فوز “ملكة التقشف”.. ميركل المسشارة الدائمة

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

نجحت ابنة “القس” التي نشأت خلف الستار الحديدي في ألمانيا الشرقية في المكوث أطول مدة في الحكم في أوروبا، بفوزها للمرة الرابعة لتكون على رأس أقوى اقتصاد أوروبي، وبات العديد من الألمان يطلقون عليها اليوم لقب “المستشارة الدائمة”.

وصفت المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل”، البالغة من العمر 63 عاما، بأنها “ملكة التقشف” و”زعيمة العالم الحر” الجديدة، فيما يرى فيها لاجؤون طوق نجاة لهم.

ميركل تدلي بصوتها

في صباح اليوم أدلت “ميركل” بصوتها في المركز الانتخابي الواقع بجامعة غومبولت في العاصمة برلين، الذي وصلت إليه برفقة زوجها يواخيم زاور، وغادرت ميركل المكان فور وضعها ورقة الاقتراع في الصندوق، دون الإدلاء بأي تصريحات صحفية.

وسبق أن شارك في الاقتراع منافس المستشارة الأقوى، زعيم الحزب الديمقراطي الاجتماعي، مارتن شولتز، وزعيم حزب “الخضر” جيم أوزديمير، إضافة إلى الرئيس فرانك فالتر شتاينماير، فيما قرر المرشح عن “الحزب الديمقراطي الحر”، كريستيان ليندنر، والمرشحان عن حزب “البديل من أجل ألمانيا” أليس فيديل وألكسندر غولاند، التصويت غير العلني.

وبخصوص نسبة مشاركة الناخبين في الانتخابات، أعلنت اللجنة الانتخابية الفيدرالية أنها بلغت 41.1%

وأضاف “ديتر زارايتر”، المفوض الانتخابي الفيدرالي، أن النتائج النهائية للانتخابات ستعلن بعد أسبوعين.

وأكد “زارايتر” أن اللجنة الانتخابية لم تتلق أي معلومات تشير إلى حدوث تدخلات خارجية كهجمات إلكترونية أو محاولات تلاعب في العملية الانتخابية.

ويبلغ عدد أصحاب الحق بالتصويت في هذا البلد الأوروبي 61.5 مليون من أصل 82.6 مليون نسمة، يمثل المسلمون بينهم نحو 5 ملايين.

ومن المقرر أن يجتمع البرلمان الجديد بعد 30 يوما على انتخابه، أما قرار تشكيل الحكومة الجديدة فيصدر بعد عدة أسابيع وربما عدة أشهر.

فوز المحافظين

فاز المحافظون الألمان بزعامة “ميركل” في الانتخابات التشريعية، وحصدوا ما بين 32,5 و33,5 في المئة من الأصوات وفق توقعات تلفزيونات عامة، فيما حقق اليمين القومي والشعبوي اختراقا تاريخيا.

وحل الاشتراكيون الديموقراطيون في المرتبة الثانية بـ20 إلى 21 في المئة، تلاهم اليمين المتشدد “13 إلى 13,5 في المئة” واليسار الراديكالي “9 في المئة” ثم الليبراليون والخضر بحسب تقديرات استندت إلى استطلاعات رأي لدى الخروج من مراكز الاقتراع بثتها قناتا “إيه آر دي” و”زد دي إف”.

انتكاسة

في انتخابات إقليمية العام الماضي عانى حزب “ميركل” المحافظ من انتكاسات لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، الذي استفاد من استياء العامة من قرار ميركل عام 2015 بترك الحدود الألمانية مفتوحة أمام أكثر من مليون مهاجر.

وجعلت هذه الانتكاسات “ميركل”، تفكر في عدم الترشح لولاية جديدة.

لكن هذا العام استطاعت “ميركل” السيطرة على مسألة المهاجرين وعادت شعبيتها إلى مسارها الصحيح الأمر الذي جعلها تطلق حملة انتخابية ضخمة تقدم فيها نفسها ركيزة للاستقرار في عالم مضطرب.

عالم مضطرب

في وجود “ترامب ” على رأس أقوى دولة في العالم ، وأزمة بريكست، بالإضافة إلى الأزمات العالمية، باتت ميركل تمثل ركيزة بلد حريص على الحفاظ على نموه الاقتصادي ومعدلات التوظيف التي يحسده عليها جيرانه.

نجحت “ميركل”، بفضل نهجها البسيط، في البقاء في السلطة في بلد ثري يتقدم سكانه في العمر ويفضل الاستمرارية على التغيير.

جريئة

رغم اتهامها بأنها تجنبت خوض تحديات، اتخذت ميركل قرارات جريئة ومفاجئة بدءا من التخلي عن مفاعلات الطاقة النووية بعد كارثة فوكوشيما في 2011 إلى فتح الأبواب أمام أكثر من مليون لاجئ منذ 2015، وكلفها تدفق اللاجئين الكثير على المستويين الوطني والأوروبي.

ولكن مع تراجع حركة الهجرة وتشديد سياسة اللجوء، تحسنت شعبيتها إلى مستوى ما قبل الأزمة لا بل بلغت مستوى جعل وسائل الإعلام تسخر من منافسيها من اليسار الوسط بصفتهم يخوضون مهمة سياسية انتحارية في مواجهة تقدمها.

وترفض ميركل عادة ذكر منافسيها بالاسم أو الخوض في جدل سياسي حاد ما جعل الحملات الانتخابية الأخيرة هادئة وأغضب منافسيها غير القادرين على توجيه اللكمات لها.

ولذلك هاجمها المرشح الاشتراكي الديموقراطي “مارتن شولتز” في يونيو 2017 واتهمها بالانتقاص من الديموقراطية، فقوبل بوابل من الانتقادات من طرف أنصارها.

سماها الكاتب في صحيفة “در شبيغل” ألكسندر اوسانغ حديثا “امرأة العنبر”، وقال: إنها مهيبة مثل “ابو الهول أو مغنية شهيرة أو ملكة”، وإن خطاباتها لها أثر “تنويم الحشود مغناطيسيا”.

ربما يعجبك أيضا