عضوية الإنتربول.. انتصار فلسطيني يفزع أمن المحتل

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

حققت دولة فلسطين، الأربعاء، الموافق 27 سبتمبر 2017 نصرًا جديدًا بعد التصويت بالأغلبية لصالح طلبها بالانضمام للجمعية العامة لمنظمة الشرطة الدولية “الإنتربول”.

وتسعى فلسطين بشكل دؤوب للرفع من مكانتها على المستوى الدولي والدفاع عن حقوق شعبها في الأمن والحرية بكل الوسائل الدبلوماسية والقانونية المتاحة وبما يشمل الانضمام للمؤسسات الدولية ذات العلاقة.

وقبلت منظمة الشرطة الجنائية الدولية “الإنتربول” فلسطين عضوا فيها بتصويت 75 دولة مع القرار، مقابل 24 ضد طلب العضوية الفلسطيني، وامتنعت 34 دولة عن التصويت، وذلك خلال اجتماع الجمعية العامة للمنظمة في بكين.

مهام الإنتربول

يشكل الإنتربول، ببلدانه الأعضاء، أكبر منظمة شرطية في العالم، ويتمثل دوره في تمكين أجهزة الشرطة بالعالم أجمع من العمل معا لجعل العالم أكثر أمانا.

وتساعد البنية التحتية المتطورة للدعم الفني والميداني التي تملكها المنظمة على مواجهة التحديات الإجرامية المتنامية التي يشهدها القرن الحادي والعشرون.

عزيمة وإصرار

في نوفمبر 2016، علّقت “الإنتربول” طلب فلسطين للانضمام إلى عضويتها، بعد أن صوت لانضمامها 56 عضوا، في حين صوت 62 عضوا بلا، وامتنع 37 آخرون عن التصويت.

واكتفى الفلسطينيون في العام الماضي بإلقاء الضوء على الطلب الفلسطيني ونجحوا هذا العام بإدراج طلب انضمامهم على جدول أعمال الجمعية العامة للانتربول من أجل التصويت عليه.

ويأتي اعتراف “الإنتربول” اليوم في أعقاب سلسلة من الاعترافات لمنظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة بفلسطين وأحقيتها في مدينة القدس.

إنفاذ للقانون

تنظر دولة فلسطين إلى هذه العضوية والمسؤوليات التي تترتب عليها بوصفها جزءًا لا يتجزأ من مسؤوليتها تجاه الشعب الفلسطيني والتزاما أخلاقيا تجاه مواطني العالم.

ورحب وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي بالقرار، مؤكدا أن التصويت الساحق لدعم عضوية فلسطين هو انعكاس للثقة في قدرات فلسطين على إنفاذ القانون والالتزام بالقيم الأساسية للمنظمة.

وأشار إلى أن هذا الانتصار تحقق بسبب الموقف المبدئي لأغلبية أعضاء الإنتربول الذين دافعوا اليوم عن السبب الوجودي لهذه المنظمة ومبادئها الأساسية، حيث رفضوا بشكل واضح محاولات التلاعب والتسلط السياسي.

وشدد المالكي على التزام دولة فلسطين بالوفاء بالتزاماتها والمساهمة في مكافحة الجريمة وتعزيز سيادة القانون على المستوى الدولي، وستعمل فلسطين مع جميع الأعضاء للنهوض بمكانة ودور الإنتربول وستكون شريكا بناءً ومتعاونا في هذا المسعى العالمي.

نصر دبلوماسي

يقول رئيس الإدارة العامة للأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة وحقوق الإنسان في وزارة الخارجية الفلسطينية عمر عوض الله، إن هذا النصر الدبلوماسي لفلسطين له أبعاد سياسية وفنية أقلقت وستقلق مضاجع المحتل الإسرائيلي.

ويضيف عوض الله في اتصال لـ”رؤية”: “بداية فإن هذا النصر يعني الدعم السياسي والأخلاقي من العالم أجمع للحق الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة ومحاسبة كل المسؤولين عن الانتهاكات والجرائم بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، وأن لا مفر من الاستمرار بهذه الجرائم”.

ويرى أن هذا النصر يعني ومنذ اليوم رفع ملفات العديد من القضايا المهمة، من ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وصولا إلى المهربين والقتلة والمحتالين وكل من يحكم عليه القضاء الفلسطيني بأنه انتهك القانون وحقوق لنسان.

ويؤكد أن العمل بعد هذا النصر لا يتوقف عند العمل مع “الإنتربول” فقط بل ويعني ايضا العمل مع العديد من المنظمات الدولية ذات العلاقة من بينها محكمة الجنايات الدولية خاصة فيما يتعلق بملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين.

صفعة للاحتلال

وخلال الأسابيع الماضية راهنت دولة الاحتلال على قدرتها في إفشال طلب انضمام فلسطين للشرطة الدولية، لكن نتيجة التصويت التي وصلت لـ75 دولة لصالح القرار، قلب كل حساباتها وأثار تخوفها بقدرة الفلسطينيين الآن على إصدار أوامر اعتقال لضباط وسياسيين إسرائيليين.

هذه الخطوة ستشجع فلسطين على إصدار قرارات لمحاكم قادة إسرائيليين شاركوا في تنفيذ جرائم قتل وحرق بحق الفلسطينيين، وكذلك المشاركة في كل الاجتماعات التي تتعلق بالإرهاب الدولي وخطط مكافحته السرية، ودور فلسطين الجديد سيتمثل في كشف الوجه الإرهابي للكيان الإسرائيلي أمام العالم.

يقول الخبير الفلسطيني في القانون الدولي، نافذ المدهون، إن فلسطين حصلت الآن على الفرصة الأكبر للبدء بملاحقة قادة الاحتلال الإسرائيلي المتهمون بجرائم حرب، ومن ثم كافة الهاربين من العدالة الفلسطينية.

ويرى المدهون أن انضمام فلسطين لـ”الإنتربول” ستكون له خطوات كبيرة جدا وهامة لصالح القضية الفلسطينية، بعد أن أفشل الاحتلال وأعوانه الانضمام للمؤسسة الدولية خلال السنوات الأخيرة، واليوم تحقق هذا النصر الكبير”.

ترحيب عربي

ولاقى قرار حصول فلسطين على عضوية الإنتربول، ترحيبا واسعا على كافة الأصعدة، حيث رحبت منظمة التعاون الإسلامي به، وثمن أمينها العام الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، مواقف الدول التي أيدت الحق الفلسطيني.

وأشار العثيمين إلى أن القرار يعد إنجازا سياسيا من شأنه ترسیخ مكانة ودور دولة فلسطین على الساحة الدولية، مؤكدا دعم المنظمة لمسعى دولة فلسطین للانضمام إلى المزيد من المعاهدات والمنظمات الدولیة.

كما رحبت جامعة الدول العربية بنتائج التصويت، وأكدت أنه انتصار للحقيقة والحق الفلسطيني ونجاح للنضال الفلسطيني والعمل العربي المنسق والمشترك.

بدوره طالب واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، بالابتعاد عن لغة الترحيب بانضمام فلسطين للانتربول الدولي، والتركيز الآن على كيفية استغلال هذه الخطوة الهامة في تحقيق انتصارات أخرى لصالح فلسطين.

وقال أبو يوسف “ما حققت فلسطين بالانضمام للشرطة الدولية يعد انتصار كبير صالح القضية الفلسطينية، ولكن هذا الانتصار يجب أن يستثمر بخطوات عملية توقف الاحتلال عن جرائمه التي يرتكبها بحق شعبنا بشكل يومي وممنهج”.

ارتباك إسرائيلي

وتوالت ردود الأفعال الإسرائيلية الغاضبة عقب قرار الإنتربول، حيث علق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالقول إن انضمام السلطة الفلسطينية لمنظمة الشرطة الجنائية الدولية “إنتربول” لن يمر دون رد.

وأضاف أن هذا القرار يشكل “ضربة قوية لجهود إطلاق مفاوضات السلام” بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مدعيا أنه يخالف الاتفاقيات التي وقعتها السلطة مع إسرائيل.

من جانبها وصفت وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني، قرار الإنتربول بـ”السيء للغاية”، ملقية في الوقت ذاته اللوم على حكومة نتنياهو والتي تتحمل المسئولية كاملة عن هذا القرار .

موقع “تايمز أوف إسرائيل”، علق قائلا إن إعلان الإنتربول اليوم بمثابة هزيمة دبلوماسية موجعة لإسرائيل، بعدما قبلت أكبر منظمة شرطة دولية فى العالم “دولة فلسطين”عضوا كاملا فيها.

أما صحيفة “يديعوت أحرونوت” فقالت إن إسرائيل تفاجأت بالقرار، مشيرة إلى أن التخوفات الإسرائيلية تنبع من أنه يحق لفلسطين ملاحقة أي مسئول إسرائيلي متهم بجرائم حرب أو ممارسة الإرهاب ضد الفلسطينيين.

وصحيفة “معاريف” العبرية أشارت إلى أن القرار يعتبر خسارة سياسية لإسرائيل وفشل للجهود الإسرائيلية والأمريكية التي بذلت في الفترة الأخيرة لمنع انضمام الفلسطينيين إلى هذه المنظمة.

ربما يعجبك أيضا