بعد زيارته لبرلين وباريس.. «تميم» يفشل في انتزاع مواقف داعمة

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

جاءت زيارة أمير قطر إلى برلين وباريس، أمس الجمعة، لما تمثله هذه العواصم من أهمية بزعامة الاتحاد الأوروبي، وظنًّا من قطر بأنه يمكن لها أن تحصل على موقف داعم لها في الأزمة القطرية، انتهت الزيارة، بتأكيد ميركل على ضرورة جلوس قطر حول طاولة المفاوضات، وعدم حصول أمير قطر على موقف داعم من باريس أيضا.

ودعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل -خلال زيارة لأمير قطر- الشيخ تميم إلى برلين، أمس الجمعة، والدول المقاطعة لها إلى الجلوس حول طاولة واحدة، بعيدا عن الإعلام، لحل الأزمة المتفاقمة.

برلين هي المحطة الثانية لجولة أمير قطر الأوروبية التي بدأها في تركيا واستكملها في فرنسا، في أول رحلة خارجية له منذ اندلاع الأزمة في يونيو 2017.

وقالت ميركل -في مؤتمر صحافي مع أمير قطر- “نشعر بقلق حيال حقيقة أنه بعد مرور 100 يوم على بدء الأزمة لا يوجد حل في الأفق”، مضيفة “ناقشنا ضرورة أن تجلس كل الأطراف حول طاولة واحدة في أقرب وقت ممكن”.

وكان ماكرون قد استقبل أمير قطر قادما من برلين يوم 15 سبتمبر 2017 إليه من برلين في إطار جولة أوروبية يختتمها بزيارة باريس.

الاستخبارات الألمانية تكشف دعم قطر للجماعات المتطرفة في أوروبا

تتواصل ألمانيا عبر أجهزة مخابراتها، التعبير عن مخاوفها إزاء دعم غير مباشر تتلقاه جماعات متشددة من أفراد يعيشون في قطر.

وكشفت تقارير إعلامية عام 2016، عن تزايد الدعم المقدم للسلفيين في ألمانيا من قطر، وفقا لما جاء في تقريرٍ لأجهزة الاستخبارات الألمانية.

وكشفت صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية، ومحطتا “إن دي آر” و”دبليو دي آر”، أن جهاز الاستخبارات الخارجية “بي إن دي”، وهيئة حماية الدستور، كتبا في تقرير أولي إلى الحكومة الألمانية، أن منظمات من دول خليجية، أقامت مساجد ومؤسسات تعليمية، كما أنها أرسلت دعاة إلى ألمانيا لنشر النسخة الأصولية من الإسلام.

وأكد تقرير لإذاعة صوت ألمانيا “دويتشه فيله”، أن قطر احتضنت الجيش الإلكتروني لداعش، ووصف الدوحة بأنها أكبر حاضنة لحسابات أنصار التنظيم الإرهابي على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث أظهر تحليل حسابات “تويتر” في قطر أن في كل ثانية تصدر تغريدة تحمل خبراً داعماً ومؤيداً لداعش، وأن 50 بالمائة من تغريدات قطر تدعم وتساند التنظيم الإرهابي.

وكشف رئيس الاستخبارات الألماني السابق “أوغست هاننغ” الذي قضى سبع سنوات على رأس واحد من أقوى أجهزة الاستخبارات في العالم بين عامي 1998 و2005، أن قطر تمول مساجد يديرها متطرفون في أوروبا تعمل على تجنيد الشباب للقتال إلى جانب “داعش” وتنفيذ عمليات إرهابية في أنحاء أوروبا.

وطالب “أوغست هاننغ” بضرورة وقف تمويل المساجد التي تروج للتطرف في أوروبا كجزء من جهد مكافحة الإرهاب في الدول الأوروبية، ذاكراً قطر بالاسم على أنها من الممولين الرئيسيين لهذه المساجد.

وأكد “هاننغ” أن لديه معلومات عن تمويل قطر التي وصفها بالدولة الصغيرة الغنية لعشرات المساجد المتطرفة في أنحاء أوروبا من ألمانيا إلى الدول الاسكندنافية مروراً بإسبانيا وفرنسا وبريطانيا.

وكشف “غابرييل” وزير الخارجية الألماني لراديو “ديوتسكلاندفونك” الألماني أن هناك  عرض من قطر على “كشف جميع أوراقها” لأجهزة الاستخبارات الألمانية إذا كانت لدينا أسئلة حول بعض الأشخاص أو الهياكل”.

ويعتقد أن الدوحة وضعت نفسها في ورطة جديدة بقبولها وجود الاستخبارات الألمانية للتحري عن علاقتها بالإرهاب، فان اعتقاد الدوحة أن الاستخبارات الألمانية ستتعامل مع المعلومات والوثائق الدامغة بتورط الدوحة في الإرهاب من قبيل عدم المهنية والمراوغة السياسية هو ضرب من التصور القاصر.

الاستثمارات القطرية في ألمانيا

يبلغ حجم الاستمارات القطرية في ألمانيا أكثر من 25 مليار يورو، هذا بالإضافة إلى أن قطر من أهم الأسواق العربية بالنسبة لألمانيا، وتوجد استثمارات قطرية كبيرة في ألمانيا، منها على سبيل المثال 3 بالمائة في شركة بورش الألمانية، وحصص في بنوك ألمانية رئيسية.

ويعتبر الصندوق السيادى القطري ثالث أكبر مستثمر فى شركة “فولكس فاجن” الألمانية للسيارات، بعد عائلة “بروتشى” وولاية “سكسونيا السفلى” الألمانية، كما تمتلك قطر حصة قيمتها 9 مليارات دولار في شركة صناعة السيارات الألمانية الشهيرة، ومن ضمن الاستثمارات القطرية الضخمة، امتلاك الصندوق القطرى نسبة 13% فى مجموعة “Tiffany &Co” العالمية، وقيمتها 1.4 مليار دولار، واستحوذ الصندوق على حصة 9% من شركة “Glencore” الألمانية و21% من أسهم شركة “سيمينس” الألمانية أيضا.وكان قد ضخ رئيس الوزراء القطرى السابق السابق “حامد بن جاسم آل ثانى” 1.75 مليار يورو فى بنك “دويتشه” الألمانى عام 2014.

النتائج

لقد جاءت زيارة أمير قطر إلى ألمانيا وفرنسا، محاولة منه لتخفيف الضغوطات الدولية وربما محاولة منه للسعي لكسب مواقف داعمة له في مواجهة الأزمة القطرية.

تصريحات المستشارة الألمانية ميركل خلال المؤتمر الصحفي، كانت متحفظة جدا واحتفظت ربما بمسافة واحدة من أطراف الأزمة، محاولة منها للنأي بنفسها عن أي تدخلات.

وذكرت تقارير محدودة التداول، بأن ألمانيا حاولت أن تلعب دور الوساطة، باتصالها في المملكة العربية السعودية، لكن الطلب الألماني رفض. يذكر أن ألمانيا أعلنت أكثر من مرة أنها لا تريد أن تلعب دور الوسيط.، وأن الانتقادات للحكومة الألمانية ووزير خارجيتها من الحزب الاستراكي غابريال، جاءت على صفحات دير شبيغل الألمانية، والتي تطالب ألمانيا بأن تبتعد عن قطر.

مازال عرض قطر باستعدادها لكشف ملفاتها أمام الاستخبارات الألمانية، خبرا، لا يصل إلى أي اتصال أو اتفاق حول هذا الموضوع، والذي يعتبر محاولة لإنقاذ قطر من أزمتها.

الاستخبارات الألمانية تتمتع بمهنية، وهي لاتريد أن تزج بنفسها في هذه القضية، بسبب كم التقارير والوثائق التي تثبت تورط قطر في احتضان الجماعات والتنظيمات المتطرفة والمطلوبة على قوائم أممية، وما عدا ذلك لم تشهد أي اجتماعات أو تطورات فنية على سبيل المثال زيارات لمسؤوليين من الاستخبارات بين البلدين أو غرفة عمليات ولجان فنية لتنفيذ ذلك، وهذا يعني أن جميع من يتحدث عن ذلك هو في حكم الطموحات.

الاستخبارات الألمانية، تشهد رقابة شديدة من “البندستاغ”، البرلمان الألماني وتخضع جميع انشطتها الى المراجعة، والمانيا حريصة جدا بايجاد اتفاقات امنية خارج حدود المانيا، وهذا سبب استجواب اجهزة الاستخبارات الالمانية بين حين واخر من قبل البرلمان الالماني.

يذكر أن المانيا وقعت مذكرة تفاهم امني مع المملكة العربية السعودية، على هامش قمة العشرين 2017، ليؤكد حرص برلين على التعاون وتبادل المعلومات مع الرياض.

 يبقى المال القطري في ألمانيا ربما وراء تحفظ الحكومة الألمانية من توجيه الانتقادات الشديدة الى قطر، خاصة أن الزيارة جائت قبل أيام من موعد الانتخابات الالمانية.

الأهم في الزيارة، أن ألمانيا أكدت أن حل المشكلة جلوس قطر حول طاولة المفاوضات مع الدول الخليجية إلى جانب دولة مصر، لتؤكد برلين أن قطر ليس بوسعها انتزاع مواقف جديدة من الحكومة الألمانية، وأن الأزمة يبقى حلها في إطار مجلس التعاون الخليجي.

*باحث في قضايا الإرهاب والاستخبارات*

ربما يعجبك أيضا