آل مرة.. قبيلة قطرية أخلصت للجد وشردها الحفيد والابن

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

نكأ قرار السلطات القطرية الأخير الخاص بسحب الجنسية من شيخ قبيلة “آل مرة” ونحو 50 من أفراد أسرتهم، جراح هذه القبيلة الضاربة بجذورها في شبه الجزيرة العربية، إذ سكن أبناؤها عبر التاريخ الأرض الواقعة جنوب الإحساء والأرض الملاصقة لحدودها الخارجية في نفس الجهة وآبار زرنوقة وبر الظهران ووادي فروق وصحراء الجافورة وقطر، بحسب ما ذكره المؤرخ جون لوريمر في “دليل الخليج”.

القرار الذي صدر بإسقاط الجنسية القطرية عن شيخ قبيلة آل مرة طالب بن لاهوم بن شريم، ومعه نحو 50 من أفراد أسرته، بالإضافة إلى شيخ قبيلة بني هاجر، ومصادره أموالهم الأسبوع الماضي، ليس الأول من نوعه فسبق للنظام القطري في بداية حكم حمد بن خليفه أن اسقط الجنسية عن قرابة 6000 من أبناء آل مرة بجحة أزدواج الجنسية، لكن السبب الرئيس كان مشاركة عدد من أبناء القبيلة في محاولة لإعادة الحاكم السابق الشيخ خليفة إلى سدة الحكم بعد انقلاب نجله عليه.

من المهم أن نشير هنا إلى أن ازدواج الجنسية في قطر أمر شائع بين أبناء القبائل العربية ذات الجذور المترامية في شبه الجزيرة العربية، إذ لم تقيد القيادة القطرية في عهد الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني منذ عام 1972 الحصول على الجنسية القطرية بالتخلي عن غيرها من الجنسيات، ما دفع بعض بطون القبائل العربية المنتشرة في السعودية والبحرين وغيرها من دول الخليج إلى التقدم بأوراقهم للحصول على الجنسية القطرية.

كلمة السر “لقاء”

من جانبه أوضح شيخ القبيلة طالب بن لاهوم في مقطع متداول على شبكات التواصل الاجتماعي، أن اللقاء الذى تم بين أبناء قبيلة آل مرة وولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان في يونيو الماضي، كان السبب الأكبر في القرار الجديد بسحب جنسية 55 مواطنا قطريا، مؤكدًا أن أبناء قبيلته ملتزمين بضبط النفس.

فيما هاجم الشيخ سلطان بن فيصل بن شريم المري، في تصريحات صحفية منذ يومين، مزاعم الإعلام القطري بأن لقاء آل مرة مع محمد بن سلمان تم في مكان خاص بشكل سري، مؤكدا أن الاجتماع كان في الديوان الملكي بجدة وبمجلس عام كان فيه مجموعة كبيرة من مشايخ قبيلة المرة.

إذا قطر تواصل سياسات الانتقام حتى من أبناء شعبها، وتتراجع للوراء أكثر عوضا عن المواجهة
والدخول في مفاوضات مع دول الجوار الخليجي والعربي لإنهاء الأزمة المستمرة منذ ما يقارب الـ100 يوم، على خلفية دعمها للتطرف بالمنطقة.

هذه المرة يسدد النظام القطري سهامه نحو قبيلة آل مرة وهي قبيلة عربية عريقة، يقول عنها المؤرخ دونالد باول كول في كتابه “حياة آل مرة في الربع الخالي”، إن ما لمسته من ترحيب وصداقة من قبل قبيلة آل مرة جاء عكس الوصف الذي كنت قد قرأته عن البدو على أنهم متعصبون وصارمون من ذوي الشعور الطويلة وحملة الخناجر، كما جاء على عكس ما وصفت به منطقة الربع الخالي الصحراوية التي يسكنها آل مرة على أنها أرض الجنون والموت.

من هي “آل مرة”

لعبت آل مرة دورا بارزا في الحياة السياسية بالجزيرة العربية، إذ كانت تتمتع بنفوذ واسع ومكانة لا يستهان بها، في فترة الحكم العثماني حارب أبنائها إلى جانب الأمير سعود بن فيصل ضد العثمانيين لتحرير الاحساء والقطيف، وخاضوا معارك دامية مع الأتراك في معركة بقهدية، ومنذ عهد مؤسس قطر الشيخ قاسم بن محمد ومن تبعه من الأسرة الحاكمة ارتبطت آل مرة بعلاقة قوية بآل ثاني وساهمت في بناء الدولة القطرية كجزء من الشعب القطري.

ومع وصول حمد بن خليفة إلى سدة الحكم في التسعينيات من القرن الماضي، بدأ نظامه التشكيك في ولاء آل مرة له وتحديدا فرع “آل غفران”، هنا تذكر التقارير الصحفية أنه قام بحملة تشريد واسعة ضد آل غفران وطردهم إلى الحدود مع السعودية وقام بمصادرة أموالهم وحرمانهم من وظائفهم كافة، هذا فضلا عن قرارات الاعتقال والسجن التي صدرت بحق عدد منهم بدون محاكمات تذكر، وإمعانا في تشريد “آل غفرن” قامت السلطات القطرية باستبدال الوثائق التى تنص على أن “الغفران” قطريون، بأخرى تؤكد أنهم سعوديو الجنسية، وذلك دون وجود ما يثبت ذلك لدى الحكومة السعودية، وأمام هذه المأسأة قبلت المملكة بدخول آل غفران إلى أراضيها.

وفي 2004 تكررت المأساة وقام النظام القطري بإسقاط الجنسية عن عدد كبيرمن أبناء قبيلة آل مرة، وتشريدهم وتهديدهم بالاعتقال في حال عدم الاستجابة للأوامر وهجر منازلهم، وجاء هذا التعسف أيضا تحت عنوان “أزدواج الجنسية”، على الرغم من أن العديد من العائلات في قطر مازالت تحتفظ بجنسيات أخرى مثل السعودية والبحرينية، ولم يتخذ ضدها هذه الإجراءات التعسفية.

وفي 2005 ناشدت اللجنة الدولية للدفاع عن المتضررين والمهجرين القطريين من آل غفران، في بيان أصدرته في لندن، أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة دفع الظلم الذي لحق بمواطنيه من قبيلة آل مرة ورد اعتبارهم، داعية كافة الشرفاء إلى مناصرة إخوانهم من آل غفران ضد الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان الذي تعرضوا له.
الواقع أن “آل مرة” لا تقف وحدها في مواجهة نيران التمييز العنصري، ولن تكون الأخيرة في صفوف ضحايا الأزمة التي يعيشها النظام القطري.

ربما يعجبك أيضا