الذي راود الكثيرين، سيصبح حقيقة قريبًا، فقثد أعلنت شركة ريفولتا، طرح السيارات الكهربائية قريبًا في مصر بأربع أنواع مختلفة، وتراهن على إغراء المستهلكين بانخفاض كلفة التشغيل والصيانة وقطع الغيار.

وستقدم الشركة أربع سيارات متفاوتة في سعرها من موديلات كيا وهيونداي ونيسان وتسلا وبالتعاون مع وكلاء هذه الماركات في مصر.

وستطرح ريفولتا السيارة كيا موديل “سول” في السوق المصرية بسعر يوازي 37 ألف دولار مقارنة بسعر مثيلتها التي تسير بالبنزين والذي يبلغ في مصر ما يوازي 25 ألف دولار.

وسيتسلم كل مالك شاحنًا منزليًا يستطيع من خلاله شحن سيارته على مدار 8 ساعات باستخدام مخرج كهربائي اعتيادي.

المستهلك المصري “متخوف”

لا تتجاوز مشاكل السيارة الكهربائية 5 % من مشكلات السيارات المعتمدة على محركات الاحتراق الداخلية، حيث لا توجد أي أجزاء ميكانيكية تسبب مشاكل خلال فترة تشغيل السيارة.

وتستهلك السيارات التقليدية مصروفات مرتفعة على الوقود والصيانة بما يعادل فرق السعر بينها وبين مثيلاتها الكهربائية، بل يزيد لصالح السيارات الصديقة للبيئة.

وأعلن هاكان سامويلسون الرئيس التنفيذي لشركة فولفو، في يوليو الماضي، أن الشركة ستنتج 3 أنواع من سيارات الركاب الصديقة للبيئة، وهي سيارات تعمل بالطاقة الكهربائية فقط، وسيارات هجينة، وسيارات كهربائية هجينة تحتوي على خزانات صغيرة للوقود، إضافة إلى بطاريات كهربائية بسعات كبيرة وذلك ابتداء من عام 2019.

وهذا سيؤدي لتهدئة مخاوف المستهلك المصري بالذات الذي يبحث دائما عن السيارة ذات السعر المرتفع عند إعادة البيع.

فيما كانت عوامل الأمان في السيارات الكهربائية من الأسباب الرئيسية لشركة مصر للتأمين للموافقة على مد مظلتها لهذا المنتج الجديد.

ورأت هالة عبد العظيم يوسف مراقب التأمينات العامة في شركة مصر للتأمين، أنه في حال حدوث حادثة لن يتم تغيير أجزاء كثيرة في السيارة مقارنة بالسيارات التقليدية الممتلئة بالقطع الميكانيكية.

وقالت إن المزيد من مالكي هذه السيارة سيعني انخفاض سعر بوليصة التأمين، في إشارة إلى توقعها أن يلقى هذا المنتج إقبالا من المستهلكين في مصر.

من جانبها، استثمرت الشركة 100 مليون جنيه مصري في عمل نقاط لشحنِ السيارات بالكهرباء، في سبع مدن مصرية كمرحلة أولى، وينتظرُ أن تكون جاهزة بنهاية نوفمبر المقبل داخل بعض محطات التزوّد بالوقود، فسيارة مثل “هيونداي أيونيك” تحتاج لشحن كامل كل 250 كيلومترا، وهذا قد يستغرق نصف ساعة كحد أقصى.

لكن عمر بلبع رئيس شعبة السيارات في اتحاد الغرف التجارية، قال إن الوقت مبكر جدا لتقبل المستهلك المصري مثل هذا النمط وحتى لو أنتجت هذه السيارات في الخارج فسيظل الإقبال أكثر على السيارات التقليدية في مصر.

وأشار بلبع إلى طول الطرق بين المحافظات وضعف البنية التحتية المطلوبة لمثل هذه السيارات، ما يجعلها سلعة شديدة الرفاهية تشترى على سبيل التباهي ليس أكثر.

مبادرات لصناعة أول سيارة كهربائية

في يوليو الماضي، تبنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ممثلة في أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا إطلاق ودعم عدد من البرامج في مجال تصميم وصناعة السيارة الكهربائية، وتجميع الخبرات والقدرات البحثية والأكاديمية المصرية، للوصول إلى أهداف ملموسة في وقت قصير لصناعة سيارة مصرية بمكون محلي.

وفتحت باب التقدم بمقترحات فنية للإشراف الفني وتنظيم مسابقة “رالي القاهرة الأول للسيارات الكهربائية محلية الصنع” لحساب أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا.

وتأتي تلك المبادرة فى إطار رؤية مصر للتنمية والاستراتيجية القومية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي 2030 و التي تهدف إلى دعم إنتاج المعرفة وتعميق التصنيع المحلى من خلال إنتاج ونقل وتوطين التكنولوجيا وذلك بالتعاون مع مؤسسات الدولة الأخرى.

تحديات

العالم كله يتحول إلى البيئة الخضراء، ويعطي حوافز للمستهلك ليتحول إلى التكنولوجيا الخضراء، ناهيك عن الحوافز المقدمة للمستثمرين لاجتذاب الاستثمار والتكنولوجيا.

إلا أن النظم والقوانين السائدة في مصر تقف ضد التطور والتقدم، وهذا يقتضى إعادة مراجعة كافة التشريعات والنظم، ومقارنتهما بأحسن التشريعات والنظم السائدة فى العالم، وإعادة صياغتها لإعطاء مصر ميزة نسبية ترفع من معدلات جذب الاستثمارات.

يمكن البدء بغلق باب استيراد السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل فقط، واستبدالها بالسيارات الهجين، والتى بها محركان أحدهما يعمل بالبنزين والآخر بالكهرباء، وتشحن بطاريته من دوران محرك البنزين، فهي لا تحتاج لتغيير نظام محطات البنزين الحالية، كما أن معدل استهلاكها للوقود يصل إلى لتر واحد لكل ٥٠ كيلومترا، مع تخفيض الجمارك وضريبة المبيعات عليها.

كما أن الحكومة مطالبة بتشجيع استيراد السيارات الكهربائية بإلغاء الجمارك عليها، وتوفير العديد من الامتيازات الأخرى لتلك السيارة، لكونها صديقة للبيئة وموفرة للطاقة.

ربما يعجبك أيضا