‏”الفيتو” والعضوية الدائمة.. أبرز المطالب الدولية العاجلة لإصلاح مجلس الأمن ‏

حسام السبكي

حسام السبكي

مطالبات عديدة ونداءات متكررة تصاعدت وتيرتها في الساعات القليلة الماضية، من أجل إصلاح النظام القائم في مجلس الأمن الدولي، الذي يمر على تأسيسه نحو 73 عامًا، وما تزال القوى الكبرى مهيمنة على مواقعها الخمسة الأهم والأبرز داخل المنظمة الدولية، وهي الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، والتي لها الحق في إبداء الاعتراض على قرارات المنظمة الدولية دون ذكر الأسباب، وهو ما يُعرف بـ”حق الفيتو”، والتي تسببت في فشل مجلس الأمن الدولي في الخروج بقرارات حاسمة أو مُلزمة لبعض الدول العدائية.

في التقرير التالي، نتناول أبرز ملامح المطالبات المتكررة والمتصاعدة بشأن إصلاح مجلس الأمن الدولي، كما نشير إلى أهم سلبيات المجلس وأبرز القرارات الفاشلة والعاجزة عن ردع بعض الكيانات المتمردة، ونستعرض سويًا تاريخ تأسيس المنظمة وأهم المحطات في مسيرتها الدولية.

مطالبات جديدة بإصلاح مجلس الأمن

عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الساعات القليلة الماضية اجتماعًا موسعًا، ضم أعضاء المنظمة الدولية البالغ عددهم 193 دولة، حيث طالبت العديد من الدول، وفي مقدمتهم “ألمانيا واليابان والهند والبرازيل”، بإصلاح عاجل لمجلس الأمن الدولي، والذي لم تتغير تشكيلته، وطريقة عمله منذ ‏الحرب العالمية الثانية، حيث شددت الدول الأربع على ضرورة إصلاح مجلس الأمن بأسرع وقت حتى تصبح هذه الدول أعضاء دائمة ‏فيه.

وقد وجهت دول أخرى أعضاء في الأمم المتحدة دعوتها إلى منح مقاعد دائمة لدول عربية وأفريقية.

ومن المفيد هنا أن نؤكد، أن تلك المطالب الجديدة، تترافق مع دعوات لإصلاح حق النقض (الفيتو) لمنع استخدامه في حالات الفظائع على نطاق ‏واسع.

ونددت منظمتا العفو الدولية و”هيومن رايتس ووتش”، الجمعة، بهذا الوضع. وصرح ‏وزير الخارجية الفرنسي جان باتيست لوموان “نحن بحاجة إلى مجلس أمن قادر على ‏اتخاذ إجراءات مناسبة وفعالة دون أن يجد نفسه مشلولا بسبب استخدام الفيتو في ‏حالات ارتكاب فظائع على نطاق واسع”.‎‎

يشار إلى أن مسألة إصلاح نظام مجلس الأمن الدولي وتطويره، تراوح مكانها منذ سنوات، فمجلس الأمن يتألف من 15 عضوا هم خمسة دائمو العضوية ويتمتعون بحق النقض (الفيتو)، هم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، وعشر دول غير دائمي العضوية، يشغلون المنصب بشكل دوري كل عامين.

مجلس الأمن.. مناشدات التغيير

لم تكن المحاولات الأخيرة للدول الأربع “ألمانيا واليابان والهند والبرازيل” هي الوحيدة من نوعها في هذا السياق، فقد سبقتها قبل عامين، مطالبات من المجموعة العربية، داخل الأمم المتحدة، حيث أكدت المجموعة، أن مسألة إصلاح مجلس الأمن وإيجاد فرص تمثيل عادلة فيه، هي إحدى الركائز الأساسية لعملية الإصلاح الشامل للمنظمة الدولية.

في هذا السياق، أشار مندوب الكويت في الأمم المتحدة “منصور عياد العتيبي” أنه “بعد مرور أكثر من 20 عاماً على المناقشات الرامية لتوسعة عضوية مجلس الأمن وتحسين أساليب وطرق عمله، بات من الأهمية الدفع بعملية إصلاح مجلس الأمن في وجود إجماع بين الدول الأعضاء على مبدأ التغيير والإصلاح، بعد مرور 70 عاماً على إنشاء الأمم المتحدة وتغير الواقع الدولي على نحو كبير منذ ذلك الحين”.

وانتقد العتيبي استخدام الدول الخمس الدائمة العضوية حق النقض (فيتو) في حالات عدة، ما ساهم في تآكل صدقية عملية اتخاذ القرار في مجلس الأمن، وأدى فى بعض الحالات إلى عجز المجلس عن القيام بمسؤولياته، واتخاذ التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين.

وأكد أن الدول الأعضاء في “جامعة الدول العربية” تطالب بتمثيل عربي دائم بكامل الصلاحيات في فئة المقاعد الدائمة في حال أي توسيع مستقبلي للمجلس، مضيفاً أن “الدول العربية تطالب أيضاً بتمثيل عربي متناسب في فئة المقاعد غير الدائمة”.

كما خاضت كل من المكسيك وفرنسا تجربة مشابهة للتجربة العربية على صعيد المطالبة بإصلاح عاجل للمنظمة الدولية، فقبل أربع سنوات، دعت الدولتان إلى إصلاحٍ حقيقي لحق النقض لمنع استخدامه في حالات الفظائع على نطاق واسع، ونتيجة لهذا الحق ‏الذي استخدمته روسيا وجد مجلس الأمن الدولي نفسه مرات عدة عاجزا عن التدخل ‏في النزاع السوري.‎‎

في عام 2009، وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعا الرئيس الفرنسي الأسبق “نيكولاس ساركوزي”، إلى ضرورة (بلورة) إدارة عالمية جديدة، مشيرًا إلى أهمية توسيع دائرة الأعضاء الدائمين وغير الدائمين في مجلس الأمن، مضيفًا أنه “من غير المقبول ألّا يكون للقارة الأفريقية عضو دائم في مجلس الأمن، أو أن تُستبعَد قارة أميركا الجنوبية مع هذه القوة الكبرى التي اسمها البرازيل، أو الهند وعدد سكانها مليار (نسمة)، أو أيضاً اليابان أو ألمانيا”.

قرارات مجلس الأمن.. بين الشجب والتنديد

لم تتجاوز معظم قرارات مجلس الأمن الدولي، حدود الشجب والإدانة لبعض الحوادث، تركزت غالبيتها على الصراع العربي الإسرائيلي، والتي اكتفت بالشجب والتنديد، ولم تصل إلى حد فرض عقوبات رادعة، باستثناء إيران وكوريا الشمالية، التي أعدتهما المنظمة الدولية، من الدول المارقة، والتي بالفعل ضربت بقرارات مجلس الأمن عُرض الحائط، حتى تمكنت الأولى من توقيع اتفاق نووي في عام 2015، قبل أن تنتهكه، أمس الجمعة، باستعراض صاروخ باليستي جديد عُرف باسم “خرمشهر” البالستي الذي يبلغ مداه 2000 كيلومتر، وقادر على حمل رؤوس نووية.

أما كوريا الشمالية، فرفضت وتواصل التحدي لكل القرارات الدولية، وكأنها غير معنية بها، وكان آخر أشكال التحدي، في الأسبوع قبل الماضي، بإطلاق ثاني صاروخ باليستي لها يمر فوق الأراضي اليابانية، الأمر الذي اضطر 3 شركات طيران أوروبية، لتغيير مسار رحلاتها فوق اليابان، بسبب الصواريخ الكورية الشمالية.

أما كيان الاحتلال الإسرائيلي، فقد دأب على الضرب بقرارات مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، عُرض الحائط، هذا في حال مرورها من “الفيتو الأمريكي” شبه الدائم، ضد أي قرارات تصدر بحق الكيان المُحتل.

تاريخ تأسيس مجلس الأمن الدولي

يرجع تأسيس مجلس الأمن الدولي، كأحد الأجهزة الرئيسية التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، في 24 أكتوبر عام 1945، وقد عقد مجلس الأمن جلسته الأولى في 17 يناير عام 1946 في تشيرتش ‏هاوس، ‏وستمنستر، بلندن، ومنذ ذلك الاجتماع الأول، أصبح الموقع الدائم لمجلس ‏الأمن في مقر الأمم ‏المتحدة بنيويورك.

يتكون المجلس من خمسة أعضاء دائمين ولهم حق النقض (حق الفيتو) وهم الاتحاد الروسي، والصين، وفرنسا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، ويعود سبب حصولهم على المقاعد الدائمة لانتصاراتهم التي تحققت في الحرب العالمية الثانية، وستة أعضاء غير دائمين قبل أن يتم زيادة العدد إلى عشرة أعضاء عام 1965 عندما تم تعديل ميثاق الأمم المتحدة.

تنتخب الجمعية العامة للأمم المتحدة الأعضاء غير الدائمين في المجلس لفترات مدة كل منها سنتان يتم تبديل خمسة أعضاء كل سنة، اختيار الأعضاء الغير دائمين يتم من قبل الأعضاء الخمسة الدائمين في المجلس وتتم الموافقة عليها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة.
* تعتبر من أبرز المحطات في التاريخ الحديث لمجلس الأمن الدولي، في عام 2013، مع رفض المملكة العربية السعودية القبول بالعضوية غير الدائمة في المجلس، حيث أصدرت الخارجية السعودية بيانًا عللت فيه الرفض بالقول “إن المملكة ترى أن أسلوب وآليات العمل وازدواجية المعايير الحالية في مجلس الأمن تحول دون قيام المجلس بأداء واجباته وتحمل مسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم العالميين”، وأشار البيان إلى بقاء القضية الفلسطينية بدون حل وفشل المجلس في إخلاء منطقة الشرق الأوسط من جميع أسلحة الدمار الشامل بسبب الفشل في إخضاع البرامج النووية لجميع الدول للمراقبة دون استثناء أو الحيلولة دون سعي أي دولة لامتلاك الأسلحة النووية.

من جانبها، انتقدت روسيا الخطوة السعودية حيث قالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، إن هذا الرفض “يعني تخلي السعودية عن العمل الجماعي في إطار المجلس على الحفاظ على السلام والأمن في العالم”.

أما فرنسا فأعلنت أنها تشاطر السعودية إحباطها، وقالت: إن لديها مقترحًا لتعديل حق النقض، فيما اعتبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن القرار السعودي “شأن خاص”.

ربما يعجبك أيضا