غرام الأفاعي.. لماذا ترتمي قطر في أحضان الملالي؟

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

بعد سنوات من المؤامرات القطرية الخبيثة التي كانت تحاط بالسرية وتدارى بالكتمان، تعود قطر من جديد لترتمي في أحضان الملالي على حساب الأمن القومي العربي والخليجي؛ فالدوحة لا ترى في الدعم الإيراني للإرهاب وتأجيج الصراعات ضررا له انعكاساته السلبية على دول المنطقة.

الفصل الجديد في التحالف القطري الإيراني أنها تفعل ذلك بشكل مباشر وصريح وبأسلوب مستفز، وهو ما ظهر جليا حين أقسم مندوبها في الجامعة العربية أن طهران “دولة شريفة”.

الدوحة تتملق طهران

المتحدث باسم المعارضة القطرية، خالد الهيل، اعتبر أن الدوحة “تتملق طهران” في محاولة لاستفزاز العرب، مشيرا، من جهة أخرى، إلى أن النظام القطري يمر بأزمة كبيرة إلا أنه يزعم أن “الأمور على ما يرام”.

يقول الهيل، إن “فتح الأبواب للكيان الإيراني في دولة قطر غير مقبول، مضيفا “عندما تبنى النظام القطري لهجة التوافق مع نظيره الإيراني سبب هذا مشكلة داخلية.. الشعب القطري لم يتقبل هذه اللهجة.. الإيرانيون لم ولن يكونوا الأشقاء الأقرب للقطريين لا تاريخيا ولا دينيا ولا اجتماعيا”.

لماذا حضن إيران؟

الكاتب السعودي عبد الرحمن الراشد، في مقال له بصحيفة الشرق الأوسط، سلط الضوء على أسباب ارتماء قطر في حضن إيران بالقول “عودة قطر إلى إيران لم تفاجئنا فالتحالف دليل دامغ على ما تقوله الدول الغاضبة من سلوك قطر وأفعالها، دليل على أن قطر، مثل إيران، مصدر للفوضى والعنف”.

ويضيف: “في الحلف القطري – الإيراني، يلتقي أهم قطبين في تمويل العنف في المنطقة؛ فإيران هي الداعم الرئيسي للجماعات الشيعية المسلحة المتطرفة مثل حزب الله، وعصائب الحق، والفاطميون، وغيرها؛ وقطر هي الراعي منذ التسعينات للتنظيمات السنية المسلحة المتطرفة، مثل القاعدة وداعش والنصرة، وأنصار الشريعة، وغيرها”.

ويرى الكاتب السعودي أنه لا توجد هناك قواسم مشتركة بين قطر وإيران تضطرهما إلى التقارب سوى التعاون الأمني والسياسي الإقليمي؛ فقطر ليست شريكا تجاريا مهماً لإيران، ولا يوجد بين سكانها شيعة تريد تسهيل زياراتهم للأماكن المقدسة، وليس هناك توافق ثقافي أو شعبي يمكن أن يبرر التقارب المرسوم سياسيا.

ويضيف “ليس صحيحا ما تقوله قطر بأن المقاطعة الاقتصادية من جاراتها الخليجية الغاضبة عليها اضطرتها إلى الارتماء في الحضن الإيراني؛ فسوقها الاستهلاكية هي الأصغر في المنطقة، حيث يسهل تموينها، ومعظم احتياجات قطر تتم تلبيتها من أسواق أخرى في المنطقة ومن وراء البحار”.

خطوة غبية بامتياز

يرى سياسيون ومتابعون لأزمة قطر أن انتقال الدوحة للتعاون مع النظام الإيراني خطوة غبية جدا وخير دعاية للدول الأربع أمام الحكومات الدولية، فهي دليل آخر على طبيعة النظام القطري وعلاقته بالتطرف والعنف، وهي صعب تبريرها للجمهور العربي الكبير الذي يكره كثيرا نظام الملالي في طهران بسبب أفعاله في سوريا والعراق ولبنان واليمن.

زيارات المسؤولين القطريين للعاصمة الإيرانية، سبقتها إشارات تمهد للتغيير والتعاون، حيث غيرت قناة “الجزيرة”، لسان الحكومة القطرية، فمالت تغطيتها إلى الحوثيين، حلفاء إيران في حرب اليمن، ودافعت عن الجماعات المسلحة الموالية لإيران في بلدة العوامية السعودية، وغيرت لهجتها حيال تغطيتها للانتفاضة في سوريا.

ونلاحظ أن ما ترفض قطر التنازل عنه للدول الأربع، مصر والسعودية والإمارات والبحرين، وتعتبره تدخلا وانتقاصا من سيادتها تهبه الآن مجانا للإيرانيين وحلفائهم. لماذا؟ ليس طمعا في الحماية العسكرية، كما هو حال علاقتها مع تركيا، بل إن التعاون مع النظام الإيراني هو خطوة هجومية عدائية. وفي المقابل، تتوقع طهران من قطر أن تمد يد الدعم المالي والدعائي للقوى الإيرانية في أنحاء المنطقة بهدف زيادة الضغط على خصومها.

من السر إلى العلن

عندما انكشفت حقيقة الحلف القطري الإيراني وحجم تعاون البلدين المتآمرين على بلدان المنطقة، قررت قطر إظهار تلك العلاقة من السر إلى العلن، وقامت في أغسطس الماضي بإعادة سفيرها لدى طهران لممارسة مهامه الدبلوماسية.

يقول مراقبون إن العلاقات القطرية الإيرانية استمرت ونمت في الظلام في مجالات عدة، اقتصاديا، وعسكريا، وإعلاميا، وسياسيا، وثقافيا أيضا، حيث تركزت تلك العلاقات في 7 نقاط التقاء ومؤامرات اشتركت فيها الدوحة مع طهران.

الالتقاء التآمري تمثّل في التبادل الإعلامي ونشر الفتن ودعم الحوثيين وحزب الله وقادة تنظيم القاعدة، وكان الهدف المشترك منها تدمير بلدان المنطقة ونشر الفوضى وعدم الاستقرار في هذه الدول.

تنسيق تاريخي عدواني

تنسيق تاريخي عدواني بين نظام الملالي في إيران ونظام حمد ثم تميم في قطر، ودليل ذلك: التحريض الإيراني- القطري للإرهابيين في المنطقة الشرقية من المملكة وفي مصر والبحرين والإمارات، ودعم الحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان، ونظام بشار الأسد في سوريا.

حتى في مجال الإعلام لا نجد فارقا بين برامج قناة الجزيرة والقنوات المحسوبة على إيران، مثل العالم والمنار والميادين وغيرها، فكلها توجهها واحد من حيث تبني سياسة تحريض مواطني الدول العربية والخليجية في الظهور ضد أنظمتها، وخلق الفوضى بالمظاهرات والأعمال الدموية، والاعتداء على حريات المواطنين، وتخريب ممتلكاتهم.

يقول الكاتب الصحفي خالد بن حمد المالك رئيس تحرير صحيفة الجزيرة السعودية، إن “نظام تميم يأخذ بالأسلوب الإيراني نفسه في ادعاء المظلومية، والإنكار والكذب لكل التُّهم الموجهة له، رغم وجود ما هو موثَّق بالصوت والصورة والمستند الكتابي، بمعنى أننا نتعامل مع نظام قطري أعمى، ويجهل أو يتجاهل ما هو مطلوب منه، اعتمادا على مساندة من أعداء الأمة، دون أن يفطن إلى أن ما يعمله وكأنه يحفر قبره بنفسه”.

ربما يعجبك أيضا