حليمة يعقوب.. صاحبة الحظ الوافر في “مدينة الأسد”

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

مرة أخرى تتصدر سنغافورة عناوين الأخبار بحدث نادر ومثير، هذا الصباح أعلنت البلد صاحبة المركز المالي الرابع عالميا عن اختيار رئيسة البرلمان السابقة حليمة يعقوب رئيسة للبلاد، لتكون بذلك أول سيدة تشغل منصب الرئاسة في سنغافورة وثاني رئيسة تحمل الديانة الإسلامية وتنتمي إلى عرقية الملايو، وهي أيضا أول رئيس من أصل ماليزي منذ 47 عاما.

وعلى الرغم من أن هذا الخبر كان متوقعًا إلا أنه أثار ردود أفعال متباينة من المراقبين، بحسب ما ذكرت صحيفة ” ستريتس تايمز”، يقول نائب مدير معهد الدراسات السياسية بسنغافورة جيليان كوه، السيدة حليمة هي أقلية مزدوجة، فهي ليست فقط فرد ماليزي مسلم، بل أنثى، وسيذكر التاريخ أنها أول امرأة تتولى هذا المنصب في بلادنا، لكن هذا الفوز كان من الممكن أن يكون أقوى بكثير في حال دخلت يعقوب في منافسة حقيقة مع مرشحين آخرين.

في المقابل يرى المعارضون لوصول حليمة إلى هذا المنصب الشرفي بمعنى الكلمة، أنها فازت بالرئاسة فقط لأنها تنتمي إلى عرقية الملايو وكأنها حصان طروادة للنخبة الحاكمة “الحكومة والبرلمان” التي اختارت أن تكون الدورة الرئاسية هذه المرة محجوزة لعرقية الملايو، على الرغم من أن الاحتكام لسياسة العرق يمثل إهانة لمبادئ الديمقراطية.    

لماذا “الملايو” وحليمة

الحكمة تقول: إن السياسة القائمة على أساس العرق تمثل مشكلة كبرى في أي دولة تعتمدها، فهي تسلط الضوء على الخلافات أكثر من تعزيزها التضافر بين صفوف الشعب الواحد، هذه الحكمة في سنغافورة الدولة ذات الكثافة السكنية المرتفعة والتعدد الديني يبدو أنها غير دقيقة، لكنها حاضرة بقوة، لذا نص تعديل دستوري في نوفمبر الماضي، على إمكانية حجز دورة رئاسية لمكون عرقي بعينه لم يصل للرئاسة خلال أخر خمس دورات انتخابية أي خلال ٣٠ عاما، وذلك لضمان تمثيل عادل لكل الأقليات.

الدورة الرئاسية هذه المرة كانت محجوزة للملايو وهي مجموعة عرقية تعيش في شبه جزيرة ملايو ويعتنق أغلبها الديانة الإسلامية، وكان من المفترض أن تجرى الانتخابات الرئاسية في الـ 23 من سبتمبر الجاري، إلا أن لجنة الانتخابات استبعدت منافسي حليمة -63 عاما- لعدم صلاحيتهم للمنصب فأحدهم كان من خارج عرقية الملايو، أما فريد خان 61 عاما ويشغل منصب رئيس إحدي شركات الخدمات البحرية، ومحمد صالح 67 عاما وماريكان الرئيس التنفيذي لإحدي الشركات العقارية فتم استبعادهما لأنهما لم يشغلا منصبا عاما لمدة 3 سنوات أو أكثر، وهو أحد شروط الترشح لمنصب الرئيس، فيما شغلت يعقوب منصب رئيس البرلمان منذ 2013.

لذا فازت حليمة بالتزكية بمنصب السباق عليه ليس محتدما، كون الرئيس في “مدينة الأسد” يقوم بمهام أغلبها شرفية وخلال الأعوام القليلة الماضية أعطى حق النقض فيما يتعلق باستخدام الاحتياطات النقدية وتعيين كبار الموظفين المدنيين، أما باقي الصلاحيات فهي في يد البرلمان والحكومة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الرئيسة الجديدة تنتمي إلى حزب الأغلبية حزب العمل الشعبي.

مسيرة حافلة

حليمة التي استقبلت خبر فوزها بعبارة مؤثرة “أنا رئيسة للجميع”، لديها خبرة 33 عاما في العمل النقابي كناشطة في حركة العمال، ويشهد لها جميع من تعامل معها سواء في البرلمان أو الحركة العمالية بالجدارة وبالودية في العمل، ويقول عنها محمد إرشاد، مؤسس مجموعة “وورد أوف بيس”، التي تعد من مؤسسي مجموعة الوئام بين الأديان، لديها قدرة على إلهام الناس في جميع مناحي الحياة.

السيدة يعقوب التي ستتولى الرئاسة خلفا لتوني تان، هي هندية الأب مالوية الأم، وزوجها رجل الأعمال السابق محمد عبد الله الحبشي من أب يمني وأم مالوية، تخرجت عام 1978 من “جامعة سنغافورة” في كلية الحقوق، وعملت بالشأن العام طوال 40 عاما، وفي عام 2001، أكملت درجة الماجستير في الجامعة الوطنية وحصلت على الدكتوراه الفخرية في 7 يوليو 2016.

وعملت حليمة خلال التسعينيات كموظف قانوني في نقابة المهن الوطنية، إلى أن عينت مديرا لمعهد سنغافورة للدراسات العمالية “معهد أونج تنج تشيونج” عام 1999، وطرقت أبواب السياسية عام 2001  كنائبة في دائرة محلية، وفي العام 2011 أصبحت وزيرة للدولة في وزارة التنمية المجتمعية والشباب والرياضة ومن ثم وزيرة دولة في وزارة التنمية الاجتماعية والأسرية، وفي 2013 وصلت إلى رئاسة البرلمان، وفي يناير 2015 تم اختيارها في اللجنة التنفيذية المركزية لبرنامج باب، وهي أعلى هيئة لصنع القرار في الحزب الحاكم.

“شغفي لخدمة سنغافورة لا يزال دون هوادة، وهو مسؤولية ثقيلة، ولكن آمل أن بدعم من السنغافوريين ، يمكننا أن نفعل الكثير معا”، بهذه الكلمات الحمسية استقبلت يعقوب خبر إعلانها زعيمة لـ”مدينة الأسد” الذي اعتبره البعض مكافأة ولاء من الحزب الحاكم، لكن يبدو أن يعقوب تعتزم تقديم الكثير بالقليل الممكن.

ربما يعجبك أيضا